مقاضاة حكومة الدنمارك بسبب سحب الجنسية من 11 مواطناً

مقاضاة حكومة الدنمارك بسبب سحب الجنسية من 11 مواطناً

24 نوفمبر 2021
سحب الجنسية يمنع العودة إلى الدنمارك (ناصر السهلي)
+ الخط -

تجدُ حكومة الدنمارك نفسها مُتّهمة أمام المحاكم الوطنية على خلفية تجريد 11 مواطناً من جنسياتهم "إداريا" ودون حكم محكمة. وتبنّى المُشرّعون الدنماركيون منذ 2015 قراراً بتمكين السلطات في كوبنهاغن من سحب الجنسية من المتهمين في الانخراط في منظمات إرهابية، أو عصابات جنائية، بشكل إداري ودون العودة إلى المحاكم.

ويقضي القرار بعدم تحويل الأشخاص إلى "عديمي الجنسية"، أي سحبها من هؤلاء الذين يملكون جنسية مزدوجة، وهو ما لم يتم الالتزام به بشأن بعض النساء المتهمات بالالتحاق بتنظيم "داعش"

وتقاضي سيدة وطفلاها، وهم معتقلون في معسكر "روج" الذي تديره مليشيات كردية في شمال شرقي سورية، وزير الهجرة الدنماركي، ماتياس تيسفايا، على خلفية تجريدهم من الجنسية في 2019، وبالتالي منع عودتها مع الطفلين إلى بلدها حيث تقيم أسرتها.  

الصورة
الجنسية الدنماركية (ناصر السهلي)
يقضي القرار بسحبها ممن يملكون جنسية مزدوجة (ناصر السهلي)

وبحسب ما يروج من حيثيات الشكوى المقدمة من السيدة الثلاثينية، التي يُفترض أن تستمع لها محكمة "شرق" البلاد في كوبنهاغن من خلال تقنية "الفيديو كونفرنس" من معسكر اعتقال "الروج"، فإنها سافرت إلى سورية في عام 2014، وقتل زوجها في غارة أميركية بطائرة دون طيار في 2015، وقام وزيرا الهجرة والخارجية قبل 3 أعوام بالتوقيع على قرار سحب جنسيتها وطفليها بهدف منع عودتهم إلى البلاد. 

الصورة
الجنسية الدنماركية (ناصر السهلي)
المشرعون منحوا صلاحيات سحب الجنسية إدارياً (ناصر السهلي)

وينظر، بدءا من الثلاثاء، ثلاثة من القضاة الدنماركيين في "قانونية" حرمان السيدة من جنسيتها "دون حكم قضائي". وتكتسي هذه القضية أهمية خاصة بالنسبة لنحو 11 شخصا (وأطفالهم) الذين حرموا خلال الأعوام القليلة الماضية من جنسياتهم وأحالهم ذلك إلى عديمي الجنسية. ويراهن محامون يمثلون هؤلاء المواطنين على القضاء الدنماركي لفرض إعادة نظر بالقرار أو وجوب مثولهم أمام القضاء ليبت في التهم الموجهة إليهم وبقرارات تجريدهم من الجنسية الدنماركية، وبعضهم مقيم في البلاد وينتظر الترحيل وآخرون محرومون من العودة والمثول أمام المحكمة. 

وذكر أحد المحامين للتلفزيون الدنماركي، الثلاثاء، أن رفع القضية أمام القضاة "يهدف فقط إلى ضرورة إعادة الجنسية"، وليس النظر في أية اتهامات موجهة للسيدة المجردة من جنسيتها. واعتبر المحامي، كنود فولدشاك، أن موكلته المتواجدة مع الطفلين في معسكر "روج" سيجري الاستماع لها أمام القضاة لتقييم ما إذا كانت الإجراءات سليمة "حيث لم يجر سابقا الاستماع إلى الوقائع من أطراف القضية"، بحسب المحامي، الذي شدد للقناة الرسمية الدنماركية "دي آر" على أنه سيجري من بين أمور أخرى الاستماع للمرأة "لتقييم دورها وما كانت تقوم به سابقا في مناطق سيطرة تنظيم داعش" . 

الصورة
الجنسية الدنماركية (ناصر السهلي)
تُعتبر هذه المحاكمة سابقة في تاريخ المحاكمات (ناصر السهلي)

وتُعتبر مُحاكمة حكومة الدنمارك على حرمان المواطنة سابقة في تاريخ المحاكمات في البلد، وخصوصا منذ بدء تطبيق سياسة متشددة بعد انخراط الدنمارك في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش" في سورية والعراق في 2014. واعتبرت تلك المشاركة أن أي شخص يقف مع "داعش" متهم بالخيانة، وبالتالي يجري تجريده من الجنسية بصورة قرار إداري، على عكس السياسات الصارمة السابقة التي تطلبت مثول الأشخاص أمام المحاكم لمناقشة سحب الجنسية، التي تمنح وفق قواعد برلمانية مشددة في البلد.

ويحصل في العادة أطفال النساء الدنماركيات على الجنسية بصورة تلقائية، فيما يتوجب على أبناء الأصول المهاجرة التقدم بطلب المواطنة بشكل منفصل عند بلوغ الثامنة عشرة(إذا لم يكن الوالدان حاملين للجنسية).

ويرى المحامي فولدشاك، أنّ قرارات سحب الجنسية "إجراء تعسفي ينفذ خارج المحاكم"، في إشارته إلى السلطات التي يتمتع بها وزير الهجرة والدمج، تيسفايا، بمجرد توقيعه على قرار إداري بسحب الجنسية، بالأخص من مزدوجي الجنسية "إذا ما أظهروا فعلا يضر بشكل خطير بالمصالح الحيوية للبلاد"، بحسب قانون 2019 الذي منحه تلك الصلاحيات. 

ومعظم المواطنين الذين جردوا من جنسياتهم الدنماركية هم من أصول إيرانية وتركية وصومالية، بالإضافة إلى شاب من أصول باكستانية متهم بتزعم عصابة مارست العنف وإطلاق النار في موجة احتراب عصابات شبابية في كوبنهاغن في 2017، حيث حكم عليه بالسجن وتجريده من الجنسية (يحمل جنسية مزدوجة) وترحيله بعد قضاء المحكومية إلى باكستان، رغم اعتراض محاميه وأسرته باعتباره ولدا وكبر في الدنمارك ولا يعرف باكستان.  

المرأة التي تنظر المحكمة في سلامة سحب جنسيتها هي من بين ثلاث أمهات مع أطفالهن لم تقم الدنمارك بإعادتهن من معسكري اعتقال "روج" والهول" كما فعلت مع غيرهن صيف العام الحالي بإعادة 3 نساء و14 من أطفالهن، وذلك لأسباب تتعلق بتحلل كوبنهاغن من أية مسؤولية عنهن بسب تجريدهن وأطفالهن من الجنسية.

وتلقى القضية اهتماما بالغا لدى منظمات حقوقية، وأسر الأطفال والنساء الباقين في سورية، لممارسة المزيد من الضغوط لاستعادة الأطفال بشكل خاص. فرغم نأي النساء الباقيات بأنفسهن عن "أيديولوجية الدولة الإسلامية (داعش) المتطرفة" تصر حكومة كوبنهاغن على موقف متشدد من عودتهن، وخصوصا من السيدة الثلاثينية صاحبة الدعوة الحالية، وتحديدا لناحية أن زوجها الذي قتل في عملية أميركية اعتبرته واشنطن "شخصية بارزة في تنظيم داعش". 

المساهمون