"الكمأ" رزقٌ تكفله الطبيعة للعراقيين

"الكمأ" رزقٌ تكفله الطبيعة للعراقيين

21 مارس 2015
عراقيون يبيعون الكمأ بأحد الأسواق القريبة من بغداد(أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

يجتهد بعض العراقيين من ذوي الدخول البسيطة، لتسخير موارد وخيرات البلاد من الطبيعة، توفيرا لمصدر دخل ولو بشكل موسمي.

وينشط عراقيون في هذه الآونة، في حصاد فطر الكمأ الصحراوي، لا سيما بالمحافظات الغربية والشمالية التي يشتهر الفطر بالنمو فيها. وتنحصر فترة جنّيه بين شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان من كل عام.

والكمأ أو الترفاس (في المغرب العربي) هو فطر بري موسمي ينمو في الصحراء بعد سقوط

الأمطار، على عمق من 5 إلى 15 سنتيمتراً تحت الأرض. ويُستخدم كطعام، وعادة ما يتراوح وزن الكمأة الواحدة بين 30 و300 غرام. ويعتبر من أثمن وأشهى أنواع الفطريات الصحراوية.

ويبدو أن الأمطار التي حلّت على منطقة بلاد الرافدين في شتاء هذا العام، تُبشّر العراقيين بحصاد جيد يفوق ما تم تحصيله العام الماضي بنسبة غير هيّنة، وتتراوح بين 30 و50% وفق متعاملين.

ويقول، عمر عبد الله، أحد سكان محافظة المثنى والمتعامل النشط في الكمأ، في حديث لـ "العربي الجديد": "محافظات المثنى والأنبار والنجف الغربية، أكثر محافظات العراق إنتاجا للكمأ. الحصاد يوفر دخولاً مالية جيدة لكثير من العوائل العراقية في موسم الربيع"، مبيناً أن شهري مارس/ آذار وأبريل/نيسان أفضل أوقات حصاد المحصول الذي لا يقوم الإنسان بزراعته ولا يتدخل في طرق نموه أو رعايته. فهو أمر متروك للطبيعة.

وينمو الكمأ على شكل درنة البطاطا في الصحاري، بالقرب من النباتات الصحراوية وجذور الأشجار الضخمة، كشجر البلوط.

ويتميز بشكل كروي لحمي رخو، وسطحه أملس أو درني ويختلف لونه من الأبيض إلى الأسود.

وأوضح عبدالله، أن الأهالي النشطين في حصد الكمأ، يستدلون عليه عن طريق الفقاعات الترابية التي غالبا ما تُشبه التلال الصغيرة، وينمو تحتها الكمأ بكثرة.

وقال "نخرج يوميا بعد صلاة الفجر مع عوائلنا ونتعمق في الصحراء. ثم نستقر حيث نجد الكمأ. نجني يومياً ما مقدارهُ 10 إلى 15 كغ، ونبقى في المنطقة حتى نقوم بجني كامل المحصول، ثم ننتقل إلى موقع آخر وهكذا حتى انتهاء الموسم".

وعن أسعار الكمأ التي يبيعون بها، أوضح عبد الله أنها تتفاوت على حسب الأحجام، فالصغير منها يُباع بنحو 12 ألف دينار عراقي لكل كيلوغرام (10 دولارات أميركي)، بينما تصل أسعار الأحجام المتوسطة إلى 25 و60 ألف دينار (45 دولاراً)، والحجم الكبير منها يُباع بنحو 100 ألف دينار لكل كيلوغرام منه".

ولا يخفي عبدالله إعجابه بطفله الصغير الذي لم يتجاوز التاسعة من عمره، عندما منّت عليه الطبيعة ذات مرة بكمأة يفوق وزنها 2 كغ وقد بيعت وقتها بنحو 150 دولاراً، وهو أعلى سعر حصلت عليه العائلة في هذا الموسم.

ويقول عبد القادر الجميلي، أحد سكان محافظة الأنبار، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن الموسم الحالي يتميز بوفرة كبيرة في محصول الكمأ بفضل الأمطار الغزيرة التي شهدتها البلاد هذا العام، مشيراً إلى أن "الأوضاع الأمنية والحرب بين الحكومة وداعش، أفقدت كثيراً من الأهالي روح الجني والعمل، بخاصة أن الفلوجة في الأنبار تُعتبر الموطن الرئيس للكمأ".

ويقول أحد النشطين المتعاملين في جني فطر الكمأ من أهالي محافظة أربيل، ويدعى رزكار غريب، في حديث لـ "العربي الجديد": "نقوم بإجراء مسح مبدئي على الأرض لمعرفة أكثر الأماكن التي تجمّع فيها فطر الكمأ، ثم تبدأ أغلب عائلات إقليم شمال العراق، الذي يتميز بكثرة هذا المحصول، في حصاد الفطر بغرض جمع أكبر قدر منه كونه مادة غذائية مهمة للعائلة العراقية".

ويتابع: "داعش أفسد علينا الكثير من المساحات الصحراوية التي تعتبر مواقع مهمة لجني هذا المنتج المحلي المهم. في كل موسم نجني كميات كبيرة يتجاوز وزنها 200 كغ لكل عائلة، فهي مادة مطلوبة في الأسواق".

ويقول الخبير البيئي العراقي، عادل محسن، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن "العراق يعتبر

واحداً من البلدان المنتجة لفطر الكمأ التي هي منتج رباني وهبة من السماء، معتبرا أن هذا الموسم هو الأفضل في العراق منذ عشر سنوات، بفضل الأمطار.

وأضاف، "مع ارتفاع نسبة الأمطار يرتفع إنتاج الكمأ، ونراقب عن كثب مستويات الإنتاج وما يُسوّق منه محليا، لكن الحرب مع داعش أخرج مساحات كبيرة من خارطة الإنتاج، بسبب سيطرة التنظيم على مساحات أراضٍ مهمة".

وتابع أنه ورغم الحرب، فقد سجلت الأسواق العراقية في محافظات المثنى والنجف وأربيل وكركوك، ارتفاعا كبيرا في المنتج هذا العام.


اقرأ أيضاً:
المفقودات في الفرات مصدر للرزق: غواصو العراق

دلالات

المساهمون