كورونا هونغ كونغ يرعب جنوب الصين

26 فبراير 2022
مرضى في أسرّة خارج المستشفيات (بيتر باركس/ فرانس برس)
+ الخط -

تشهد جزيرة هونغ كونغ منذ أسابيع ارتفاعاً قياسياً في عدد الإصابات بفيروس كورونا، وصولاً إلى أكثر من 7500 إصابة يومياً. وأصبح طفل يبلغ 11 شهراً من العمر أصغر متوفٍ بفيروس كورونا في المدينة، وهو ثالث طفل صغير يتوفى في الأسبوعين الماضيين، ما دفع السلطات إلى فصل الأهل عن أطفالهم المصابين خلال وجودهم في المستشفى، والذي زاد الغضب الشعبي من النقص في استعدادات السلطات لمواجهة الوباء.
ويقول المسؤول عن هيئة المستشفيات المحلية لاو كا هين إن "عدد الأطفال المصابين بكورونا مرتفع جداً، ويحتاج الموظفون إلى وقت طويل كي يستطيعوا تجهيز غرف مناسبة لهم. لا أعرف ماذا يجب أن أفعل".
وكانت المستعمرة البريطانية السابقة إحدى المناطق القليلة في العالم التي أشير إليها بالبنان، بسبب قدرتها على مكافحة الوباء قبل عامين، إذ نجحت في الحفاظ على أدنى معدلات الإصابة بالفيروس في العالم، لكن تزايد عدد الإصابات بشكل كبير خلال فبراير/ شباط الجاري، جعل نظام الرعاية الصحية في المدينة مهدداً بالانهيار، حيث يرقد مرضى كُثر في أسرّة خارج المستشفيات التي لم تعد تستطيع استيعاب المزيد من المرضى. كما أن مرافق العزل الصحي محدودة، ما فاقم تدهور الوضع بشكل خطير.

ودفع ذلك عدداً كبيراً من المصابين إلى التسلل إلى البرّ الرئيسي في الصين من أجل تلقي العلاج والوقاية المناسبين، باعتبار أن الصين تتقدم على الجزيرة في مكافحة الفيروس وتطبيق إجراءات احترازية مشددة. لكنّ مدناً في جنوب الصين أصيبت بالذعر من احتمال نقل الفيروس إليها، ما دفع السلطات إلى إعلان مكافآت بعشرات آلاف الدولارات لوقف تهريب المصابين. وفرضت في مدن عدة، مثل مدينة شينزن، إجراءات مشددة على السكان، وأغلقت مناطق سجلت إصابات جديدة، وأيضاً رياض للأطفال وصالات رياضية، وأجبر السكان على إجراء اختبارات للحمض النووي مرة كل 72 ساعة.

فقدان السيطرة
وحول أسباب تدهور الوضع الصحي في هونغ كونغ، يقول الطبيب في مستشفى تاي بو التخصصي لو تشاو، لـ"العربي الجديد": "فقدت السلطات الصحية في هونغ كونغ السيطرة فعلياً على انتشار الفيروس، مع ارتفاع عدد الإصابات اليومية ووصولها إلى معدلات قياسية. ويعود ذلك إلى ظهور إصابات قدم أصحابها من الخارج خلال إجازة رأس السنة القمرية التي بدأت في مطلع فبراير/ شباط الجاري، وبينهم اثنان حملا متحوّر أوميكرون، وانتهكا قواعد الحجر الصحي عبر الاختلاط بالسكان، ما أدى إلى إصابة مئات في منطقة كاواي تشونغ". 
يضيف: "خلال الأسبوع الأول من فبراير/ شباط الجاري، زاد عدد الإصابات اليومية في هونغ كونغ بشكل كبير، وكسر للمرة الأولى حاجز الألف، واستمر في الارتفاع حتى تجاوز 7500، وهو رقم غير مسبوق، طغى على قدرات المدينة على الاستجابة، ما تسبب في فقدان السيطرة في ظل عدم استعداد السلطات للطوارئ، علماً أن معدل التطعيم ضد الفيروس في حده الأدنى في المدينة، ولا تتوفر مراكز طبية متخصصة كافية، ما يجعل وضعها يشبه الوضع في مدينة ووهان الصينية قبل عامين".

الصورة
 حالات تهريب مصابين بكورونا من هونغ كونغ إلى الصين (إيمانويل سيرنا/ Getty)
حالات تهريب مصابين بكورونا من هونغ كونغ إلى الصين (إيمانويل سيرنا/ Getty)

تذمر صيني من "الاستهتار"
وفيما يعيش سكان مدن الجنوب الصيني حالة رعب بعد الإبلاغ عن تسلل عشرات المصابين من هونغ كونغ إلى البرّ الرئيسي، ورصد السلطات المحلية مكافآت لمن يبلغ عنهم، وصولاً إلى فرضها حجراً صحياً على السكان، وإجبارهم على إجراء اختبارات الحمض النووي، تقول آيا تان (36 عاماً)، وهي أم لطفلين تعمل في مدينة شينزن، لـ"العربي الجديد": "ندفع ثمن أخطاء ارتكبها آخرون. نحن في عزل صحي منذ أسبوع بسبب ظهور إصابة في محيط مجمعنا السكني. وجرى إغلاق المدارس ورياض الأطفال، ومنع الناس من دخول أسواق ومجمعات تجارية في مناطق أخرى، إذا لم يخضعوا لاختبار الحمض النووي خلال 48 ساعة"، وتضيف: "لا نعلم ماذا سيحدث، ولا ندري إذا كان علينا أن ننتظر حتى تستطيع هونغ كونغ السيطرة على الوباء".
من جهته، سأل وانغ جاو، الذي يعمل موظفاً في شركة للاتصالات بمدينة كوانجو، في حديثه لـ"العربي الجديد": "ماذا كانت تفعل سلطات هونغ كونغ خلال العامين الماضيين؟ فهي لم تطبق قواعد التباعد الاجتماعي إلا في 10 فبراير/ شباط الجاري، ولم تلزم السكان بوضع كمامات طبية، كما لم تشترط المجمعات العامة إبراز الكود الصحي للأفراد لدى دخولها"، يتابع: "نشر الاستهتار الفيروس على نطاق واسع، ما دفع سكان الجزيرة إلى اللجوء للصين التي يجب أن تتعامل بحزم مع المتسللين، لأن دخولهم إلى البرّ الرئيسي يهدد أمن البلاد والجهود المبذولة في إطار استراتيجية صفر كوفيد التي اتبعت منذ العام الماضي".

وتكشف بيانات رسمية في هونغ كونغ أن أكثر من 10 آلاف مصاب ما زالوا ينتظرون على الأرصفة لقبول دخولهم إلى المستشفيات أو مرافق العزل الصحي. وذكرت وسائل إعلام رسمية قبل أيام أن الحكومة ستعمل مع سلطات البرّ الرئيسي الصيني لبناء مستشفى مؤقت من أجل استيعاب المصابين، على غرار المستشفى الذي بني في ووهان خلال الجائحة. 
وصرح مكتب الرئيسة التنفيذية كاري لام بأن الحكومة أمنّت ثلاثة مجمعات قد توفر ثلاثة آلاف وحدة سكنية، ونحو 4500 غرفة فندقية لعزل المرضى الذين يعانون من أعراض خفيفة، ولمّحت إلى أن منشآت الجامعات ربما تشكل خياراً محتملاً إذا ارتفعت الإصابات اليومية.

المساهمون