"أمامك كشة".. سودانيون يتكافلون ضد القانون

"أمامك كشة".. سودانيون يتكافلون ضد القانون

10 مايو 2015
المجموعة تهدف للهروب من رجال الرداء الأبيض (Getty)
+ الخط -

"احترس أمامك كشة (لجنة مرورية)" اسم لمجموعة سودانية على "الفيسبوك"، يهدف أعضاؤها إلى التعاون من أجل الهروب من الحملات واللجان المرورية، وعدم الوقوع في أيدي شرطة المرور أو من يطلقون عليهم رجال "الرداء الأبيض"، التي تسجل لهم مخالفات وتحصّل منهم مبالغ مالية، ويعترفون بأنهم يخالفون القانون، لكن دافعهم هو عدم العدالة، وفق رأيهم.

وفي صدر صفحتها، خطت المجموعة أهدافها بكلمات محلية بسيطة، تحدد آلياتها لمواجهة حملات المرور والاحتجاج عليها والعقوبات المالية الناتجة عنها، في مواجهة المخالفين لإجراءات المرور المتصلة بالرخصة وتظليل السيارات وربط حزام الأمان.. وتذكر "ناس المرور كرهونا الشارع.. رخصة، ترخيص، تظليل، حزام أو أي شيء، المهم يقلعوك (أي يأخذون منك المال كعقوبة)".

تكافل ضد القانون

وتوضح المجموعة أن هدفها تكافلي، وتدعو الأعضاء إلى تنبيه بعضهم البعض في حال شاهد أحدهم لجنة أو حملة مرورية، بتحديد مكانها حتى يتحاشاه باقي الأعضاء. فضلا عن تحديد أماكن الاختناقات المرورية، لا سيما أن هناك أوقات ذروة في الخرطوم تتعطل فيها الحركة لما يقارب الساعة.

كما يحرصون على تنبيه الأعضاء بالطرق السيئة ومواقع "الحفر"، لتجنبها مع التوثيق بالصور التي يتم التقاطها بأجهزة الجوال.

ولم تقتصر المواضيع على الحملات المرورية والتنبيه إليها، بل امتدت إلى مد يد العون فيما يتصل بالمشاكل الميكانيكية والفنية التي قد تواجه سائقي السيارات، مع نشر أرقام لأصحاب ورش تصليح السيارات في حال طلب المساعدة.



ورغم أن المجموعة في أهدافها تشجع على مخالفة القوانين وتساعد في الهروب منها، إلا أنها تعمد في الوقت ذاته إلى نشر التوعية المرورية بصفة عامة.

ويدافع أصحاب المجموعة عن نشاطهم رغم اقتناعهم بعدم قانونيته، لكنهم يرون أن هناك تذمرا عاما من قوانين الشرطة، فيما يتصل بالمخالفات والترخيص فضلا عن ممارسات رجل المرور.

يقول محمد (اسم مستعار) لـ"العربي الجديد": "المجموعة بها معلومات مفيدة، فضلا عن التنبيه بالحملات، فأنا شخصيا استفدت منها، أحيانا قد تواجههك ظروف فلا تستطيع أن تقوم بترخيص السيارة، أو يكون هناك شق صغير في زجاج السيارة ويتمسك رجل المرور بأن يسجل مخالفة مالية دون مراعاة لظروفك المادية".

ويشكو أعضاء المجموعة من عملية تجديد رخصة القيادة سنويا والتي تتجاوز رسومها الألف جنيه في المتوسط (168 دولارا أميركيا)، الأمر الذي يجده البعض مرهقا، خاصة أصحاب المركبات العامة، ويقترح البعض أن تلغى تماما باستثناء المرة الأولى التي عبرها يخضع السائق لامتحان القيادة.

ويطالب أعضاء المجموعة بالمساواة، ويرون أن الشرطة تتحامل على المواطنين وتمنعهم من تظليل السيارات، وتقف على أية مخالفة صغيرة كانت أو كبيرة، بينما تتساهل مع المسؤولين والموظفين الكبار.

ويذكر أحد أعضاء المجموعة "أنا مقتنع بضرورة احترام القوانين، لكن عندما تجد معظم سيارات المسؤولين وأصحاب النفوذ قد تكون غير مرخصة ولا يهتمون بربط الحزام ويظللون سياراتهم، فضلا عن التعقيد في إجراءات الترخيص، فماذا تفعل؟"، وأضاف "طالما تلك الممارسات موجودة سيكون هناك من يخالف القانون".

وفي تعليق داخل المجموعة حول بوست رفعه أحد القادمين الجدد حاول عبره نصح أعضاء المجموعة بالتراجع عن الخطوة، قال أحدهم "مع الأسف أنا أول المخالفين للقانون ومظلل السيارة وعندي ظهر (أي أنه نافذ في الدولة) لأني أرى غيري يفعل ذلك".

اقرأ أيضا: "الركشة" تنافس "الكارو" في السودان

أزمة القانون
وفي عام 2010 أصدرت شرطة المرور لائحة جديدة للتسويات المرورية، ضاعفت فيها قيمة الغرامات الخاصة بالمخالفات الفورية، والتي جزأتها اللائحة إلى درجات: الأولى مقدار الغرامة فيها من 30 جنيها سودانيا إلى 100 جنيه، والثانية غرامتها 75 جنيها، والدرجة الثالثة من المخالفات 50 جنيها.
بينما تطالب إدارة المرور برفع غرامة تظليل السيارات من مائة جنيه إلى ألف جنيه، مع استثناء الدستوريين ونواب البرلمان وعربات الإسعاف، والتصديق بتظليل 30 في المائة فقط، على أن يكون غير داكن.

وأخيرا منعت السلطات في السودان تظليل السيارات، وفي كثير من الأحيان تعمد إلى تنفيذ حملات لضبط السيارات المخالفة للقرار، وتقوم بإزالة التظليل فورا، مع توقيع غرامة مالية على المظلل، الأمر الذي يجد رفضا واسعا لدى أصحاب السيارات الذين يرون أن التظليل يقيهم من أشعة الشمس الحارقة. ونشر أعضاء المجموعة صورا لسيارات مرور مظللة، وكتب عليها "حلال عليهم وحرام علينا هم ماشوكلاته والشمس لا بتأذيهم".

وتسجل الحوادث المرورية في السودان زيادات مستمرة، خاصة على طريق المرور السريع الرابط بين العاصمة الخرطوم والولايات المختلفة، وهناك طرق اشتهرت بالحوادث وحصدت عددا كبيرا من الأرواح. فخلال العام الماضي، ووفقا لتقديرات وزارة الداخلية، فقد سجلت 1711 حالة وفاة نتيجة الحوادث المرورية، فضلا عن 4374 حالة إصابة متفاوتة.

وتجاوزت جملة المخالفات المرورية لذات العام 22 مليون مخالفة، بجانب أكثر من مليوني مخالفة ترخيص.

اقرأ أيضا: قضايا السودانيين على زجاج مركباتهم

دلالات