"البصارطة تحت الحصار".. القرية المصرية في رواية أخرى

"البصارطة تحت الحصار".. القرية المصرية في رواية أخرى

05 ابريل 2017
(حملة تضامن واسعة مع قرية البصارطة/ فيسبوك)
+ الخط -

"البصارطة_تحت_الحصار"، هاشتاغ خرج منذ أكثر من سبعة أيّام يحمل استغاثة من أهالي قرية بمحافظة دمياط أقصى شمال القاهرة، يعيشون حالة من الرعب وصفوها بـ"حصار" أمني فُرض عليهم.

القصّة بدأت بإعلان وزارة الداخلية مقتل أحد أفرادها في 27 مارس/ آذار 2017، يُدعى "مسعود الأمير" على يد ملثّمين في عملية إرهابية، وبدأت على أثرها حملة من مديرية أمن دمياط لضبط المتورّطين، لكن الأهالي يملكون قصّة أخرى لما حدث.

"حملة أمنية انتشرت في القرية متمركزة في عددٍ من المنازل التي طُرد أهلها منها، للقبض على عدد من الشباب المطارد" تلك هي رواية الأهالي.

يخشى الأهالي في البصارطة الإعلان عن أسمائهم خوفًا من الملاحقة، فوفقًا لحديثهم قُبض على أكثر من 30 شخصًا خلال الأيّام الماضية.

في فجر الثلاثاء 27 مارس/ آذار الماضي، فوجئت فاطمة بقوّات الأمن تقتحمُ المنازل، وتُكسّر كافة محتوياتها، الأمر استمرّ طوال اليوم على حدّ قولها، مشيرة في حديث إلى "جيل"، إلى أن المنازل اقتُحِمت أكثر من مرّة، وفي نهاية اليوم طالبت قوّات الشرطة الأهالي بتسليم بعض الشباب.

خرجت قوّات الأمن من القرية في نهاية اليوم، لكنها بقيت متمركزة على المداخل والمخارج، ظنّ الأهالي أن الأمر انتهى، لكن فاطمة تعود لتؤكّد أنه بحلول صباح الأربعاء تكرّرت الاقتحامات مرّة أخرى، وتحوّلت أجزاء من القرية إلى ثكنة عسكرية، كما تصفها.

تتابع أنه بحلول صباح الخميس كانت الاقتحامات أكثر قوّة، حين أحضرت قوّات الأمن كلابًا بوليسية لتفتيش المنازل، وأمروا أصحاب خمسة منازل بإخلائها تحت التهديد، موضّحة أنهم تشرّدوا في باقي منازل القرية، كان من بين من أُجبروا على التهجير شقيقتها وأسرة زوجها.

فرضت قوات الأمن حظر التجوّل طيلة الوقت، وأصدرت قرارات أخرى: "ممنوع نفتح الشبابيك، أو نخرج من البيوت، أو يصعد أحد إلى سطح المنزل"، تُشير فاطمة إلى أن الوضع أصبح هكذا بعد أن استمرّت الاقتحامات والسيطرة على أسطح المنازل من قبل قوّات الأمن.

توضح أن قوّات الأمن بدأت بطباعة صور الشباب وتعليقها على المنازل للمطالبة بالإبلاغ عنهم، وسط تهديدات للأهالي بأنّهم مستمرّون في الحصار طالما لم يعثروا على هؤلاء الشباب.


اعتقالات واسعة
محمد أيمن، 16 عامًا، كان واحدًا ممن قُبض عليهم خلال تلك الأحداث، تُشير شقيقته في حديث إلى "جيل" إلى أنه كان عائدًا للمنزل حين تعرض للاعتقال، ورغم معرفة أهله بوجوده في نقطة للشرطة قريبة من القرية لم يتمكّنوا من رؤيته.

حاولت أسرة محمد في البداية رؤيته، وقوبل طلبهم بتوجيه سيل من الإهانات والتهديدات، على حدّ قولهم، مؤكدين أن كافة من قبض عليهم لم يتمكّن أحد من رؤيتهم أو معرفة شيء عنهم، معلقة: "الوضع مرعب في البصارطة".

محمد لم يكن الحالة الوحيدة بين من قبض عليهم من الذين يقلّون عن 18 عامًا، فأحمد سمير، 13 عامًا، خرج يحمل هاتفه لالتقاط صورة لما يحدث خارج منزله، لكن الأمر انتهى بالقبض عليه مساء الجمعة 31 مارس/ آذار، ووضعه في المدرّعات سريعًا، مثلما يروي والده لـ"جيل".

تلقى والد أحمد وعودًا بخروجه عقب ساعات، لكنه بمرور اليوم الخامس لم يعد يعلم مكان وجوده، ويتابع: "أنا عايز ابني يخرج، أحنا ماشيين جنب الحيط، ملناش دعوة غير بأكل عيشنا وهو طفل ملوش دعوة بحاجة لو قالوا لنا أي حاجة هنسمع كلامهم".

مصطفي شاكر، 13 عاما، هو الآخر قبض عليه في نفس اليوم لكنه كان أكثر حظاً بخروجه فجر اليوم التالي، راجياً يقول والده: "اتكلموا عن البصارطة علشان يفكوا الحصار عنها، البيوت اتكسرت وقبضوا على ناس ملهاش ذنب".


اقتحامات متكرّرة
لم تكن هذه المرّة الأولى التي تُقتحم فيها البصارطة، فخلال عام 2014، أعلنت وزارة الداخلية في 30 أغسطس/ آب، عن مداهمة القرية للقبض على ثلاثة من الأشخاص لتحريضهم على التظاهر ضدّ مؤسّسات الدولة.

الأمر الذي تكرّر في 6 مايو/ أيار 2015، بإعلانها فرض طوق أمني حول القرية، لضبط عدد من المنتمين لجماعة الإخوان، لتنظيمهم مظاهرة في شوارع القرية، انتهى الأمر بالقبض على 16 شخصًا ووجّهت إليهم تهمة "التظاهر دون تصريح".

ثلاثة اقتحامات أخرى وقعت في سنة 2016، بدأت في 21 مارس/ آذار، بإشعال النيران في منزل "مريم ترك" الفتاة المحبوسة في قضية عُرفت إعلاميًا بـ"فتيات دمياط"، بعد مداهمة الأمن لمنزلها وثلاثة منازل أخرى ضمت ثماني شقق سكنية.

بحلول 26 سبتمبر/ أيلول 2016، تكرّر الأمر مرّة أخرى في القرية من خلال تكسير محتويات بعض المنازل، في النهاية سمح "الأمن" للأهالي بالخروج من منازلهم وغادرت قوّات الأمن لكنهم ظلوا على مداخل القرية.


قطع الاتصالات
في مساء أول أمس 3 أبريل/ نيسان لم يعد أهالي القرية قادرين، على نشر ما يحدث لديهم على شبكة الإنترنت بعد القبض على كافة مقدّمي خدمات الإنترنت وقطعها عنهم، بحسب ليلى، مؤكدة أن الوضع أصبح يشبه "أهالي العريش"، وأن الرعب يسيطر عليهم بعد تهجير الأهالي وقطع الإنترنت.

تُشير ليلى إلى أنهم يعملون يوميًا على سلسلة من الأسماء تضاف لقائمة المقبوض عليهم، من بينهم عدد من الأطفال تبدأ أعمارهم من 12 عامًا، وأسر أصبحت جميعها رهن الاعتقال.

المساهمون