"ما وراء الشمس".. الدراما التركية المُتقنة

"ما وراء الشمس".. الدراما التركية المُتقنة

20 مايو 2016
مشهد من مسلسل "ما وارء الشمس" (MBC)
+ الخط -
يحظى المسلسل التركي "ما وراء الشمس"، والمدبلج إلى العربية، بمتابعةٍ جماهيريّة عالية، على قناة MBC، وعلى قنوات مواقع التواصل الاجتماعي وبث الفيديو على الانترنت. فعلى الرغم من أن أبطال المسلسل لا يتمتعون بالجمال الشكلي الذي اعتدنا عليه في المسلسلات التركية المدبلجة الأولى، مثل مسلسل "مهند ولميس"، و"العشق الممنوع"، إلا أن المسلسل استطاع أن يكون في فترة زمنية قصيرة، الخيار الأول الذي يطرحه محرك البحث "غوغل"، عندما تكتب عبارة "مسلسل تركي". ويعود ذلك للعديد من الأسباب، ومنها:
أوَّلاً، يسلِّط المسلسل الضوء على مشاكل المراهقين وحياتهم النفسيَّة، ويركّز على مواضيع حسّاسة وشيّقة، كالعاطفة، والتمرّد على الآباء واكتشاف الذات، وهي مواضيع غير مسبوقة في الدراما التركية المدبلجة للعربية. ولاقى المسلسل رواجاً كبيراً، لأن المواضيع شيقة وتجذب المراهقين، الذين يشكلون شريحة كبيرة من جمهور المسلسلات التركية.

ثانياً، القضية الرئيسية التي يعالجها المسلسل، هي الصراع بين العاطفة والواجب (واجب الأخوة)، وهي من أقدم القضايا في الدراما والمسرح الكلاسيكييَن. وأثبتت نجاحها وشعبيتها منذ مسرحية "هيبوليتوس" للكاتب الاغريقي، يوربيدس، وحتى مسرحية "السيد" لبيير كورني في عصر الكلاسيكية الحديثة، ومئات الأعمال اللاحقة، ولاتزال هذه القضية تحتفظ بسحرها.
ثالثاً، تتناوبُ جميع الشخصيَّات على لعب دور البطل والبطل المضاد. ففي البداية، نتابع الأحداث من منظار زينب، ويبدو كرم لوهلةٍ، وكأنّه يؤدي شخصيّة الشر المطلق. وتختلف زاوية الرؤية فيما بعد، لنشاهد كرم يلعب دور البطل، وتتناوب جميع الشخصيَّات الرئيسية على لعب دور الشر، بما في ذلك زينب. فيقدم العمل رؤية نسبية تتيح للمتلقي التعاطف مع الشر، ولاسيما أن كل شيء من الممكن تبريره بعبارة "طيش شباب"، التي تتردد مراراً على لسان الآباء.

رابعاً، يحاول المسلسل أن يعطي بعداً أكبر للحكايات والشخصيات، من خلال إيجاد مرايا في الماضي لحكايات الحاضر.
أكثر ما يميز هذا المسلسل عن غيره هو الاهتمام بجميع التفاصيل، والاهتمام بخلق فضاء خاص بكل شخصية، فتستطيع فهم الشخصيات من خلال فهم المكان أو الغرفة الخاصة بكل شخصية. فغرفة كرم المليئة بملصقات فرقة "بينك فلويد"، والتي يتدلى من سقفها كيس الملاكمة، ويتواجد بالقرب منه مرسم صغير، تعطيك بلا شك ملامح الشخصية القاسية التي تضمر وراءها مشاعر حزن دفينة، كموسيقى الروك، وتؤكد على خصوصية الشخصية العاطفية المختبئة خلف الجسد الرياضي المرعب. بينما تنتشر في غرفة مازن ملصقات فرقة "البيتلز"، وقمصان الرياضة وكرات السلة، التي توحي بتوازن أكبر بين العقل والعاطفة.


وتبقى الصبغة الكوميديَّة التي تلوُّن المسلسل، العامل الأهم في تحقيق نسبة المتابعة العالية، حيث أن الشخصيّات الثانويّة رسمت بشكل نمطي ليعطي لحظات مضحكة في وسط شعرية القصص الرئيسية، كنمط الامرأة المتصابية "لجين"، ونمط التابع الخجول "جان"، ونمط الشاب المنبوذ من النساء "زياد"، إضافة إلى تنميط الشخصيات الرئيسية أيضاً في بعض المواقف، لتنتقل من صورتها الشعرية إلى الكوميديا. ولايزال المسلسل يعرض على قناة MBC4، ومع ذلك فإن عدد المتابعين يتزايد كل يوم، ومن الممكن ملاحظة ذلك من خلال الأعداد على قنوات الانترنت.

دلالات

المساهمون