"المدرقة".. الثوب الأردني يحكي قصة الارتباط الوثيق بالأرض

"المدرقة".. الثوب الأردني يحكي قصة الارتباط الوثيق بالأرض

01 نوفمبر 2015
لكل لون في "المدرقة" دلالة رمزية (فيسبوك)
+ الخط -
يُعدّ التطريز الشعبي في الأردن فناً راقياً، ومن أهم الفنون التاريخية الشاهدة على تطور الحياة الأردنية، فمن خلال التصاميم والرموز استطاع الإنسان الأردني أن يسجل تاريخه ويعبر عن معتقداته وأنماط التفكير الاجتماعي، من عادات وتقاليد توارثها عبر الأجيال.

ومن هذا الباب كان لسيدات محافظة جرش (60 كلم شمالي العاصمة الأردنية عمان)، السبق دائماً بإبراز المطرزات والتراثيات التي يصنعنها بأيديهن، ويساهمن بعرضها في مختلف المعارض الفلكلورية التي تزور المدن والقرى الأردنية، بهدف التعريف أكثر بالموروث الأردني الأصيل، ولإطلاع النشء على العادات الأصيلة للمجتمع الأردني.

ورغم أن المطرزات اليدوية والملابس الريفية تعتبر منتشرة في بلاد الشام وبادية العراق ومصر، إلا أنها تحمل خصوصية كل بلد على حدى، ويصل الأمر أيضاً بأن تحمل كل مدينة أو قرية خصوصية ما في لباسها التقليدي.

ويُعبّر الثوب الأردني، المسمى أيضاً بـ"المدرقة"، عن الهوية الأردنية والارتباط العميق بالأرض والتراث والتاريخ، فلقد استوحى الإنسان الأردني تصاميمه من معتقداته وتاريخه ومن بيئته المحيطة به، كزهورها وأوراق أشجارها وسنابل قمحها وأشكال طيورها وتعرج جبالها ووديانها وسهولها وبواديها، حسب الباحث والكاتب الأردني حسني العتوم. ويضيف العتوم: تتميز الأزياء الأردنية بتنوعها الكبير وخصوصاً النسائية منها، نظراً لتنوع جغرافية الأردن، حيث لكل منطقة تصاميمها الخاصة بها مع وجود بعض الأزياء والقواسم المشتركة بين بعض المناطق.

وتؤكد الباحثة والمدربة في مجال التراث ابتسام محاسنة، أن للأزياء الشعبية استعمالات ودلالات اجتماعية ودينية واقتصادية وجغرافية، فلكل منطقة زخارفها الخاصة، والأسر الميسورة كانت تستعمل الخيوط الذهبية والفضية وغيرها من الخيوط والأقمشة والمواد الباهظة الثمن للتطريز، في حين كانت الأسر الفقيرة تستعمل الخيوط القطنية والصوفية لزخرفة وتطريز ثيابها.

وتضيف: ألوان الثوب التقليدي تدل أيضاً على عمر المرأة، فالعصبة الحمراء ترتديها المرأة الشابة، والعصبة السوداء ترتديها المرأة المتقدمة في السن، كما ترتدي المرأة الشابة المتزوجة ثوباً مزخرفاً بألون مختلفة عن ثوب المرأة العزباء كل حسب منطقته. حيث أن لكل مناسبة ثوبها وزخارفها الخاصة، كأثواب العمل والفرح والحزن، ولأثواب الأعراس مكانة خاصة ومواصفات معينة، فتجد الأثواب الملونة المزخرفة بخيوط ذهبية وتجد الثوب الأبيض وزخارفه المطرزة بالألوان الزاهية تعبيراً عن الحب والوفاء.

وحول توافر المواد الأولية وجودتها، تقول محاسنة، إن هناك خيارات كثيرة، حيث تتوافر أنواع مميزة من القماش، وكذلك الألوان والخيطان، وأن المستهلك يستطيع التمييز بين القطعة الجيدة من غيرها. وتضيف أن أعمال التطريز تحتاج إلى الدقة والمهارة والصبر، ومعرفة بالخطوط والألوان، والقدرة على مزج قطع القماش بمهارة بحيث تكون متجانسة، وأن تكون هناك معرفة بأزياء كل منطقة، لأن كل منطقة لها خصوصية ثوبها.

اقرأ أيضاً: البدن على جبال رم.. مهدد بالانقراض؟

المساهمون