يناقش مجلس النواب الأردني غداً الثلاثاء، اتفاقية استيراد الغاز من دولة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك بعد عامين ونصف العام على توقيعها الفعليّ نهاية شهر أيلول 2016، في وقت تشهد فيه العلاقات الأردنية الإسرائيلية حالة من التوتر، بسبب اعتداءات الاحتلال التي تستهدف الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس.
وينتظر الأردنيون من مجلس النواب اتخاذ موقف صريح وملزم للحكومة برفض الاتفاقية التي تشكل تطبيعاً صريحاً وفاضحاً مع دولة الاحتلال، ودعماً اقتصادياً لحركة الاستيطان، في ظل اعتداءات مستمرة ومتكررة على القدس المحتلة والمقدسات فيها.
ووقعت الاتفاقية التي تواجه برفض شعبي، بين شركة الكهرباء الأردنية المملوكة بالكامل للحكومة، وشركة "نوبل إنيرجي"، صاحبة امتياز الغاز في المناطق المحتلة. وبموجب الاتفاقية، سيتم توريد الغاز للجانب الأردني من الاحتلال الإسرائيلي لمدة 15 عاماً، وبقيمة 15 مليار دولار.
وحول موقف مجلس النواب المتوقع، أوضحت عضو مجلس النواب الأردني عن كتلة "الإصلاح" ديمة طهبوب، لـ"العربي الجديد"، أن هناك ثلاث قضايا أساسية يجب أن يتم التركيز عليها خلال الجلسة، أولها رفض الاتفاقية جملة وتفصيلاً، وطرح الثقة بوزيرة الطاقة والثروة المعدنية هالة زواتي التي تتحمل المسؤولية التضامنية عن توقيع الاتفاقية، وإدخال الأردن في حلف شرق المتوسط، الذي يؤسس لدخول دولة العدو كجزء أساسي في مستقبل تحالف الطاقة في المنطقة، بالاضافة إلى طلب محاكمة كل من وقع على هذه الاتفاقية بشرطها الجزائي البالغ مليار ونصف المليار دولار، ولم يضعوا مصلحة الأردن أولاً عند التوقيع.
وشددت طهبوب على أن الاتفاقية مرفوضة من حيث المبدأ جملة وتفصيلاً، مضيفة أن كل نائب يريد المحافظة على الأردن أولاً، وملتزم بمواقف مجلس النواب، التي ظهرت جلية في قمة البرلمانات العربية في عمان برفض التطبيع، وموقف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني من أن القدس خط أحمر، فأي نائب متماه مع نفسه سيرفض التطبيع مع "الكيان الصهيوني"، وهذه الاتفاقية شكل من أشكال التطبيع الذي يضر بمصلحة الأردن أولاً، ويمكن دولة الاحتلال من السيطرة على الأراضي المحتلة.
وحول الاتهامات التي توجه إلى مجلس النواب بأنه يتخذ توصيات ويقدمها إلى الحكومة، من دون أن تطبق، رأت طهبوب أن "توصيات المجلس صحيح أنها غير ملزمة للحكومة، لكن بإمكانه في حال عدم اتخاذ الحكومة بتوصياته، طرح الثقة بها، وما يجب أن يكون مطروحاً من قبله".
وقالت إن "توقيع الاتفاقية في الأساس لم يكن قانونياً"، موضحة أن الحكومة تملك الحصة الكبرى في شركة الكهرباء الوطنية، ما يوجب عرض اتفاقياتها على مجلس النواب وفقاً للدستور، مشيرة إلى أن "المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئاً من النفقات أو مساس في حقوق الأردنيين العامة أو الخاصة، لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة، ولا يجوز في أي حال أن تكون الشروط السرية في معاهدة أو اتفاق ما مناقضة للشروط العلنية".
وفي تعليق حول تصريح وزيرة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية هالة زواتي بأن إلغاء الاتفاقية مع الاحتلال الإسرائيلي يعني تكبد الحكومة الأردنية مبلغ مليار ونصف المليار دولار، أشارت طهبوب إلى أن الهدف هو تكبيل إرادة النواب والشعب، الرافض لهذه الاتفاقية، مضيفة أن الحكومة هي من تتحمل المسؤولية الأساسية، كونها الجهة التي وقعت الاتفاقية بشكل مخالف لإرادة الشعب، ومن دون الحصول على موافقة مجلس النواب.
