"كوبرا كاي": عودة القتال

"كوبرا كاي": عودة القتال

03 سبتمبر 2020
يتورّط العمل في التصعيد الدرامي المجّاني (نتفليكس)
+ الخط -

لعلّ ثلاثية "فتى الكاراتيه" (1984، 1986، 1989)، من أكثر الأفلام رسوخاً في ذاكرة أبناء الثمانينيات والتسعينيات. ثلاثية محبّبة إلى المراهقين، خصوصاً الذين يفضّلون هذا النوع من الأفلام التي تتناول فنون القتال من منظور نبيل، لا يدعو إلى العنف، وإنما اعتبار فنون القتال دعوة إلى السلام والمحبة، والتوازن النفسي، ولا نلجأ إليها إلّا من أجل الدفاع عن النفس.
بعد 30 عاماً على صدور آخر أفلام الثلاثية، عاد كل من دانييل لاروسو (رالف ماتشيو)، وغريمه جوني لورنس (ويليام زابكا)، من جديد، لكن هذه المرة في عمل درامي يحمل عنوان "كوبرا كاي" (2018)، الذي بدأت منصّة نتفليكس بعرضه أخيراً.
يمثّل المسلسل امتداداً للأفلام الثلاثة؛ إذ نجد دانييل وجوني وقد أصبحا أبوين، لكل منهما عائلة، وظروف خاصة به. بينما يبدو دانييل رجلاً ثرياً عصامياً ناجحاً، يعمل في تجارة السيارات، وهو متزوج وله ابن وابنة، فيما نرى أن جوني رجل سكّير، يعمل في حرف متنوعة، مُطلّق وله ابن على علاقة سيئة معه.


يحمل المسلسل اسم المدرسة التي لطالما رفض دانييل لاروسو مبادئها، إذ تدعو إلى ممارسة الكاراتيه كرياضة تهدف إلى "تدمير العدو بلا أي رحمة"، وتحضّ على العنف، ويتحوّل منتسبوها إلى متنمّرين على أبناء جيلهم. نخوض في العمل مع ابنة دانييل، سامانثا، وابن جوني، روبي.

لا يزال الأبوان على صراع معاً؛ فجوني أعاد افتتاح مدرسة "كوبرا كاي" لتعليم الكاراتيه، وأخذ يدرّب تلاميذ الثانوية الذين يتعرّضون إلى تنمّر في مدرستهم، ليصبحوا قساةً يقاتلون للدفاع عن أنفسهم، لكن أحياناً يتنمّرون على الآخرين أيضاً. يحاول دانييل الوقوف في وجه "كوبرا كاي" ومنعها من العودة للمشاركة في المسابقات، لكنه لا ينجح في ذلك.
بطبيعة الحال، كون المسلسل ينتمي إلى الألفية الجديدة، نلاحظ أنّه يحمل رسائل كثيرة أيضاً؛ التنمّر وضحاياه في "كوبرا كاي" ليسا مجرّد مادة درامية، وإنّما قضية حقيقية تعكس واقع المجتمعات اليوم، خصوصاً أنّنا نستمع عدة مرات إلى مصطلح "التنمّر الإلكتروني"، الذي لم يكن موجوداً قبل ظهور وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي.
 

 

إضافةً إلى ذلك، يركّز المسلسل على مسألتين أُخريين، هما العنصرية العرقية، والجندرية كذلك. نرى أنّ جوني، المعلّم في مدرسة "كوبرا كاي"، يتنمّر على المهاجرين في بداية المسلسل، إلّا أنه يتحوّل عن ذلك بعد أن تتلمذ على يده طالب مهاجر من أميركا الجنوبية. ونستمع إلى هذا الطالب يمارس الصوابية السياسية في كثير من المواقف على معلّمه، فينهاه عن التفوّه ببعض النعوت العنصرية، أو إلقاء الألقاب على بعض طلّاب مدرسة الكاراتيه بناءً على أشكالهم، أو بنياتهم الجسدية، أو ألوانهم.
ومن جهة أخرى، نرى أيضاً أن فتياتٍ كثيرات قد انضممن إلى "كوبرا كاي"، للتأكيد على قدرة الفتاة على تعلّم فنون القتال، تماماً كما الفتيان، ويستطعن أن يقاتلن ويدافعن عن أنفسهنّ، سواء في مواجهة فتيات أخريات، أو فتيان آخرين.
لا يبدو كل هذا سيئاً، لكن المسلسل، من جهةٍ أخرى، يغرق في التصعيد الدرامي المبتذل في كثير من المواضع، كأن يصبح دانييل مدرّباً لروبي، ابن غريمه جوني، إلى جانب الإفراط في الصوابية السياسية ووضوحها على طوال حلقات الموسمين المعروضين.
إضافة إلى ذلك، ثمّة نفسٌ وعظي عالٍ يمارسه دانييل تجاه كل من يحيط به، فهو رجل عصاميّ ثري، ولديه هذه السلطة، خصوصاً أنّ معلّمه كان واعظاً ومقاتلاً نبيلاً، كما يرى. 

المساهمون