"الخط العسكري" تفرقة عنصريّة بنكهة سوريّة

"الخط العسكري" تفرقة عنصريّة بنكهة سوريّة

24 فبراير 2014
+ الخط -

يبدو أن مصطلح "الخط العسكري"، الذي ولد مع دخول القوات السورية الى لبنان، أصبح واقعاً ملموساً يعيشه السوريون منذ بداية الثورة. فحالة القسمة التي كرّسها "الخط العسكري" على الحواجز ليست جديدة في أذهان السوريين وواقعهم المرير. وتعزَّز هذا الواقع أكثر في السنتين الأخيرتين.

يشرح "أبو بسام"، الذي تضطره أعماله إلى السفر بين المحافظات السورية، أنه أينما ذهب في دمشق أو على الطرقات الدولية أو في مناطق النظام الأخرى، ينقسم الطريق الى خطين: خط مدني تعبره السيارات المدنية، وآخر عسكري يعبر منه العسكريون بآلياتهم العسكرية أو المدنية. والازدحام لا يكون بالطبع إلا من نصيب الخط المدني. أما الخط العسكري، فحتى وإن فرغ من السيارات، لا يسمح للمدنيين بالمرور عليه.

ويختلف التعامل بين سائقي الخطين اللذين يقسمان سيارات البلد وفقاً للطالبة سناء، التي تقطع العديد من الحواجز يومياً باتجاه جامعتها: "فالعابر على الخط العسكري لا يحتاج سوى إلى إبراز بطاقته العسكرية، أو الأمنية. في حين أن المار على الخط المدني تختلف المعاملة معه ويختلف التفتيش، وقد تختلف أشياء أخرى".

يحاول ن.ن. في أغلب الأحيان أن يمر عبر "الخط العسكري" عندما يزدحم "أوتوستراد العدوي" فيُخرج بطاقة العمل، لكنها لا تنفع في كل مرة مع العسكري الذي يعيده إلى الخط الآخر. يحاول ن. النفاذ دائماً عبر الخط العسكري معتمداً على أن الجنود على الحاجز صاروا يعرفونه، لكن المشكلة تظل أن الجنود يتبادلون المواقع والمناوبات بين الخط العسكري والخط المدني فلا ينجح الأمر في العديد من الأحيان.
غالباً ما تنتهي محاولات جوني بالعبور من الخط المدني عند ازدحامه إلى الخط العسكري بالفشل. فالعسكري لا يسمح له بذلك "فقد يعطل سيارة إسعاف عسكري أو مرور ضابط ما". يقول هذا متهكماً وهو العارف بالحواجز التي خبرها جيداً خلال تنقله.

"الخط العسكري" لا ينطبق على السير فقط. فهذه حالة لطالما خبرها السوريون في أفران الخبز التي تتميّز بوجود نافذة خاصة يشتري منها العسكري خبزه دون عناء الانتظار. الوضع ذاته أصبح واقعاً مزرياً أمام مديريات التجنيد وشُعَبها، وفقاً لحسام، الذي يبحث منذ بداية العام عن طريقة لتأجيل الخدمة الإلزامية. يقول حسام إن "العسكريين لا يحتاجون إلى الانتظار إذا ما أرادوا تأجيل قريب لهم فيكتفون بإبراز بطاقتهم العسكرية، فيما على المدني أن يؤجل حاجته وأن يصمت على اغتصاب دوره إلى ما بعد أن ينهي العسكري مسألته".

يمتد الخط العسكري في قسمته للبلد الى المؤسسات المدنية، فحتى هذه المؤسسات قسمها الخط العسكري وأوجد لنفسه مساحة تضيق وتتسع وفقاً لحجم العسكري ورتبته وانتمائه المناطقي.

حالة القسمة التي يحدثها "الخط العسكري" في مناطق النظام، لا يرى فيها البعض أي نوع من الإنصاف، فكل شيء يذهب للعسكر من طحين ومازوت ورواتب، ليبقى "الخط العسكري" الذي يقسم الطرقات خطاً واقعياً وملموساً يقسم البلد إلى نصفين.. أو أكثر.