وكانت الحملة الوطنية لإسقاط الاتفاقية "غاز العدو احتلال"، قد رأت في بيان لها أصدرته أمس الأحد، أن مجلس النوّاب سيكون أمام لحظة تاريخيّة فارقة تتعلّق بأمن ومستقبل الأردن ومواطنيه، وتتعلّق بالموقف من دعم الإرهاب الإسرائيلي بأموال دافعي الضّرائب الأردنيين، وتتعلّق بحرمان الاقتصاد الأردنيّ والمواطنين الأردنييّن من التنمية وتوفير عشرات آلاف فرص العمل من خلال استثمار العشرة مليارات دولار (هي قيمة الصفقة) في بلدنا، بدلاً من استثمارها في دولة الاحتلال، ودعم جيشه ومستوطناته وحروبه، وتوفير الرّفاه للمستوطنين.
وطالبت الحملة مجلس النواب بإسقاط هذه الاتفاقيّة بقرار مُلزم، وليس بالخروج بمجرّد توصيات مُفرغة من المضمون الإلزامي، وبحسب الصلاحيات الدستوريّة للمجلس والمنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 33 من الدستور الأردني، والتي تنصّ على ما يلي: "المعاهدات والاتفاقات التي يترتّب عليها تحميل خزانة الدّولة شيئاً من النّفقات أو مساس في حقوق الأردنيّين العامّة أو الخاصّة لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمّة"، هذا إضافة إلى الصلاحيّات التشريعيّة التي يملكها المجلس، والتي تمكّنه من سنّ قوانين تمنع استيراد الغاز أو أيّة سلع ذات طابع استراتيجي أو سياديّ من العدو الصهيونيّ".
وأكدت الحملة أنّ هذه الصفقة "ليست ساقطة فقط بالمعنى الأخلاقي، إذ تُشرعن الاستعمار الاستيطاني، وتفرض التطبيع قسرياً على جميع المواطنين، إنما هي ساقطة أيضاً بالمعنى الاقتصادي، فـ"نحن في الأردن لسنا بحاجة للغاز المسروق ولا لصفقة الغاز مع الصهاينة".
ولفتت إلى أنه "لدينا في الأردن فائض مُتحقّق من الغاز عن طريق ميناء الغاز المُسال في العقبة، ولدينا فائض مُتحقّق من الكهرباء صرنا نبحث له عن أسواق لتصريفه، وفوق هذا لدينا مشاريع الطاقة المتجدّدة، والطاقة التي ستنتج عن مشاريع الصّخر الزيتيّ، وفوقها كلّها الغاز الذي عاد ضخّه مؤخّرًا من مصر، وغيرها وغيرها، وبهذا المعنى، فإن صفقة الغاز مع العدو هي مجرد عبث صرف باقتصادنا الوطني، وتبديد لأموالنا في وقتٍ نعاني منه من مديونيّة هائلة، واقتصادٍ متردٍّ".
وقالت الحملة إن "من يريد أن يحمي القدس والمقدّسات من الانتهاكات اليوميّة والمستمرّة، لا يدفع لمن ينتهك القدس والمقدّسات 10 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب الأردنيين، يدعم بها مباشرة هذه الانتهاكات ويموّلها. حماية القدس لا تكون بالكلام الذي يتناقض تناقضًا بيّنًا مع الأفعال.
وذكرت الحملة بقائمة أصدرتها الشّهر الماضي حول مواقف النوّاب من الصفقة بعد اتصال فرق الحملة بجميع النوّاب، إذ أبدى 53 نائباً موقفاً واضحاً رافضاً للاتفاقيّة، فيما أبدى نائب واحد موقفاً واضحاً مؤيّداً لها، بينما تهرّب من الإجابة أو أبدى موقفاً غير واضح 14 نائباً، فيما لم يكلّف 62 نائباً أنفسهم عناء الرد على اتّصالات الحملة المتكرّرة، وبأشكال مختلفة".