"كفتاجي" البياري يربح من الثورة

"كفتاجي" البياري يربح من الثورة

12 فبراير 2014
العاصمة التونسية
+ الخط -

لا يبعد مطعم "البياري" للمأكولات الشعبية سوى أمتار معدودة عن مقرّ المجلس التأسيسي التونسي، الذي بات طيلة السنوات الثلاث الماضية بمثابة "مزار" تفد إليه الوفود السياسية من كل بقاع العالم، ومركز تطوف من حول قبّته قوافل المحتجين والمتظاهرين التونسيين من أجل مطالب مختلفة، من الصعب إحصاؤها.

هذا الحراك السياسي والاجتماعي الذي خلقه المجلس التأسيسي منذ انتخاب نوابه نهاية عام 2011 كسلطة مركزية في البلد تصوغ دستوره وتسيّر شؤونه، بثّ الروح من جديد في مدينة باردو غربي العاصمة تونس (حيث مقرٌ البرلمان) وخلق حركة تجارية استفادت منها المحلاّت والمطاعم المجاورة لساحة باردو.

والعمّ "البياري"، هو صاحب المطعم الشعبي الأشهر في مدينة باردو، لا يُخفي في حديثه بهجته بالنشاط والحركة "التي عادت الى باردو منذ قيام ثورة 14 يناير/ كانون الثاني 2011 وخاصة بعد انتخاب المجلس التأسيسي.

ويقول: "تحررت النفوس من الكبت الذي فرضته ديكتاتورية النظام السابق (نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي)، واستعادت الساحة الرئيسية في المدينة إيقاعها المعهود كونها مقصداً للعائلات والاطفال والطلبة، كما أنها صارت مقصداً شبه يومي لآلاف المحتجين والمتظاهرين من أجل مطالبهم السياسية والاجتماعية المختلفة".

ولا ينكر العمّ "البياري"، الرجل الخمسيني الذي يحظى بشعبية كبيرة، استفادته كصاحب مطعم شعبي من هذا الحراك، وما وفره له من أرباح إضافية، لا سيّما أيٌام الاعتصامات والمظاهرات الكبرى أمام مقرّ المجلس التأسيسي.

كذلك لا يختلف سكّان العاصمة تونس، في كون مطعم العمّ البياري من المختصين المميزين في إعداد "الكفتاجي"، الأكلة الشعبية المفضّلة لدى التونسيين، ويتكوّن "اِصحيّن الكفتاجي" (كما يفضّل التونسيين تسميته باستعمال صيغة التصغير لكلمة صحن)، أساساً من الطماطم والفلفل الحار المقليين، وتضاف إليهما "الهريسة التونسية" (الشطّة) إلى جانب البيض المقلي ويجري خلطهما وتقطيعها في وعاء كبير، وعادة ما تلفت علمية تقطيع خضروات "الكفتاجي" انتباه الحرفاء (الزبائن) من خلال الصوت الذي يحدثه وقع السكاكين الحادّة على الوعاء الحديدي الذي تُخلط فيه الطماطم والفلفل الحار بالبيض.

ويقدّم "صحن الكفتاجي" مرفقاً بصحن آخر من البطاطا المقلية والفلفل المقلي، ويُؤكل بالخبز العربي (خبز تونسي خاص) أو" الباقات"، ويقدّر ثمنه بحوالى 1 دولار ونصف دولار.

ويشتغل العمّ البياري كل أيّام الأسبوع ما عدا الأحد، من الساعة السادسة صباحاً إلى حدود الثانية ظهراً بالتوقيت المحلي التونسي مع انتهاء الوقت العادي للغداء، وهو محافظ على هذا النسق في العمل منذ حوالى 19 عاماً.

ويبدأ الحرفاء (الزبائن) منذ التاسعة صباحاً في التوافد على المطعم، إلى حين منتصف النهار حيث يبلغ العمل ذروته، مع قدوم "الزبائن الأوفياء" للمطعم الاكثر شعبية وشهرة في المنطقة، وعادة ما يكون الزبائن من سكّان الأحياء المجاورة ومن الموظفين الذين يشتغلون في المؤسسات والمحال القريبة من ساحة باردو والمحيطة بمقرّ المجلس التأسيسي.

وأكّد عدد من العاملين في المطعم أن سياسيين ونواباً من المجلس التأسيسي عادة ما يأتون في مناسبات متواترة لأكل الكفتاجي من البيّاري.

وينتظر البيّاري قدوم الصيف الذي يتضاعف فيه العمل وينمو فيه الكسب بسبب الحركة التي تشهدها باردو خاصّة مع عودة التونسيين المقيمين في الخارج والذين يتهافتون على أكل الأطعمة الشعبية.

وعن السرّ الذي جعل مطعماً شعبياً بسيطاً، في إحدى زاويا مدينة باردو يحظى بشهرة واسعة، يشير البيّاري إلى أن "الخُلق الجميل، العمل المتقن، الثمن الزهيد، وخاصّة التوفيق من عند اللّه، هو ما ضاعف لنا الرزق بفضل الحراك السياسي والاجتماعي حول المجلس التأسيسي".

المساهمون