"ملتقى المقاهي الثقافية": فضاءات للمتن والهامش

"ملتقى المقاهي الثقافية": فضاءات للمتن والهامش

03 فبراير 2018
"المغاربة" لـ هنري ماتيس
+ الخط -

انطلق أمس "الملتقى الوطني للمقاهي الثقافية" ويتواصل اليوم في مدينة سيدي يحيى الغرب، حيث تقام دورته السابعة هذا العام. ومن المقرر أن يعلن في ختام فعاليات اليوم عن اتفاقية بين "شبكة المقاهي الثقافية في المغرب" ووزارة الثقافة بهدف تفعيل التنمية الثقافية ودعم الأنشطة والتظاهرات التي تقيمها الشبكة.

يحضر الملتقى 28 مقهى أدبياً، وهذا عدد كبير إذا ما قيس بأن انطلاق فكرة هذه المقاهي ليس بعيداً، بشكلها الحالي كفاعل ثقافي أو صالون أدبي مفتوح طيلة العام، والتي كانت بدايتها مع "المقهى الأدبي" الذي أسسته جمعية "الشعلة" في حي المنال في الرباط، قبل أن تتوسع الحالة وتقوم أحياء ثم مدن مختلفة بتأسيس مقاهيها وتلقى الدعم من "اتحاد الكتاب" في المغرب، أو من نوادٍ اجتماعية في هذا الحي أو ذاك، ومن هذه المقاهي "طلة" في الرباط، و"القصر الذهبي" في الدار البيضاء، و"لاكوميدي" في فاس، ومقهى "الياقوت" في القنيطرة، و"المقهى الأدبي" في آسفي.

الفكرة بدأت في الأساس من هيمنة الشللية الثقافية، وتراجع دور الفضاءات التقليدية وجمودها، من هنا تمثل مساحة المقهى مكاناً مناسباً للتجارب الجديدة والمغايرة، أو تلك التي لا يلتفت إليها في مناطق مهمشة على صعيد المكان أو حتى على صعيد النتاج الأدبي نفسه، الذي قد يقع هو الآخر ضمن منطقة الهامش التي يصنعها الوسط الثقافي في كل مكان.

عن ذلك يقول الروائي المغربي مصطفى لغتيري في حديث لـ "العربي الجديد"، إنه ونتيجة "للإقصاء الذي تعاني مجموعة من الأصوات الإبداعية خاصة الشابة منها، وفي غياب احتضان حقيقي من المؤسسات الثقافية للأقلام الجديدة بادر عدد من المبدعين ألى تأسيس مجموعة من المقاهي الثقافية، التي كان الهدف من إنشائها جمع شتات المبدعين وتنظيم بعض الندوات وتوقيع الإصدارات الجديدة".

يضيف "منذ البداية راهن المؤسسون على الاختلاف خاصة على مستوى الفضاءات التي يقيمون فيها أنشطتهم، إذ يعد المقهى الذي يشكل فضاء غير تقليدي بحكم نوعية الرواد الذين يرتادونها، تصوّراً مختلفاً للفعل الثقافي وامتداداته، ينفتح معه الكتاب الأدبي على أفق جديد وقرّاء جدد مفترضين، مما يعني أن الكتاب يغادر فضاءاته التقليدية كالمكتبة والجامعة وقاعات الندوات الباردة ليحط الرحال بفضاء مختلف، فاتحا بذلك أحضانه للجميع، ولا ينتظر في ردهات المكتبات لمن يأتي وينقذه من برودة الرفوف".

يتابع صاحب "تأملات في رحلة الأدب"، إن تسميات هذه المقاهي تنوّعت، "فمن المؤسسين من احتفظ باسم المقهى الثقافي ومنهم من اختار اسم الصالون الأدبي. والملاحظ أن الظاهرة غزت كثيراً من المدن المغربية خاصة تلك التي تعاني من التهميش وما أكثرها".

حول تقييمه لهذه التجربة، يقول لغتيري "استطاعت بعض هذه التجارب أن تحقق إنجازات مشهودة، بعد أن غدت قبلة للمثقفين والكتاب من مختلف المشارب والأجيال، تذيب بعض الجليد الذي يحيط بخاصرة الإبداع، بعد الانتكاسة التي عرفها "اتحاد كتّاب المغرب" ونكوص أصوات بعض الجمعيات الثقافية التي لم تعد قادرة على مسايرة التحوّلات التي يعرفها المجتمع بما فيه الفعل الثقافي الذي أضحى يأنف من النمطية والتقليد".

لكن الروائي المغربي يستدرك "رغم هذه الحركية الملفتة نجد وزارة الثقافة عاجزة عن احتضان هذه المقاهي بالدعم ألمباشر أو غير المباشر، مما يجعلها في نهاية المطاف مجهودات فردية غالباً ما تنتهي بنهاية أصحابها أو مؤسسيها".

يذكر أن الملتقى ينظم اليوم معرضاً للتشكيليين محمد لحميدي وعزيز التونسي ونعيمة اشركوك، كما تقام ندوة تناقش تجارب المقاهي الأدبية منذ انطلاقها إلى اليوم.

وكذلك يجري تقديم العرض الأول لمسرحية "رماد.. يقين" التي اقتبستها "فرقة مسرح سيدي يحي الغرب" عن مجموعة شعرية تحمل العنوان نفسه للشاعر محمد بلمو.

دلالات

المساهمون