"يوميات كامل الشناوي": أن تعيش في حياة القراء

"يوميات كامل الشناوي": أن تعيش في حياة القراء

08 يونيو 2020
(كامل الشناوي وعبد الحليم)
+ الخط -

"لا وعينيك"، و"عدت يا يوم مولدي" لفريد الأطرش، "لا تكذبي" و"حبيبها" و"أنت قلبي" بصوت عبد الحليم حافظ، و"أحب عيشة الحرية" التي لحنها وغناها محمد عبد الوهاب، كلّها قصائد غنائية كتبها الصحافي والشاعر الغنائي المصري كامل الشناوي (1910-1965).

عاش الشناوي، وهو شقيق الشاعر مأمون الشناوي، في الوسط السياسي والثقافي والفني والصحافي، وامتلأت حياته بالقصص والحكايات التي نسجتها شبكة علاقاته الواسعة بين الصداقة والحب والفن، وقد صدرت يومياته مؤخراً عن "دار الكرمة"، وتضمّ يوميات نشرها أيضاً في صحف مصرية متعدّدة، من بينها: "أخبار اليوم"، و"الأخبار"، و"الجمهورية"، و"آخر ساعة"، و"الجيل"، جمعتها وحرّرتها الصحافية رحاب خالد، التي سبق أن نشرت كتاباً عن نجاة الصغيرة، التي تكثر الحكايات عن قصة حب الشناوي الكبير للمطربة التي أطلق عليها "الضوء المسموع".

تعكس يوميات صاحب "اعترافات أبي نواس" تأمّلات في كلّ شيء يحيط به ويحدث له دون أن تخلو من خفة الظل؛ وعنها يقول: "عندما أكتب اليوميات أحس أني أخاطب صديقًا أحبه ويحبني. فأنا أبثه شكواي، وأعرض عليه مشكلاتي، وأسرد له أهم ما صادفني في يومي، وأكون معه كما أنا، لا كما ينبغي أن أكون. فهو يراني ضاحكًا وعابسًا، يحس يأسي ورجائي، يشعر بقوتي وضعفي".

ويضيف: "ما دام الكاتب لا يتخلى عن صدقه، فهو يعيش حيًا في قرائه، ولو انطوى على نفسه. وإذا ما تخلى عن الصدق فهو لا يعيش في حياته، ولا يعيش في حياة القراء"، من هنا تمرّ في يومياته لحظات جمعت الكاتب بشعراء وفنانين ومطربين وسياسيين وصحافيين.

يعبّر مؤلف "الليل والحب والموت"، عن فهمه للحياة فيقول: "اتهمني أصدقائي بأني إنسان متشائم، أنظر إلى الحياة من خلال منظار أسود، أرى الورد والشوك معاً، فلا أفرح بالشوك لأن له ورداً، وأحزن للورد لأن له شوكاً. والواقع أني لا أريد أن أتفاءل أو أتشاءم، ولا أن أبكي أو أغني. وإنما أردت أن أعبر عن شعوري بالحياة فأنا أحياها ولا أعرف لماذا أحياها؟ إن الحياة مشكلة لم أستطع أن أحلها ولا أن أتجاهلها، ولا أقوى على مواجهتها ولا أدري كيف أفر منها".

أحدث اليوميات التي تضمّنها الكتاب، دوّنت في حزيران/ يونيو عام 1965، قبل أشهر قليلة من رحيله، فكتب "طال حنيني إلى التعبير عن مشاعري وأفكاري بالكلمة. فمنذ أصابني المرض في أواخر العام الماضي، وأنا أشعر بعجزي عن تسجيل انفعالاتي بالألفاظ والحروف. كم من خاطر يختلج في نفسي فأحاول أن أجعل له وجوداً بأن أعبر عنه، فإذا تعبيري ناقص وغامض. وقد أفهم التعبير برغم نقصه أو غموضه، ولكن صعوبة ليست في أن يفهم الكاتب ما يكتب، وإنما الصعوبة في أن يفهم القراء ما يعنيه الكاتب لكي يعيشوا معه أحاسيسه وخواطره. فمن غير هذه المشاركة العاطفية والفكرية بين الكاتب والقارئ، تصبح الكتابة صوتاً بلا صدى".أم كلثوم والشناوي (أقصى اليمين)

كان الشناوي ضخماً وتسبب له حجمه في مراهقته بالتعرّض إلى السخرية والتنمر، ويكتب عن ذلك في يومياته: "بدأت أفضّل الشارع الخالي من المارة، والدكان الخالي من الزبائن، والقهوة الخالية من الرواد، ولكن هذا النقص الذي شعرت به هو الذي دفعني إلى الرغبة في التفوق من أجل أن أتميز بشيء عن باقي الأطفال. وكانت العزلة هي فرصتي في تنمية حبي الذي ظهر نحو القراءة والأدب والشعر بوجه خاص". وينقل عنه سخريته من نفسه: "أنا في الشجاعة سبعة من عشرة، وفي الحب عشرة من عشرة، وفي الشكل صفر من عشرة".

دلالات

المساهمون