"إتاوات" الشرطة المصرية: سرقة اﻷموال مقابل عدم تلفيق الاتهامات

"إتاوات" الشرطة المصرية: سرقة اﻷموال مقابل عدم تلفيق الاتهامات

20 اغسطس 2016
يهيمن الفساد على أداء الأجهزة الأمنية (Getty)
+ الخط -
لا تتوقف انتهاكات وتجاوزات جهاز الشرطة المصرية، منذ وصول الرئيس، عبد الفتاح السيسي، إلى السلطة قبل أكثر من عامين، بحجة "مواجهة الإرهاب" ضد رافضي الانقلاب على الرئيس المعزول، محمد مرسي. وقد اعتادت قوات الشرطة على انتهاكات عدة، من اعتقالات ممنهجة وعشوائية من دون سند قانوني، وقتل على الهوية، وقمع شديد لمعارضي النظام، وتصفيات جسدية، والتوسّع في التعذيب والإهمال الطبي داخل أماكن الاحتجاز، غير أنه ظهر أخيراً نوع آخر من الانتهاكات عن طريق فرض "إتاوات" على المواطنين.

في هذا السياق، تقتحم قوات اﻷمن المنازل فجراً، بما يعرف بـ "زوار الفجر" لاعتقال رافضي الانقلاب أو حتى معارضي السيسي، ومن ثم التحفظ على كل اﻷموال والأشياء الثمينة وعدم كتابتها في محضر الضبط. ولكن جهاز الشرطة توسّع في عملية سرقة الأموال والمشغولات الذهبية خلال عمليات اقتحام المنازل، وهو ما وصفته مصادر بـ"اﻹتاوات"، وذلك لعدم تحرير محاضر بحق المقبوض عليهم. ونفذت قوات الشرطة حملات مداهمات خلال اﻷسبوعين الماضيين على منازل، بدعوى انتماء أصحابها لجماعة "الإخوان المسلمين" أو رافضي الانقلاب، علماً بأن هؤلاء لا علاقة لهم بالسياسة.

في هذا الصدد، تكشف مصادر شبابية داخل جماعة اﻹخوان المسلمين، عن أن "قوات اﻷمن داهمت منازل عدة في القرى في مختلف المحافظات، وألقت القبض على عدد من المواطنين، من دون تحرير محاضر بحقهم". وتضيف المصادر لـ"العربي الجديد"، أن "اﻷمن يحتجز المواطنين في أقسام ومراكز الشرطة بعد مداهمة منازلهم، وسرقة كل اﻷموال والمشغولات الذهبية واﻷشياء الثمينة، ومن ثم تبدأ عمليات المقايضة: الحرية مقابل عدم استرداد متعلقاتهم".

وتشير إلى أن "كل المحبوسين، ونظراً لعدم تطبيق القانون بشكل فعلي، يوافقون على ذلك في مقابل الحرية وعدم استمرار احتجازهم وتحرير محاضر لهم أو اختفائهم قسرياً". وتلفت المصادر إلى أنه "عند سؤال اﻷهالي عن ذويهم المقبوض عليهم يكون الرد ليسوا متواجدين، وبالتالي فهم في عداد المفقودين والمختفين قسراً، وتفشل كل محاولات المحامين في الوصول إليهم".






وتشدّد على أنه "يتمّ تهديد المقبوض عليهم بعمل محاضر انتماء لجماعة اﻹخوان المسلمين، وحمل سلاح والتظاهر من دون ترخيص، وغيرها من الاتهامات الجاهزة في محاضر الضبط، أو التنازل عن كل متعلقاتهم الثمينة وإخلاء سبيلهم من دون تحرير محضر". وتوضح المصادر ذاتها أن "عمليات سرقة اﻷموال والمتعلقات كانت تحدث مع عمليات الاعتقالات، أما اﻵن فبات هناك توسع في المقايضة على الحرية مقابل اﻷموال، التي لا تذهب إلى وزارة الداخلية ولكنها تذهب للضباط وأمناء الشرطة كنوع من اﻹتاوات".

كما تنوّه إلى أنه "من الصعب تحديد عدد الحالات وما إذا كان بعضهم يرفض أم لا، نظراً ﻷنهم ليسوا من جماعة اﻹخوان أو حتى من التيار اﻹسلامي الرافض للانقلاب. بالتالي فإنه من الصعب تحديد عددهم، ولكن التقديرات تشير إلى أنهم بالعشرات". وتتابع أن "عمليات السرقة العلنية بدأت تظهر بشكل كبير خلال الفترة الماضية، ولكنها تظهر بقوة خلال عمليات المداهمات التي تسبق أية مناسبة أو ذكرى وآخرها فض رابعة والنهضة".

وتضيف بأن "المئات مطاردون بسبب الملاحقات اﻷمنية المستمرة، والداخلية تعتمد على جواسيس في اﻹبلاغ عن تحركات المعارضين ورافضي الانقلاب، وفي بعض اﻷحيان يمتد اﻷمر للإبلاغ عن أشخاص على خصومة شخصية معهم ويتم القبض عليهم وتلفيق تهم لهم".

من جانبه، يقول الخبير اﻷمني، العميد محمود قطري، إن "علامات استفهام تدور حول أداء الجهاز اﻷمني وانتهاكاته وتراخيه". ويضيف قطري، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "تجاوزات جهاز اﻷمن تتمّ بفعل تأكد أفراده من أن العقاب لن يطاولهم، فلا محاكمات أو محاسبة داخل وزارة الداخلية حالياً، وكل ضابط يعمل بمزاجه من دون وجود توجيهات عامة".

ويلفت إلى أن "أمناء الشرطة عادوا لممارسة أعمالهم تحت غطاء من الضباط، حتى أن اﻷداء الأمني العام به خلل كبير وواضح مع تكرار حوادث السرقة والاختطاف". ويوضح قطري أنه "لا توجد معلومات لديه حول مسألة المقايضة على اﻷموال، ولكنه لا يستبعد حدوث هذا اﻷمر لانتشار الفساد وعدم المحاسبة، في ظل الحديث المتكرر عن محاربة اﻹرهاب والقبض على العناصر المسلحة أو مثيري الشغب".


المساهمون