"كفى" ردّات فعل

"كفى" ردّات فعل

22 فبراير 2014
+ الخط -

دعت جمعيّة "كفى عنفاً واستغلالاّ" وجمعيات مدنيّة أخرى إلى تظاهرة شعبية في الثامن من مارس/آذار، يوم المرأة العالمي، تحت عنوان "إذا بدها شارع للتشريع… نازلين!". إذاً هي تظاهرة لمطالبة مجلس النواب اللبناني بإقرار مشروع قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري. التحرك نبيل. والمطلب نبيل. لا غبار في الشكل حتى اللحظة. لكن مهلاً. دعونا نُفكّر بهدوء، ونرسم صورة الواقع الدستوري في لبنان حالياً.

ينتظر اللبنانيّون اليوم من حكومتهم إقرار بيانها الوزاري والتقدم به إلى مجلس النواب، ليُناقشه المشرّعون، ويُقرروا على أساسه إعطاء الثقة إلى هذه الحكومة أو حجبها. دستورياً: أمام الحكومة مهلةٌ تنتهي في الثامن عشر من مارس/آذار، لإقرار هذه البيان الوزاري والتوجه به إلى مجلس النواب. في هذا الوقت، لا يحق لمجلس النواب عقد جلسةٍ تشريعيّة لإقرار أي قانون.

أصلاً، هذه حال مجلس النواب منذ عشرة أشهر. إذ يُصرّ فريق من النواب، على أن المجلس لا يحق له أن يُشرّع في غياب الحكومة. على هذا الأساس، لم يتم تأمين النصاب القانوني لأي من الجلسات التي تمّت الدعوة إليها في الأشهر الماضية.

بالتالي، تظاهرة الثامن من آذار، تتوجّه صوب مجلس نيابي لا يحق له التشريع. في أحسن الحالات، إذا ما أُنجز البيان الوزاري سريعاً، فإن المجلس النيابي سيكون في هذا التاريخ، في طور نقاش البيان الوزاري، وهي جلسات تحتاج عادة إلى ثلاثة أو أربعة أيّام. إذاً، من المستبعد أن يكون مجلس النواب قادراً على الاجتماع في سبيل تشريع القوانين من الثامن من آذار.

أكثر من ذلك. تم إقرار مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري، في اللجان المشتركة في مجلس النواب اللبناني، بأكثريّة أصوات النواب الحاضرين في الاجتماع، وتضم هذه اللجان ممثلين عن جميع الكتل النيابيّة. ومن المتعارف عليه لبنانياً، أن أغلب القوانين التي تُقرّ في اللجان المشتركة تُقرّ في الهيئة العامة لمجلس النواب. لذلك، ما الجدوى من الهجوم على نواب سبق أن أعلنوا نيتهم إقرار القانون عند حصول أول جلسة تشريعيّة لمجلس النواب؟ بالمناسبة، مشروع القانون على رأس جدول أعمال الهيئة العامّة.

لذلك، تُطرح عدّة أسئلة برسم الداعين إلى هذا التحرك. أليس من الأجدى والأفضل، أن يكون التحرّك مصوّباً نحو الحكومة لإقرار بيانها الوزاري سريعاً بما يدفع بعجلة العمل التشريعي؟ أليس من الأفضل التحرك للضغط على الحكومة لإيراد فقرة في بيانها الوزاري تتعهّد فيها عمل ما يلزم للحد من العنف ضد النساء؟ ألا يؤدي تصوير النواب وكأنهم رافضون للمشروع والتصويب عليهم إلى ردة فعلٍ عكسيّة؟ ‪

المرعب في كل ما سبق، أن لا تكون جمعيات المجتمع المدني مدركة لآليّة اتخاذ القرارات وإقرار القوانين. أمّا إذا كانت هذه الجمعيات مدركة لهذا الأمر، بالتالي ما هو مبرر التحرك بهذا الشكل؟ هل هو لامتصاص نقمة ما، أو لمجرد تسجيل موقف وحضور لدى الجمهور والممولين؟ أمّ أنه النشاط الممكن في الثامن من آذار؟ ‪وهنا، لا بد من الإشارة، إلى أن مشروع القانون الذي أقرته اللجان المشتركة، واحتفلت به "كفى" أقلّ بكثير من طموحات المطالبين بقانون للحدّ من العنف ضد المرأة، كأن المطلوب هو انتصارات إعلاميّة!

المساهمون