"هوم" لـ رأفت الزاقوت: حكاية بيت في منبج

"هوم" لـ رأفت الزاقوت: حكاية بيت في منبج

03 أكتوبر 2015
(من الفيلم)
+ الخط -
في باكورة أعماله السينمائية "هوم" (70 د، 2015)، يستعرض الممثّل والمخرج المسرحي السوري رأفت الزاقوت (1977) رحلته إلى مدينة منبج في شمال سورية.

هناك، يلتقي بعدد من أصدقائه الذين أسّسوا مركزاً للنشاطات الفنية بعنوان "هوم". إذن؛ "هوم" هو أحد البيوت العربية التي حوّلتها مجموعة من الشبان إلى فضاء للنشاطات الثقافية في المدينة التي سبق لمخرج مسرحية "قصة حديقة الحيوان" أن زارها زمن الاحتجاجات السلمية، وقدّم فيها عرضاً في الهواء الطلق بين حشود المتظاهرين.

ستشكّل الزيارة الأولى مادة أولية، يعتمد عليها الزاقوت للدخول إلى فيلمه الوثائقي الذي سيُعرض في السادس من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري في "مترو المدينة" في بيروت.

لا تنفصل المادة الأولى عمّا سيأتي في الفيلم لاحقاً. فإضافة إلى كونها تساهم في تعزيز حضور الزاقوت كشخصية فاعلة في البناء الدرامي، تعزّز، وبدرجة أكبر، حضور حكاية غالباً ما يتم التعامي عنها عند الحديث عمّا يحدث على الأراضي السورية. رويداً رويداً، نبدأ بالتعرف إلى الحراك في المدينة التي نشأ فيها رائد المسرح السوري فواز الساجر.

صحيح أن الحكاية معروفة للجميع، وترتيبها يُعدّ من البديهيّات أصلاً؛ إلا أن الوثيقة المُصوّرة تكتسب قيمتها إن احتوت على عوامل الصراع وأسبابه ونتائجه، لتقدّم الشرط الأساسي للعمل الفني؛ أي الدعوة إلى التفكير والتحليل. وهي إن تمّ تقديمها بغير ذلك، ستكون مجرّد خطاب سياسي مباشر يضرّ بالقضية المطروحة، أكثر ممّا يخدمها.

بالعودة إلى شريط "هوم"، نجد الزاقوت في بيروت يعرض لأصدقائه المادة التي صوّرها في منبج؛ إذ يتحمس اثنان منهما للمشروع. يبدأ المسرحيون الثلاثة نقاشاتهم وتحضيراتهم للعرض الذي سيقدمونه للناس في المدينة السورية التي ساء حالها كثيراً عما كانت عليه في الزيارة الأولى؛ فبراميل طائرات النظام لا ترحم ناسها وبيوتها من الأعلى، وعناصر "داعش" باتوا على مشارفها.

يتّجه المسرحيون الثلاثة إلى الشمال السوري ليعملوا مع أبطال الفيلم (مؤسّسي فضاء "هوم"). هناك، ترصد كاميرا الزاقوت حياة الشبان داخل مشغلهم الفني. نتعرف تدريجياً، أثناء علو النقاشات خلال التحضيرات، إلى أحمد (راقص باليه) وتاج (أستاذ رسم) وصديقهما محمد، المقاتل في صفوف "الجيش الحر".

وفي الوقت نفسه، يرتاد العشرات من أبناء المدينة الفضاء "هوم"؛ حيث يحضر في الجلسات شاب مصاب وآخر متزوّج حديثاً. يصل المشهد إلى ذروته، عند ارتياب الحاضرين في أن أحد عناصر "داعش" موجود في إحدى الجلسات.

من الفيلم


كل ما سبق، ساهم في إزالة الحدود بين داخل "هوم" وخارجه. كما أكّد مشهد العرض المسرحي، الذي سيأتي لاحقاً، على مقولة الفيلم: توافد الناس إلى المكان أشار إلى أن إمكانية التلاقي تظلّ قائمة، رغم كل المصاعب الموجودة. تماماً، كما في الزيارة الأولى التي وثّقها المخرج.

في نهاية الفيلم، تتبع كاميرا الزاقوت مصائر شخصياته التي اضطرّت إلى مغادرة البلاد، فتبدو المآلات الفردية صورة عن المصير العام. أُجبر مؤسّسو "هوم " على تركِ فضاء عبّرت عنه صورة مرّرها المخرج في عمله: عريشة عنب تصطفّ تحتها كراسي بلاستيكية متقابلة ومختلفة الألوان والاتجاهات، وهي التي تشغل المساحة الأكبر من الصورة.

في العمق الأيمن من الكادر، يبرز جدار حجري يصل الأرض بالسماء.. أمام الجدار أشجار وكرسي مخلوع. في العمق الأيسر، يمكن رؤية جزء من السماء وتحتها جدران مضاءة ومطلية بألوان مختلفة، ودرفة باب مفتوحة على البيت من الداخل.

المساهمون