"أ هو أ"

لكن الأيام أبت أن تمر دون أن تفهمني قيمة ومعنى هذا القانون المنطقي الخطير، واختارت ميداناً يبعد كل البعد عن ساحات الدرس والتدريس، حتى أكتشف بعد أكثر من 10 سنوات من دراستي لهذا القانون المنطقي البديهي، أن بعض الناس يغالطونا ويصرون أن "أ ليس هو أ"، فعندما قامت ثورات الربيع العربي، ولاح أمل التحرر من قبضة الاستبداد، الأمر الذي كان سيدفع بدولنا إلى مصاف الدول المحترمة، ويطهرها من وسم دول العالم الثالث، تكالبت الدنيا بأسرها على هذه الثورات لإفشالها والقضاء عليها وتنفير الناس من مجرد ذكر اسم الثورة.

" لا يجوز لنا أن نقول إن مصر هي سورية، أو سورية هي مصر، وهذا ببساطة لأن كل دولة لها ظروفها ومكوناتها الديمغرافية والدينية والسياسية، وبالطبع الجغرافية "

وكانت الثورة البطولية التي قام بها أهلنا في سورية، من أشد الثورات التي تعرضت للهجوم وللمؤامرات القذرة، ومن الواضح أنها كانت هي محل اختيار القوى التي تحكم العالم، لكي تصبح هي الفزاعة، التي من الممكن أن يلجأ إليها أي طاغية كمثال يعرضه على شعبه، لما ستؤول إليه الأمور لو فكر هذا الشعب في الثورة عليه، وبالفعل تم دعم بشار ليبقى في الحكم، وتوالت النجدات له من كل صوب وحدب.

كل هذا يحدث بالتوازي مع الإعلام الذي يحاول أن يسوق لهذه الفزاعة، تحت شعار "الحمد لله أننا لم نصبح مثل سورية"، وتحت هذا الشعار يجب أن تشكر الحاكم أنك لم تصبح مثل سورية، والحمد للظالم أنه جعلك تنام في بيتك لا في خيمة! وقد تم استخدام هذا الشعار بقوة في مصر فكل شيء يجب أن تقبله حتى لا نصبح مثل سورية!

واستخدام هذا الشعار شيء أبعد ما يكون عن المنطق، لأن هذا القانون الذي نتكلم عنه "قانون الهوية" يقول إن "أ هو أ" أي أن سورية هي سورية ومصر هي مصر، وكلتاهما تختلف عن الأخرى، فلا يجوز لنا أن نقول إن مصر هي سورية، أو سورية هي مصر، وهذا ببساطة لأن كل دولة لها ظروفها ومكوناتها الديمغرافية والدينية والسياسية، وبالطبع الجغرافية، فكيف يستوي لعاقل أن يقارن دولة بأخرى؟

نجّانا الله من المغفلين.