"الخيميائي"... وحلم الثورة السورية

"الخيميائي"... وحلم الثورة السورية

20 مارس 2018
+ الخط -
رابط وحيد لكنه خاص وشديد الحساسية يربط بين رواية الخيميائي لـ"باولو كويهلو" التي أنجزها عام 1988، وبين مجريات الثورة السورية من حيث المبدأ والغاية، ألا وهو ذلك الحلم الخاص والغاية الدفينة والمستعصية بمراحلها الأولى لبلوغ ذلك الحلم.

الرواية تتحدث عن شاب يخوض مغامرة صعبة وعسيرة المخاض للحصول على كنز سمع أنه موجود عند أهرامات مصر، وبالنتيجة يكتشف أن الكنز موجود في المكان الذي غادر منه، فكرة العمل تقول إن كنزك ممكن أن يكون موجود في أي مكان شريطة أن تصدق أن ذلك الكنز موجود فعلاً وبأننا سنصل إليه يوماً، سنصل إليه نحن وليس غيرنا، إذ إن السعي للحلم يمثل جزءاً كبيراً من تحقيق الحلم نفسه، رويداً رويداً.

يقولون، لا يوجد أحلام في عالم السياسة والإفرازات الثورية المتعلقة بها بل يوجد أهداف، مع أننا إذا أمعنا النظر من الناحية العملية سنجد أن التوجهات السياسية إنما هي إرهاص من إرهاصات حالة ثورية معينة وليس العكس.


لا شك أن فكرة الحراك السوري كثورة مبدئية تعيش مخاضا عسيرا ينضوي على إحباط عام وواقعي، مفاده أن حلم الثورة السورية يتلاشى شيئاً فشيئاً، لكن الوضع الحالي هو جزء من أمل وسعي حقيقي طويل وعميق الغور نعيش أسوأ مراحله حالياً.

لماذا أقول ذلك، لأن الثورة السورية لم تخلق حتى ترمى في سلة المهملات، ثمة رأي يقول، وله الحق في ذلك، إن هذا التوقع نظري يفتقر للعملية على اعتبار أننا نقطن خارج البلاد وأن النزعة السلمية المتعقلة آخذة بالأفول، وأن السلميين لا رأي لهم، هذا صحيح، ولكن أن نظل مصرين على أملنا وعلى حلمنا رغم كل شيء إنما هو جزء من مشروع الثورة الكبير وليس العكس.

ليست فقط النتيجة المادية ما يقرر بداية الثورة ونهايتها، ولكن أيضاً النظرة المعنوية تساهم بهذا الأمر، تصديق أننا ما زلنا موجودين وأحياء إنما هذا يمثل حقيقة وواقعا أيضاً يشبه حقيقة أن السلميين في الثورة السورية يعيشون حالة تهميش كبيرة لظروف يعرفها الجميع ويتحدثون عنها.

من كان يتوقع هذه الأيام وعلى الرغم مما تعيشه الغوطة من دمار وقصف أن يخرج رجل يهتف أمام الأمم المتحدة بأن الشعب ما زال جسداً واحداً وبأنهم في الغوطة الشرقية يرفضون قتل أي إنسان سواء كان معارضاً أو مؤيداً للنظام، أو استهداف أي مكون من مكونات المجتمع السوري.

علينا أن نتخيل أن ثمة رجلا يقول ذلك بينما يتعرض للقصف اليومي ويرى الجثث تتناثر أمامه يومياً، ما هذه الثقة وهذا النضج، هذه هي الحالة الثورية بالتحديد، الرجل يتحدث بينما ممثلو الأمم المتحدة ينصتون ليغادروا لاحقاً هاربين من القصف.

لا خيار أمامنا.. الثورة ستعيش وتبقى.
42BBA522-1BE8-4B0B-9E9A-074B55E2BCB4
معتز نادر

كاتب صحافي وشاعر.يقول: من المخزي أن ينسف طارئ نفسي أو عقلي معين كل ما أنجزته تجربة الذاكرة عبر سنواتها الطويلة.. إن هذا يؤدي إلى الحديث عن الموهبة الممزوجة بالصدق والنقاء، إذ برأيي ستكون أقصى ما يمكن أن يصل إليه المرء من كفاءة وروعة.وليس ثمة قضية أهم من مواجهة الإنسان لوحدته.. إن هذا العالم نهض على الأغلب من أشياء تافهة وغير ملفتة، وهذا ما يمنح الإغراء للبحث عن حياة نقية وأكثر نضارة.

مدونات أخرى