"الائتلاف" السوري وفشل الزيارة الأميركية

"الائتلاف" السوري وفشل الزيارة الأميركية

16 مايو 2014
قد تكون الزيارة آخر سهم في جعبة "الائتلاف" (getty)
+ الخط -

عاد رئيس "الائتلاف الوطني" السوري المعارض، أحمد الجربا، من واشنطن، خالي الوفاض، تماماً مثلما ذهب، باستثناء ظفره بصفة "البعثة الأجنبية" التي بات يحملها مكتب "الائتلاف" في واشنطن ونيويورك، وجملة نصائح جديدة حمّلته إياها إدارة الرئيس باراك أوباما حول ضرورة توحيد المعارضة ومواجهة المتطرفين، ليحمّل بدوره الثورة والمعارضين، الذين منّوا النفس بالزيارة، خيبة جديدة، رغم يقينهم المسبق بأن الإدارة الأميركية "الديمقراطية"، لن تقدم على عمل خارق يخلصهم من الموت اليومي أو من حكم النظام الحالي.

لم يلقَ كلام مدير مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي، جيمس كومي، وتشبيهه ما يجري في سورية بما جرى في أفغانستان بثمانينات وتسعينات القرن الماضي، ما يستحق من قراءة واهتمام، بقدر ما طرب وفد "الائتلاف" لبناء علاقة استراتيجية طويلة المدى بين الولايات المتحدة، و"سورية الجديدة"، مبنية على "المصالح المشتركة"، و"جهود مكافحة الإرهاب ضد المجموعات المتطرفة" و"سبل محاسبة النظام" والحصول على "أسلحة نوعية" تساعد المعارضة لحسم النزاع المسلح مع النظام السوري.

وثمة مَن يرى في سورية وخارجها اليوم، أنه لو اهتم الجربا والائتلاف عموماً، بكلام كومي، لغيّر من برنامج زيارته، أو استخلص على الأقل، تغيّر نظرة الأميركيين، وربما معهم الأوروبيين، للثورة التي غدت حرباً أهلية في نظرهم، وللمعارضة على اعتبار أنها تمثيل منقوص ولا حول لها مع "المتطرفين" ولا قوة، وأن بقاء نظام الأسد هو الحل ولو مرحلياً بالنسبة إليهم، وأن التعايش معه على الجغرافيا التي يحكمها، أمر واقع فرضه "المتطرفون وجنوح الثورة".

وما اكتفاء الولايات المتحدة بالإعراب عن "اشمئزازها" إزاء ترشح الرئيس بشار الأسد، ووصف الرياض له بـ"اللاديمقراطي"، سوى دليل على ذلك.

وثمة من يعتبر أيضاً أن ترحيب الرياض بإعادة العلاقات مع طهران، ودعوة وزير الخارجية محمد جواد ظريف لزيارتها، وسحب الملف السوري من يد الأمير بندر، في الوقت الذي تزج طهران بكامل طاقاتها وقوتها إلى جانب النظام السوري، هو إشارة أشد وضوحاً إلى احتمال أن تكون زيارة الجربا إلى واشنطن، آخر سهم في جعبة "الائتلاف"، قبل إعادة تدوير الأسد لفترة وراثية ثالثة، بينما تنتهي ولاية الجربا بعد أقل من شهرين.

وفي مقارنة بسيطة، يمكن ملاحظة أن "النصر الدبلوماسي" الذي حققته الزيارة الأميركية بحسب الجربا و"الائتلاف"، يُختصَر بتسهيل التحويلات المالية إلى مصارف الولايات المتحدة، وبنيل مساعدة 27 مليون دولار "معدات غير فتاكة"، بينما أملت المعارضة بالحصول على مضادات للطيران ودروع. أما في المقلب الآخر من الصورة، فتعلن موسكو عن تنفيذ الدفعة الأولى من صفقة طائرات مقاتلة للنظام السوري، تزيد قيمتها عن 100 مليون دولار، من أصل قيمة الصفقة الكلية لـ36 طائرة تبلغ قيمتها 550 مليوناً.