قصيدتان من السجن: اسمي يزداد غرابة

قصيدتان من السجن: اسمي يزداد غرابة

10 مايو 2018
فرناند ليجيه/ فرنسا
+ الخط -

الرائحة الكريهة

تكون الكتابة مثل الهضم في أوقاته سريعة
نصابُ أحياناً بالإمساك
وأحياناً أخرى بالإسهال
غير أن الأخير قد ينتج نصوصاً رديئة!
شعور مريح أن تخرج ما في جوفك
على الأقل أمعاءك الغليظة
ليس للغرور أو عدمه أي علاقة بالأمر
أقصد الرائحة الكريهة.
لن تستطيع الحديث عن الحب الآن
ليس ثمة علاقة بين الحب والرائحة الكريهة.
هل عدم إدراكنا لرائحة يعدّ إعاقة؟
لا أستطيع احترام البشر كثيراً..
جسد المرأة جميل.. مهما حاولوا إخفاءه
الاستمتاع عيب نخفيه
والتعصّب شرف
ندّعيه.
القتل مصدر فخر في كثير من الأحيان
لدرجة أنك قد تمنح أوسمة ومكافآت وألقاباً..
بل يصل الأمر إلى أن نحكم العالم لأننا قتلنا عدداً كبيراً من البشر!
الجميع متأكدون أنهم على حق.
لماذا بعد هذا كلّه أفصل بين الحب والرائحة الكريهة؟!
ولماذا لا أشتاق إليك رغم وجودي وسط غابة من الروائح الكريهة؟!
ربما هي الرغبة في اشتمام رائحة أخرى
لدرجة أنني أدفع المال مقابل ذلك.
الحرب لائقة بالرائحة الكريهة لا أكثر
ولدرجة الارتباط!
اسمي يزداد غرابة
أتفهمين ما أقصد؟!
أحياناً أكتب بخط جميل
وأحيانا أكتب بخط رديء
أحياناً أحبك
وأحياناً أخرى أحبك!
أقصد حين أكون غاضباً.. منك.
لا شيء آخر يستحق أن أغضب لأجله
لست غاضباً منك تحديداً
بل من تصرّفاتك
وتعرفين أنني لا أريدك أن تغيّري أي شيء فيك
لأني أحبك هكذا
ومستعد للغضب إلى أقصى الحدود
وسأبقى أحبك
وستبقين تحبّين غضبي من تصرّفاتك.
والحلقة لا تنتهي.. مثل الكون
مثل دوران الكواكب حول شموسها المزاجية
ومثل ابتسامتك آخر مرة!


■ ■ ■


بخصوص الرائحة الكريهة!

علاقة غريبة بين التوق إليك
والشوق
ليست في الكم.. بقدر الكيف.
وليس للتعريف علاقة بالأمر.
هو الشعور بذاته المجردة.
أن أتوق إليك وأنا في هذه الحال..
يشبه وضع العطر في جسد لم يمسه الماء منذ أكثر من شهر
الشوق إليك.. التوق إليك.. الحنين إليك
هو العطر الذي أحاول نثره في الأجواء.. الملوّثة أكثر من اللازم
واستخدمت الرائحة الكريهة فقط لكي أقرّب لك الفكرة
الأفكار تزول سريعاً مثل الموت
أقصد الألم
لا يهم
البقعة يمكن التخلص منها دائماً
أو التحايل عليها.
الكلورين ليس خياراً آمناً
الحب مثل الكلورين!
في بعض جوانبه على الأقل!
ليس هذا تراجعاً بقدر ما هو واقعية.
لماذا يوصف الواقعيون بالسوداوية؟!
الواقع أكثر أمناً على الأقل
وأقل ألماً... رغم مرارة طعمه التي لا تحتمل.
والألم الحاد.. الشديد الدقة.. الناجم عن عيشه.
الفعل ليس مهماً
النتيجة هي ما يعوّل عليه.
أقصد في قياس حجم الألم..
كل شيء يفقد لونه لدرجة التلاشي..
هنا..
هنا.. لا يمكن قياس الضوضاء.. والشذوذ الصوتي..
وقياس التلوّث.. وقياس الكراهية.. كمصدر.. وليس كقياس!
لا يمكن فهم الحياة كأسلوب محدد
التجربة هي ما يحدّد الأسلوب.
أي أن الترادف أمر غير وارد.
أي أن التشابه يصبح مستحيلاً بطريقة ما.
وتذوب الحقيقة بشكل مخجل..
بصفتها تحمل إحدى خصائص الفلزات!
الاستعارة في اللغة.. تؤدي إلى الموت أحياناً!
لهذا أنا أشعر بالإحباط الآن !
ولا أريد أن أقول المزيد!
سأتوقف عن التفكير.. وأحاول الاستسلام للواقع.
رغم أن محض وجودي هنا..
وبتجرّد شديد.. رفض للواقع..
أو هو على الأصح ثمن أدفعه.

دلالات

المساهمون