لا تركن سيارتك في الدار البيضاء

لا تركن سيارتك في الدار البيضاء

06 ابريل 2017
سيارات ضحيّة "الصابو" (العربي الجديد)
+ الخط -
تعاني مدينة الدار البيضاء المغربية من نقص كبير في المواقف والمساحات المخصصة لركن السيارات والفوضى الناجمة عن ذلك في كثير من شوارع العاصمة الاقتصادية للمملكة. ويزيد الأمر سوءاً فوضى تدابير حجز السيارات الذي يُعرف بـ"الصابو".

يشتكي سكان هذه المدينة، وهي الأكبر في المملكة المغربية، من قلّة المواقف المخصصة لسياراتهم. وإن توفّرت في بعض الشوارع، فإنّ بدلات الاشتراك فيها تكون باهظة الثمن تفوق قدراتهم المادية.

محمد لخوان، تاجر في الدار البيضاء، يعاني من ظاهرة غياب مواقف للسيارات في المناطق الحيوية، يقول: "أجد صعوبة كلّما رغبت في ركن سيارتي عند توجّهي إلى العمل أو عند عودتي إلى المنزل". ويتحدّث لـ "العربي الجديد" عن معاناته، مشيراً إلى أنّه يهدر تقريباً نصف ساعة وأحياناً أكثر، في بحثه عن مكان لركن سيارته. ويتكرّر ذلك عندما يقصد مقهى أو مركزاً تجارياً، "وأحياناً أضطر إلى ركنها بعيداً لأستقلّ سيارة أجرة توصلني إلى المكان الذي أقصده".

ويؤكّد لخوان أنّ ركن سيّارة في الدار البيضاء أصبح أمراً مستعصياً على كثيرين، مردفاً أنّ "تكلفة ركن السيارة التي يتحمّلها المواطن البيضاوي تزيد الطين بلّة، ويجعل البعض يفضّل التحرّك بواسطة سيارات أجرة، على الرغم ممّا يستتبع ذلك من مصاريف إضافية".

من جهته، يعزو أحمد وهو كذلك من سكّان المدينة، "استفحال مشكلة ركن السيارات في شوارع الدار البيضاء إلى الازدحام الكثيف وعدد السيارات الهائل فيها. فعدد السكان يرتفع سنة عن سنة، بينما الشوارع ومواقف السيارات ثابتة لجهة العدد". يضيف لـ "العربي الجديد" أنّ "مواقف السيارات المرخّص لها من قبل السلطات المحلية قليلة، بالنظر إلى عدد سكان الدار البيضاء، فيما تتزايد مواقف أخرى غير مرخّص لها بصورة كبيرة لتحوّل المدينة إلى ما يشبه سوقاً غير منظم". ويتابع أحمد أنّه "بسبب قلّة المواقف في المدينة، فإنّ أصحاب سيارات كثيرين يعمدون إلى ركنها في مساحات وأماكن عشوائية، الأمر الذي تنتج عنه فوضى هائلة، خصوصاً أنّ السلطات المحليّة تبقي تلك المواقف العشوائية في مرمى نظرها".

أمّا محمد زكام وهو حارس سيارات في أحد شوارع الدار البيضاء، فيقول لـ "العربي الجديد" إنّ "فوضى مواقف السيارات في المدينة يعود إلى عدم تنظيم هذا القطاع، وكذلك إلى تطفّل بعض حراس السيارات الذين يشجّعون أصحابها على ركنها في مواقف عشوائية". يضيف أنّه يتفهّم أحياناً أصحاب المركبات الذين يركنونها في المواقف العشوائية غير المرخّصة، "فهذه المواقف على الرغم من فوضاها، إلا أنّها تؤدّي دوراً تنفيسياً حقيقياً. لولاها لتوقّفت حركة السير في المدينة".

إلى ذلك، تؤرّق "الصابو" أصحاب السيارات، إذ من خلالها تكبّل عجلات السيارة فتعطّل حركتها، في حال ركنها في مواقف غير قانونية. ومهمّة حجز السيارات هذه كانت قد تكلفت بها شركة متخصصة بموافقة مجلس مدينة الدار البيضاء. لكنّ "الصابو" أثارت كثيراً من الحنق والاحتجاجات، وصلت إلى حدّ تدخّل ناشطين ومنظمات حقوقية. وقد طالب حقوقيون مغاربة، على رأسهم النقيب عبد الرحمان بنعمرو، بإلغاء العقد بين سلطات الدار البيضاء والشركة الإسبانية المعنية بحجز السيارات إلى حين تسديد أصحابها غرامات مالية.

تتجه السلطات المحلية كما يبدو نحو وقف العمل بذلك العقد، من خلال عدم تجديده. فهو ينتهي في أواخر إبريل/ نيسان من العام الجاري. يأتي ذلك بعد إلغاء تدابير حجز السيارات في كلّ من مدينتَي الرباط ومراكش بموجب قرار قضائي على أثر شكاوى تقدّم بها مواطنون ومنظمات حقوقية. وتتّجه الدار البيضاء اليوم إلى اعتماد تدبير جديد لحلّ مشكلة مواقف السيارات والاستغناء عن حجز المركبات بـ"الصابو".

في السياق، كان ناشطون في الجمعية المغربية لحماية المال العام قد رفعوا دعوى قضائية ضدّ سلطات المدينة خلال ولاية العمدة السابق محمد ساجد، واتهموها بـ"ارتكاب جريمتَي الغدر والقيام بعمل تحكمي، والمسّ بأحد الحقوق الوطنية، وهو الحقّ في التنقل".

ويقول المحامي عبد الرحمان بنعمرو، وهو واحد من أبرز وجوه رافضي حجز السيارات في فخّ "الصابو"، إنّ "هذه الممارسة غير قانونية وتخالف الدستور الذي ينصّ على حرية المواطنين في التنقل بحرية". يضيف لـ "العربي الجديد" أنّ "المشكلة تكمن في عدم تطبيق أحكام قضائية صادرة، تفيد بعدم شرعية حجز السيارات في الشوارع". ويؤكّد على "حقّ كلّ مواطن في نزع "الصابو" بنفسه عن عجلات سيارته، لأنّ ذلك الفخّ ممارسة غير قانونية في الأصل".