فلسطينيو سورية عاشوا تردّياً على المستويات كافة عام 2023

تقرير حقوقي: فلسطينيو سورية عاشوا تردّياً على المستويات كافة عام 2023

02 مارس 2024
واجه اللاجئون الفلسطينيون تدهوراً أكبر في الأوضاع الإنسانية والمعيشية (الأناضول/Getty)
+ الخط -

أصدرت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية"، مؤخراً، تقريرها الميداني السنوي لعام 2023، والذي حمل عنوان "فلسطينيو سورية.. البقاء على قيد الحياة"، مستعرضاً في 228 صفحة الأوضاع العامة لفلسطينيي سورية والتغيّرات التي طرأت عليها خلال العام الماضي.

ويتضمن التقرير بيانات عن الضحايا والمعتقلين والمفقودين خلال عام 2023، بالإضافة إلى تفاصيل تم رصدها من خلال فريق ميداني وبحثي على مدار عام 2023 للأحداث التي مرّت بها المخيمات والتجمعات الفلسطينية داخل سورية وخارجها.

كذلك يُغطّي مختلف جوانب الحياة، بما في ذلك المشكلات والتطورات العامة التي تعرض لها فلسطينيو سورية في مناطق انتشارهم داخل سورية وفي مناطق اللجوء التي فروا إليها أو في دول الجوار، أو في الدول الأوروبية، أو دول العبور التي علقوا فيها خلال رحلة هروبهم من ويلات الحرب.

ويشير التقرير كذلك إلى الانتهاكات التي تعرض لها فلسطينيو سورية، وقصص نجاحهم داخل وخارج سورية، ويختم بمجموعة من التوصيات التي من شأنها النهوض بالحالة العامة للاجئين الفلسطينيين وتأمين حياة آمنة وكريمة لهم.

صدمات: قصف وتشريد

شهدت أوضاع فلسطينيي سورية خلال العام الماضي سوءاً وتردياً على المستويات كافة داخل سورية وخارجها، فلم يكد يصحو الفلسطينيون من صدمات القصف والاعتقال والتشريد حتى واجهوا كوارث فقدوا خلالها أحبتهم وممتلكاتهم.

وعانى اللاجئون الفلسطينيون في مناطق سيطرة النظام السوري بسبب الوضع الاقتصادي القاسي وانتشار الفقر والبطالة، وعاش النازحون منهم في مناطق سيطرة المعارضة شمال البلاد ظروفاً قاسية بسبب حرمانهم من خدمات ومساعدات وكالة (الأونروا)، وتردياً في الوضع التعليمي والصحي والمعيشي.

أما في لبنان والأردن وتركيا، فقد واجهوا أوضاعاً قانونية ومعيشية صعبة للغاية، في حين تركت كارثة الزلزال في تركيا وسورية والإعصار في ليبيا آثارها القاسية عليهم، حيث قضى العشرات منهم وفُقد آخرون، وانهارت أبنية وممتلكات كاشفة هشاشة الأبنية في المخيمات الفلسطينية بسورية.

كما فقد الآلاف من فلسطينيي سورية الأمن والأمان في لبنان والسودان وقطاع غزة وغيرها، ما انعكس سلباً على حياتهم وزادها قساوة، إذ نزحوا مرات عدة جراء الاشتباكات وأعمال القصف العشوائي، ورحّلوا مرات بين المناطق، ووثق قضاء العديد منهم من بينهم عائلات بأكملها، كما حدث في قطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي.

وخلقت قرارات الأونروا وضعف مساعداتها واقعاً مريراً للعائلات الفلسطينية السورية، وجعل مساعداتها الأمل الوحيد لإنقاذهم من طغيان الواقع الصعب الذي حولّهم إلى فقراء لا يملكون قوت يومهم، وكأن حالهم كحال الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة لكنه ما يزال على قيد الحياة.

ضحايا ومعتقلون ومفقودون

ويعرض التقرير بيانات الضحايا والمعتقلين والمفقودين من فلسطينيي سورية خلال العام 2023 التي استطاعت مجموعة العمل توثيقها، من بينها 111 ضحية خلال العام الماضي، منهم 65 من الذكور و46 من الإناث، معظمهم من المدنيين، فيما بلغ إجمالي عدد المعتقلين الفلسطينيين في سجون النظام السوري 3087 معتقلاً حتى نهاية العام، إذ اعتقل11 لاجئاً فلسطينياً في سورية خلال عام 2023.

واجه اللاجئون الفلسطينيون تدهوراً أكبر في الأوضاع الإنسانية والمعيشية عن العام السابق، إذ عانى أكثر من 91% منهم من فقر مدقع، بينما ما يزال 40 % منهم في حالة نزوح مطولة بعد تدمير مساكنهم خلال الحرب السورية.

وبحسب تقارير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، فإن حوالي 438 ألف لاجئ فلسطيني يوجدون في سورية، 90% منهم باتوا تحت خط الفقر وهم بحاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية، من بينهم 254 ألف نازح داخلياً بسبب الحرب منذ عام 2011.

