"الرجل الطائر" و"القناص الإسباني" في مهمة صعبة بدربي مدريد

"الرجل الطائر" و"القناص الإسباني" في مهمة صعبة بدربي مدريد

07 فبراير 2015
صراع "الديربي" بين الكبار (العربي الجديد)
+ الخط -

ينتظر عشاق كرة القدم عامة و"الليجا" على وجه الخصوص اليوم، مشاهدة معركة غريمي العاصمة الإسبانية ريال مدريد وأتلتيكو مدريد في الجولة الـ 22 من عمر "الليجا"؛ والتي تحمل طابعا حاسما بالنسبة لكلا الفريقين.

وبخلاف الصراع المحتدم على لقب البطولة التي يتصدرها "الريال" بـ 54 نقطة، وبفارق أربع نقاط عن برشلونة الوصيف وسبع عن "الأتلتي" الثالث؛ والذي يسعى لإرباك حسابات "الملكي" ومواصلة إثبات "علو كعبه" عليه خلال الفترة الأخيرة، فإن المباراة تحمل في طياتها ما هو أكثر من هذا.

ولا يتعلق الأمر هنا كما قد يعتقد البعض بمسألة عودة البرتغالي كريستيانو رونالدو للمشاركة، والظهور على مسرح "فيسينتي كالديرون" بعد الغياب عن آخر مباراتين للفريق أمام ريال سوسييداد وإشبيلية للإيقاف بعد واقعه طرده في مباراة قرطبة، بل بالويلزي جاريث بيل والإسباني فرناندو توريس.

وتأتي مباراة "الديربي" قبل 15 يوما بالضبط على حفل توزيع جوائز الأوسكار، والذي يتنافس فيه كل من مايكل كيتون وبرادلي كوبر بجانب آخرين على جائزة أفضل ممثل عن فيلمي (الرجل الطائر) و(قناص أميركي)، حيث تماثل الحالة الفنية التي قدمها كلا الممثلين في العملين والأجواء المحيطة بهما تلك الكروية التي تخص بيل وتوريس.

الرجل الطائر
ما هي أكثر اللحظات التي تركت انطباعا أبديا لدى الجميع بخصوص الويلزي جاريث بيل؟ إجابة هذا السؤال بكل تأكيد عند معظم الأشخاص هي الهدف الذي سجله في نهائي كأس الملك أمام برشلونة الموسم الماضي في الرابع عشر من أبريل/نيسان 2014، حينما انطلق بسرعة الصاروخ كما لو كان "رجلا طائرا" ليتفوق على مارك بارترا مدافع برشلونة، ويضع هدفه التاريخي في شباك الحارس بينتو.

ومهما فعل بيل لا تنسى الصحافة المدريدية أنه "الرجل الطائر"، ذلك البطل الخارق الذي انتزع "للريال" لقب الكأس في الموسم الماضي، لا يخلو أي حوار صحافي يجرى معه من تذكيره بهذا الأمر أو الحديث عنه، كما لو أن حياة الويلزي كلها تدور حوله.

ومهما كان ما قدمه الويلزي قبل أو هذه اللحظة، فإنه لا يبدو جيدا بالصورة الكافية للإعلام المدريدي بل وحتى بعض محبي النادي "الملكي"، فاللاعب الذي تمكن هذا الموسم من تسجيل 14 هدفا وصناعة ثمانية حتى الآن في 30 مباراة بـ"الليجا" ودوري الأبطال وكأس الملك ومونديال الأندية وكأسي السوبر الإسباني والأوروبي، يواجه حاليا سيلا من الانتقادات بسبب أنانيته المفترضة في ظل اتهامات بانخفاض مستواه.

وتتشابه حالة بيل في الوقت الحالي مع ما كانت تمر به شخصية الممثل التي جسدها مايكل كيتون في فيلم "الرجل الطائر"، حيث تدور قصة العمل حول أن الجميع من نقاد وصحافة لا يتذكرون للبطل سوى فيلم استهلاكي حطم به شباك التذاكر حول شخصية بطل خارق يدعى "بيردمان" أو "الرجل الطائر".

ويسعى البطل خلال الفيلم لتخطي هذه المرحلة من حياته بتقديم أداء أسطوري في عمل فني على أحد مسارح برودواي، ليجعل الكل يدرك أنه لا يزال لديه المزيد في جعبته، وقادر على منح شيء أفضل بعيدا عن شخصية "الرجل الطائر".

في المقابل سيكون بيل على موعد في مباراة "الديربي"، مع اختبار جديد على مسرح "فيسينتي كالديرون" لمحاولة إسكات جميع الألسنة التي انتقدته، واتهمته بالأنانية في بعض الأحيان وغياب التركيز في أحيان أخرى، بل وكثيرا بأنه لا يستحق المبلغ الذي دفعه الريال للحصول عليه.

في وقت سيسعى اللاعب الويلزي لإثبات أنه ليس فقط "الرجل الطائر" الذي تخطى بارترا ومنح الريال لقب الكأس، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي ضربت النادي قبل المباراة بإصابة الكولومبي جيمس رودريجز، والمدافع سرخيو راموس وإيقاف الظهير الأيسر مارسيلو.

القناص الإسباني
يقدم الإسباني فرناندو توريس حالة استثنائية في كرة القدم، حيث إنه توج بالعديد من الألقاب الدولية والقارية والمحلية مع منتخب بلاده، والأندية التي لعب لها وهي كأس العالم وكأس الأمم الأوروبية وكأس الاتحاد الإنجليزي ودوري أوروبا ودوري الأبطال.

وعلى الرغم من كل هذه الألقاب، إلا أن اللاعب "القناص" لا يحظى بتقدير كبير خارج الأجواء الإسبانية منذ 2011، حينما انتقل إلى تشيلسي حيث لا يضعه أحد، إلا نادرا، ضمن مصاف الكبار حيث اضطربت مسيرته داخل النادي اللندني الذي انتقل منه معارا لميلان الإيطالي، حتى عاد إلى بيته الأول أتلتيكو مدريد الذي لا يزال يعتبره "بطلا".

هذه الحالة من التناقض في حياة توريس، تشبه الأجواء التي استقبل بها العالم فيلم "قناص أميركي"؛ من بطولة برادلي كوبر وإخراج كلينت إيستوود والمستوحى من سيرة ذاتية لأحد القناصين الأميركيين في العراق وإشكالية اغتيال المدنيين، تحت فكرة حماية المصالح الأميركية العليا.

لم يلق الفيلم ترحيبا كبيرا على الصعيد الدولي، وبالأخص في العالم العربي، حيث اعتبر البعض أن ترشحه لأفضل فيلم وكذلك برادلي كوبر لأفضل ممثل بمثابة "مزحة"، ولكنه على الرغم من هذا يحطم شباك التذاكر في الولايات المتحدة الأميركية في الوقت الحالي.

ويتشابه هذا الأمر مع وضع توريس في السنوات الأخيرة، حيث كان مدعاة للسخرية مع تشيلسي وميلان ولكن الإسبان لم يتوقفوا عن الدفاع عنه، قبل أن يعود ليلاقي كل الدعم والترحيب في بيته الأول مع "الروخيبلانكوس" الذي استعاد معه جانبا كبيرا من دقته التهديفية.

وتمكن توريس في أفضل إنجازاته منذ عودته لـ "لوس كولشونيروس" من هز شباك الريال مرتين في إياب ثمن نهائي كأس الملك، خلال اللقاء الذي انتهى بالتعادل بهدفين لمثليهما وقيادة فريقه للتأهل لربع النهائي أمام برشلونة، ليخرج الأتلتي لاحقا من دور الثمانية، ولكن بعد ترك "القناص الإسباني" بصمته في شباك الفريق الكتالوني بمباراة الإياب.

سهرة ممتعة
وبعيدا عن مهام توريس وبيل في دربي العاصمة، فإن المباراة بكل تأكيد ستكون بمثابة سهرة ممتعة مليئة بالأجواء الملحمية بالنسبة للفريقين، والدرامية بالنسبة للخاسر، لكنها أيضا ستشهد بعض "الأكشن" بسبب الطابع الخشن لطريقة لعب أتلتيكو المصحوب بأفضل موسيقى تصويرية من جمهور فيسينتي كالديرون المولع بالتشجيع.

من سيتوج في "أوسكار الديربي" بجائزة أفضل ممثل؟ بيل أم توريس أم أحد غيرهما؟ من سيكون أفضل مخرج، الأرجنتيني دييجو سيميوني أم الإيطالي كارلو أنشيلوتي؟ من سيفوز بجائزة الممثل المساعد، هل هو إيسكو أم أردا توران؟ توني كروس أم راؤول جارسيا؟ سيتوجب على الجميع الانتظار حتى إطلاق صافرة نهاية المباراة لمعرفة إجابة كل هذه الأسئلة.

وستنافس المباراة نفسها في هذه الليلة ربما على جائزة "أفضل فيلم"، نظرا لأنها ستقام في نفس اليوم الذي سيشهد الدربي اللندني بين أرسنال وتوتنهام بالدوري الإنجليزي الممتاز ومواجهة يوفنتوس وميلان بالدوري الإيطالي، ستكون حقا أجواء أوسكارية كروية!

المساهمون