"كربلاء طلاب مصر"

"كربلاء طلاب مصر"

18 أكتوبر 2014
الجامعات المصرية كانت مهد اليسار (الأناضول)
+ الخط -
كان لليسار الدور البارز في العزف على لحن الطلاب، خصوصاً بعد حادثة الطلبة فوق كوبري الجامعة في 1946، وقد صنع اليسار ورموزه حول هذه الحادثة، أدبيات لا ينضب معينها أيضاً، وباتت حادثة الكوبري أيضاً في 1946، إحدى معبودات اليسار الجميلات، ألا وهي الطالبة والمناضلة والكاتبة والأستاذة الجامعية الراحلة، لطيفة الزيات.

ظلّت الزيات كأيقونة لطلاب اليسار في ذلك العام من تاريخ كفاح الطلاب حتى وافتها المنية، وبعد ثورة سنة 1952، بدأ إحكام القمع، الذي ظهر في معتقلات عام 1954، وطال اليسار واليمين معاً، قبل أن يدخل الطلاب في سبات عميق، إلا من بعض أدبيات الكتّاب في سجون عبد الناصر من اليمين أو اليسار على السواء.

وبعد هزيمة العام 1967، بدا وكأن روحاً بدأت تدبّ في هذا الجسد النقي، الذي أحس بنقائه وفطرته بعيداً عن المخاوف وفتات النخبة، سياسية أو ثقافية. إلى أن خرجت التظاهرات في انتفاضة الطلاب في 1968، التي قال فؤاد زكريا إنها "كانت تلخيصاً للسخط الجارف الذي اجتاح البلاد بعد هزيمة 1967".

وبدأت التظاهرات في حينه، بخروج عمّال حلوان اعتراضاً على حكم المحكمة العسكرية في قضية ضباط سلاح الطيران، وقد كانت مخيبة للآمال، وتحرّك الطلاب معهم في جامعتي القاهرة والإسكندرية، وكان لدور طلاب كلية الهندسة الدور الأبرز، وكان ذلك في يوم 21 فبراير/شباط 1968، والغريب في الأمر والمدهش أيضاً أن يكون من مطالب الطلاب آنذاك: الإفراج عن جميع المعتقلين، وحرية الصحافة والرأي، وإبعاد الاستخبارات والمباحث عن الجامعات، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات. فما أشبه اليوم بالبارحة.

ليس معروفاً على وجه اليقين ما الذي دفع بهجت قمر (صاحب فرقة الفنانين المتحدين) إلى عرض مسرحية علي سالم (مدرسة المشاغبين) في 24 أكتوبر/تشرين الأول 1973، أي بعد بدء حرب أكتوبر بحوالي أسبوعين، ليّدشّن فيها مرحلة جديدة من حياة الطلاب، لا تتمثل إلا في "الشيشة" والمقررات والسخرية من علي جمعة وأبي العلاء المعري.

هل هو الذي الدافع نفسه الذي حرّك ابنه، أيمن بهجت قمر، كي يكتب أغنية "بشرة خير" للمطرب الإماراتي، حسين الجسمي، ويرقص عليها الشباب الصعيدي والبحيري فرحاً لخحكم العسكر الذي وضع على أبواب جامعاتها للمرة الأولى في تاريخها كلاباً بوليسية؟

كنا نريد أن ننفذ إلى ارتباك اللحظة، ومن هو خارج المعادلة، وما هي أطهر بقعة فيها، وما هو مكمن الخطر في ارتباك سلطة تتخبط وقد بدأ العام الدراسي، والصحراء ما زالت جرداء، و"سياسيو الانقلاب"، يقيمون حوارات مع أنفسهم، لزوم التنشيط والخلاف المعدّ سلفاً لزوم السخرية.

ما الذي سوف يفعله الطلاب؟ لم تكن الأحداث قد انفجرت بعد كما رأينا خلال الساعات الماضية، غير أن انسداد الأفق كان يؤكد ذلك ويصرخ به، ولكن الأطرش لا يسمع. أحداث اليوم تُذكرنا بأحداث 1946، التي ما زال اليسار يغني على لحنها كنشيد وطني.

سبق أن قال حسني عبد الرحيم: "إن ما يتم للطلاب منذ سنة ونصف السنة في عموم جامعات مصر بمثابة كربلاء أخرى ضد طلبة مصر".