"إعلام كاشاني".. أو القنوات الإيرانية في العراق

"إعلام كاشاني".. أو القنوات الإيرانية في العراق

10 يونيو 2014
الجمهور العراقي محكوم بعشرات القنوات.. (Getty)
+ الخط -
يأخذ الحديث عن الدعم السياسي المباشر في العراق لهذه الجهة أو تلك، مرتبة الصدارة، ويتم التغافل في أحيان كثيرة، عن مستويات أخرى من لا تقل أهمية وتأثيراً، أو هي في الصميم منها. والإشارة هنا إلى الدعم الإعلامي الضخم الذي تقدمه إيران لجميع الحركات والجهات السياسية الشيعية.

وفي جردة حساب بسيطة للقنوات الفضائية الممولة من إيران، أو بتعبير المناوئين للنفوذ الإيراني، "القنوات الإيرانية في العراق"، يلاحظ أن إيران جهّزت وافتتحت لكل جهة متحالفة معها، أو موالية لها، "فضائية تلفزيونية" في أقل تقدير، فضلا عن تمويلها المشاريع الصحافية "الصغيرة" مثل الصحف والمجلات ومراكز الدراسات.

فقد موّل الإيرانيون مثلاً، لـ"حزب الدعوة الاسلامية" وهو أكبر الأحزاب الشيعية ويتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي، قناة "آفاق" الفضائية، وقاموا عام 2006 بشراء ونصب الأجهزة المختلفة للقناة.

تمويل إعلام المنشقين

أما "حزب الدعوة الاسلامية تنظيم العراق" الفرع الثاني لحزب الدعوة، فقد حصل أيضاً على تمويل إيراني لافتتاح قناة "المسار". والمفارقة أن الصراع الذي حدث بين أجنحة الحزب عام 2009، وأدى إلى انشطار الحزب إلى جماعتين، دفع إيران إلى تمويل قناة أخرى "المسار 2" لمصلحة زعيم الجناح المنشق عبد الكريم العنزي.

الأمر نفسه، ينطبق على قناة "بلادي" التابعة لتيار "الإصلاح" بزعامة إبراهيم الجعفري.

وتمتد قصة التمويل إلى قنوات" الفرات" التابعة للمجلس الإسلامي الأعلى بزعامة عمار الحكيم، وقناة "الاتجاه" التابعة لكتائب حزب الله العراقي، و"العهد" الناطقة باسم جماعة "عصائب أهل الحق" الموالية لإيران. إضافة إلى فضائية "الغدير" التابعة لمنظمة بدر بزعامة وزير النقل هادي العامري.

وهناك أيضا قناة "آسيا" التي يديرها مقربون من زعيم المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي.

تبنّي الخطاب الإيراني

هذه أبرز القنوات التي أسست وموّلت من إيران لزعامات سياسية شيعية بارزة، وثمة عشرات الوسائل الصحافية والإعلامية الثانوية الأخرى الممولة إيرانياً، والخاضعة ضمناً للخطوط العامة التي يحدّدها "اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية" في إيران، الذي يشرف عليه الشيخ محمد علي التسخيري المولود في النجف عام 1944 والمرحّل لإيران في سبعينيات القرن الماضي بسبب أصوله الإيرانية. وهو مكلف من قبل المرشد الإيراني علي الخامنئي بالإشراف على الاتحاد الذي يضم كل وسائل الإعلام الممولة إيرانياً في العراق ولبنان ودول أخرى. ويمكن ملاحظة أن جميع تلك الوسائل الإعلامية تتبنّى الخطاب الإعلامي الإيراني من مختلف القضايا المحلية والإقليمية المتعلقة بإيران، وتتبنى بشكل كامل موقف إيران من القضية السورية. ومن هنا صدق عليها اسم "إعلام كاشاني"، كما يحلو للبعض وصفها، (من وحي اسم نوع شهير من السجاد يُصنّع في إيران).

اتحاد عراقي.. واجهة

ويرى كثيرون أن اتحاد الإذاعات الإسلامية، ينسق عمله في العراق تحت عنوان نقابي يطلق عليه "اتحاد الإذاعات والتلفزيونات العراقية" ومقرّه في منطقة الجادرية ببغداد. ويحاجج الناطق باسم هذا الاتحاد عدنان العربي، أن "لا ترابط" بين اتحاده والاتحاد الإيراني، وما بين الجانبين علاقات "تنسيق". ويقول في حديث لـ"العربي الجديد": إن "مجموعة فضائيات وقنوات عراقية قرّرت انشاء الاتحاد عام 2011، في مهمة تحديد الخطاب المهني الوطني، والنهوض بالواقع العراقي الجديد". وهذا يعني أن الاتحاد العراقي، تأخر تأسيسه عن الاتحاد الإيراني بضع سنوات، لأن الأخير دشّن باكورة دعمه وتأسيسه للفضائيات العراقية بعد عام 2003. ويؤكد العربي أن"الاتحاد العراقي يضم أكثر من 85 فضائية عراقية من مختلف التوجهات".

لكن صحافيا يعمل في إحدى القنوات العراقية الممولة إيرانيا فضّل عدم الكشف عن هويته، أكد لـ"العربي الجديد" أن الاتحاد الإيراني المذكور "هو الذي أسس اتحاد الإذاعات والتلفزيونات العراقي، ليكون واجهته الأمامية في العراق، وأن إيران هي الممول الرئيس للفضائيات الشيعية التي تأسست بعد 2003".

على أي حال، يعتقد كثيرون أن الدعم المالي للمؤسسات الشيعية الإعلامية، يمثل أحد أبرز معالم النفوذ الإيراني في العراق، والمفارقة أن الولايات المتحدة الأميركية التي أطاحت حكم الرئيس الراحل صدام حسين لم تموّل سوى قناة واحدة هي قناة "الحرة – عراق" فيما يموّل الإيرانيون عشرات الفضائيات. ومع ذلك، يستنتج بعض الصحافيين، أن النفوذ الإيراني على تلك الفضائيات ما زال مهيمنا، لكن التمويل تراجع كثيرا في الفترة الأخيرة، نتيجة عاملين، الأول: الأزمة الاقتصادية التي تعرّضت لها إيران عقب العقوبات الدولية التي فرضت عليها، والثاني: تصاعد شبكة الأموال والمصالح التي حققتها الكتل السياسية الشيعية بعد وصولها إلى السلطة، وتمكنت خلالها من تمويل جزء من نفقاتها الإعلامية والصحافية.

المساهمون