كما واجه الفلسطينيون في سورية صعوبات في إيجاد مأوى آمن ومعقول، فبعد أن دمرت الحرب منازلهم التي كانوا يقطنونها في المخيمات، اضطروا إلى البحث عن بدائل أخرى في المدن والقرى، لكنهم وجدوا أنفسهم مهددين بالتشرد مرة أخرى بسبب ارتفاع الإيجارات التي فرضها أصحاب المنازل.

وأشار التقرير إلى تضاعف الأسعار في سورية بشكل كبير مع تدهور أكبر في الليرة السورية، مما أثر على حياة المواطنين السوريين واللاجئين الفلسطينيين المقيمين في مناطق النظام، وتزامن ذلك مع إعلان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة عن انتهاء برنامج مساعداته الغذائية العامة في جميع أنحاء سورية بدءاً من يناير/ كانون الثاني 2024، بسبب نقص التمويل، حيث يدعم ملايين السوريين وآلاف اللاجئين الفلسطينيين داخل سورية.

وعلى المستوى الأمني، أكد التقرير أن الأجهزة الأمنية السورية لا تزال تمارس التضييق الأمني وسياسة الاعتقالات وتكميم الأفواه وفرض الإتاوات على سكان المخيمات الفلسطينية في سورية، وسُجل خلال عام 2023 اعتقال عدد من فلسطينيي سورية في مناطق مختلفة.

ولم تسلم الفصائل الفلسطينية من قبضة الأجهزة الأمنية ففرضت عليهم الحصول على الموافقة الأمنية المسبقة لعقد اجتماعاتها، وطلبت من أمناء السر في تلك الفصائل كتابة تقارير مفصلة عن النقاط التي ستناقشها الاجتماعات ومحاضرها ونتائجها ومن حضرها.

على مستوى التعليم، أشار التقرير إلى أن أكثر من 50 ألف طفل فلسطيني عادوا إلى مدارسهم في سورية، وأشارت الأونروا إلى أن 104 مدارس تابعة لها في أرجاء سورية تقدم خدماتها للطلاب من الصف الأول الابتدائي وحتى الصف التاسع الإعدادي، وتعمل بنظام الفترتين.

كما أعلنت أن نسبة النجاح حققت رقماً قياسياً لطلاب وطالبات شهادة التعليم الإعدادي في مدارسها بسورية للعام الدراسي 2022/2023، وبلغت (92.03 %)، في حين نال 191 طالباً وطالبة من مدارسها مرتبة الشرف بتفوقهم ونجاحهم بعلامات أكثر من 3000، وأن خمس طالبات حققن النجاح والتفوق على مستوى القطر بعلامات تامة بلغت 3100.

صحياً، عانى فلسطينيو سورية من ارتفاع أسعار الأدوية وانقطاعها من الأسواق، الأمر الذي انعكس سلباً على حياتهم عموماً، والمرضى منهم على وجه الخصوص، في ظل تراجع دعم وكالة أونروا لهم بالأدوية خلال زيارتهم مستوصفاتها الطبية، ووجهت لها العديد من الانتقادات الحادة بسبب التسيب والاستهتار بحق اللاجئين الفلسطينيين، وعدم احترام المراجعين والمرضى، وصعوبة الحصول على الدواء، فيما ما تزال الوكالة تحرم النازحين الفلسطينيين شمال سورية من خدماتها الصحية، والتعليمية، ومساعداتها المالية، والغذائية، بحجة وجودهم في مناطق غير آمنة، بحسب التقرير.

من جهته، قال فايز أبو عيد المدير التنفيذي لـ "مجموعة العمل من أجل فلسطيني سورية"، إن التقرير يأتي حصيلة عملية الرصد والمتابعة عبر شبكة مراسلين ميدانيين ومجموعة من الباحثين والمهتمين بالشأن الفلسطيني، وفق آلية منهجية توخت الدقة والموضوعية.

وأضاف لـ "العربي الجديد": "المجموعة تعمل باعتبارها مؤسسة حقوقية تتابع الشأن الفلسطيني السوري، على توثيق الانتهاكات والأحداث التي تعرّض لها اللاجئون الفلسطينيون السوريون منذ عام 2012، وإعداد الوثائق اللازمة للدفاع عن حقوقهم في مختلف المحافل الدولية والقانونية".

مشيراً إلى أنه منذ تأسيسها دأبت المجموعة على إصدار تقارير إعلامية وحقوقية يومية وشهرية وسنوية باللغتين العربية والإنكليزية، وذلك لتسليط الضوء على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين والانتهاكات التي تعرضوا لها خلال الحرب السورية، حيث أصدرت 100 تقرير خاص، من ضمنها 11 تقريراً سنوياً، بالإضافة إلى 4217 تقريراً وثق التطورات اليومية لأحوال فلسطينيي سورية داخل وخارج البلاد منذ عام 2011 وحتى نهاية شباط/ فبراير 2024".

المساهمون