"السياسات الأمنية في المغرب": سياق تاريخي

"السياسات الأمنية في المغرب": سياق تاريخي

17 يونيو 2020
عزيز أزرعي/ المغرب
+ الخط -

تفتقد المكتبة العربية للدراسات الأمنية في حقل العلوم الاجتماعية التي تتناولها كظاهرة وفق أسس علمية ومناهج وأدوات تحليل حول مسائل عديدة تتعلق بالحروب التقليدية والاهتمامات الاقتصادية والأيديولوجية والسياسية والثقافية والبيئية والمجتمعية في الحرب والسلم، ولا تزال تهمين على هذا المجال اتجاهات تقليدية أو يتم الاهتمام بها ضمن الكتب التاريخية أو المذكرات.

خروجاً عن هذا السياق، صدر حديثاً كتاب "السياسات الأمنية في المغرب: في السلطة وأدوار النُّخَب السياسية" للباحث إحسان الحافظي عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، والذي يدرس أثر التحوّلات السياسية المغربية في وظيفة الرقابة على البنى الأمنية، بالسعي إلى تفكيك أدوار البرلمان والنخبة السياسية في مجال صوغ سياسات عمومية ذات طبيعة أمنية، والنظر في دور السياق التاريخي والسياسي والمؤسّساتي وتأثيره في الأداء البرلماني.

يتتبع الكتاب الذي يتألف من ستّ فصول في قسمين، تشكّل العلاقة بين السلطة والمجتمع السياسي، ويقرأ هذه العلاقة ضمن نسق سياسي مفتوح قائم على تعدّدية حزبية، شكّلت خصوصية مغربية منذ وضع أول دستور للبلاد في عام 1962.

في القسم الأول "السياسات العمومية الأمنية في المغرب: السياق والتراكم" ثلاثة فصول؛ يتناول الأول "صناعة القرار الأمني وتعدّد الفاعلين في النظام السياسي"، مسألتين: الأولى هي السياسات العمومية الأمنية وانكفاء فكرة السيادة؛ والثانية هي تصوّرات السياسات العمومية الأمنية في الدستور؛ وفي هذا السياق يبحث في مأسسة مفهوم السياسات الأمنية في المغرب، وتقاطع السياستين الأمنية والجنائية في التجربة المغربية، والسياسات العمومية الجنائية في دستور 2011، وتقويم السياسات العمومية الأمنية من منطلق دستوري.

ويرصد المؤلف في الفصل الثاني "أثر التراكم المعياري في تأصيل مراقبة السياسات الأمنية" مسألتين: مرجعيات الرقابة على السياسات الأمنية، من خلال الرقابة الإدارية على السياسات الأمنية، وسلطة القضاء في مراقبة قطاع الأمن، ودور الرقابة البرلمانية في تأطير التشريع للسياسات الأمنية، والمجتمع المدني ووسائل الإعلام بوصفها وسائط جديدة للرقابة. أما المسألة الثانية فهي التأصيل المعياري والمؤسّساتي للرقابة على الأمن، من خلال البحث في التأسيس الحقوقي للرقابة على الشأن الأمني، وضوابط السياسات الأمنية وحدود أعمال السلطة، وبنية قطاع الأمن وحدود المسؤولية التقصيرية للدولة، والتراكم المؤسساتي للرقابة على السياسات الأمنية.

أما الفصل الثالث "تمثّلات السياسات الأمنية وهيكلة القطاع وبنية النص"، فيتناول فيه الحافظي تحوّلات بنية قطاع الأمن في المغرب (الجهاز، والتشريع، والسياق) وأثر السياق التاريخي في بناء القطاع الأمني في المغرب وتركيبة التشريع الأمني في ضوء غلبة التأطير الملكي.

وفي القسم الثاني، "المراقبة السياسية للسياسات الأمنية: الآليات والتشريع والنخبة"، ثلاثة فصول، هي: "تمثّلات الفكرة الأمنية في الخطاب السياسي والترافع الحقوقي"، و"مراقبة السياسات الأمنية: السياق السياسي والدستوري"، و"أثر النخبة السياسية في مراقبة التشريع الأمني"، وفيه يعالج الحافظي مسائل أربعاً: الأولى حدود تأثير النخبة السياسية في الفعل الرقابي، باحثًا في النظام البرلماني في بنية دستور 2011، والرقابة البرلمانية من حيث النصّ وممكنات استعادة السلطة؛ والثانية تجلّيات الرقابة السياسية على القرار الأمني، باحثاً في مراقبة التشريع الأمني، وتمثّلات الرقابة السياسية على السياسات الأمنية؛ والثالثة حدود مراقبة الموازنة في تنفيذ السياسات الأمنية، دارسًا أثر سلطة الاحتكار الحكومي في التشريع المالي، وتمثّلات رقابة الموازنة على تكلفة الشأن الأمني؛ والرابعة إصلاح القطاع الأمني وتوصيفه بسياسة عمومية، من خلال البحث في تطوير العمل التشريعي والسياسات، وتجويد المراقبة البرلمانية على السياسات الأمنية، وتعزيز مسؤولية الأجهزة التنفيذية عن أعمال قطاع الأمن.

المساهمون