شكري القوتلي

رؤساؤنا عمالقة بقوة السلطة العمومية والمُلك، وإن كانوا أمثالنا في الهيئة والحجم، لكنهم يكبروننا بالأفعال والأثر، فهم يركبون طائرات عملاقة لا تحمل سوى راكب وحيد، لكنهم لا يلبثون أن يخسّوا في الحجم والمنزلة ويصبحوا أقزاماً عندما يحطّون في ديار الفرنجة.

أجيالٌ مسيّرة بفعل منظومة حكم بطريركية، رجعية التكوين، انتقلت بسورية من مجرّد كونها بلداً متخلفاً إلى بلد منتج للعنف واليأس واللاجئين. أمام سؤالٍ بالغ الأهمية، يتعلّق بمدى قدرة السوريين على المواجهة بذاكرةٍ وطنية "ممسوخة" ووعي مزيّف.

يردّ مؤلفا كتاب "أديب الشيشكلي... الحقيقة المغيبة" على مقالة سابقة للكاتب صقر أبو فخر نشرت في "العربي الجديد" ضمّنها مآخذ عديدة له على الكتاب، ويدعوانه إلى قراءة الكتاب بعين أكثر حيادية، مساهمة في الوصول إلى الحقيقة أو لجعلها أكثر منطقية.

من مفارقات ما يُعرف بـ"عهد الانفصال" في سورية أنّ "الانفصاليين" الذين اتهمتهم الدعاية الناصرية بالعداء للعروبة والقومية العربية هم من أدخلوا صفة "العربية" على "الجمهورية السورية"، ومعهم تمزّقت الهوية السورية إلى عصبياتٍ طائفيةٍ وعشائرية ومناطقية..

يسير العروبي القومي أسعد داغر في مذكراته الصادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات وسط عثرات اعترضت القضية العربية وتبلور فكرتها، معلقا آماله على ظهور "الزعيم الخارق" الذي يقود العرب نحو الوحدة، والدولة القائدة، ومستمرا في خدمة الفكرة العربية.

يمكننا أن نعتبر الكبار، كسيد درويش، وعمر البطش، وفيروز والرحبانيين، وصباح فخري، وناظم الغزالي، الأعمدةَ الأساسية للغناء التراثي الشعبي. ولعلّ صباح فخري هو الأكثر دراسةً لهذا التراث وتعمّقاً فيه، وإنتاجاً لم يتوقف على مدى ثلاثة أرباع القرن.

مع دخول الثورة السورية عامها العاشر، وبغضّ النظر عن مآلاتها الراهنة، تبقى الحقيقةُ الوحيدة أنّ اغتيالَ حراك الشارع وتقويض مصداقيته، كثورةٍ وطنية ديمقراطية لكلّ السوريين، لم يكن سوى انعكاس لشتى الهزائم السياسية والعسكرية والأخلاقية.

الطريقة التي يمارس بها السوريون السياسة تشبه الهواية أكثر مما هي السياسة التي تهدف إلى الوصول إلى السلطة، فهم لا يقومون بأي فعل سياسي في الواقع، مكتفين من السياسة بمتابعة الأخبار على المحطات الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي.