"المَنشَد" حكم عشائري فلسطيني قاسٍ على الجاني

"المَنشَد" حكم عشائري فلسطيني قاسٍ على الجاني

17 أكتوبر 2017
أعلى سلطة قضائية عشائرية وبدوية (العربي الجديد)
+ الخط -
"المَنشَد" أحد الحلول العشائرية المتّبعة في فلسطين، وهو السلطة القضائية الأعلى عند البدو والقضاء العشائري، ويطبق في كثير من الحالات، أهمها ما يندرج تحت حماية أعراض النساء، وردع كلّ من يعتدي عليها.

هذا الحكم العشائري القاسي عاد إلى الساحات في قضية مقتل المهندسة الفلسطينية الشابة نيفين العواودة، في 17 يوليو/تموز الماضي. وكان الحلّ العشائري أن تتكبد عائلة الجاني، وهو سائق تاكسي، بحسب أجهزة الأمن الفلسطيني، دفع أموال طائلة. فقد حُكم على عائلة الجاني بدفع مليون و275 ألف دينار أردني (أكثر من مليون و798 ألف دولار أميركي) و17 كيلوغراماً من الذهب الخالص، بالإضافة إلى نفي الجاني لمدة 15 عاماً (السجن في سجون السلطة يعتبر نفياً له، فإذا خرج قبل انتهاء 15 عاماً، تواصل النفي أبعد بثلاث محافظات من مسرح الجريمة) وقطع يده، ولفّ بيت عائلة المجني عليها بالقماش الأبيض، وربط ناقة بيضاء طوال أيام الحكم بالبيت، ويجري التداول في القضية عشائرياً.

في العرف العشائري الفلسطيني، تطلب عائلة المجني عليه من الجاهات (أولي الأمر) أن يعقدوا جلسة القضاء في بيت "المنشد" بحضور وجهاء من مختلف المدن الفلسطينية والبدوية والشيوخ، وتكون الدعوة عامة وعلى الملأ، والمغزى ردع الجاني وعقابه بما يحمي ويصون عرض المرأة الفلسطينية، وفق القائمين عليه.

يقول "المَنشَد" الشيخ ضيف الله أبو داهوك، الذي أصدر الحكم العشائري بحق عائلة الجاني على الراحلة نيفين العواودة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المَنشَد" يعقد في قضايا العِرض، وهي النسبة الأكبر والأكثر شيوعاً عند البدو والعشائر، ثم قضايا الدخيل، أي أن يدخل شخص على آخر ويعتدي عليه، وكذلك مسائل حرمة البيوت.

يضيف: "ما يصدر عن المَنشَد حكم مغلّظ يستخدم في حلّ النزاعات، ويستوجب توفر كفلاء للدفع، وأهل للمطالبة بالمَنشَد". وبحسب الشيخ أبو داهوك، يؤخذ الحكم بشكل رادع وكبير، لحماية العرض وضمان عدم الاعتداء عليه. وكون المنشد السلطة القضائية الأعلى في الحكم العشائري وما ينجم عنه كبير، يحق للجاهات والشيوخ، المطالبة بالتخفيف من قيمة الحكم وتقليله بالتراضي بموافقة عائلة المجني عليه.

وفي قضية العواودة يقول أبو داهوك، إنّ المبلغ الأول كان مليونين و225 ألف دينار، تم تخفيض الثلث منه حتى وصل إلى المبلغ المطلوب حالياً، وسيجري تخفيضه أكثر من قبل الجاهات التي تذهب بالرايات البيض إلى عائلة المجني عليه حتى تخفّض المبلغ.
أما المنشد كشخص، فعادة ما يكون ذا باع طويل في الصلح العشائري، وتعطى الصفة لشيخ العشيرة وأكثرهم سلطة وقدرة على إصدار الأحكام، ومحل ثقة بين الشيوخ والوجهاء الآخرين، وينظر في قضايا العرض والدم والوجه والبيت.

يصدر المنشد حكماً نهائياً لا رجعة فيه، ولا يحق لعائلة المجني عليه الثأر، وإن فعلت ستحاسب وتتحمل المسؤولية. يأخذ المنشد أحكامه من الشريعة الإسلامية، وفق أبو داهوك، الذي يؤكد أنّ الحكم هو للردع، ويجب أن يكون قاسياً جداً حتى لا تتكرر الجرائم وعمليات الاعتداء.