عوائل معتقلي هبّة الكرامة الفلسطينية.. إرهاق مالي فوق سجن الأبناء

عوائل معتقلي هبّة الكرامة بالداخل الفلسطيني: إرهاق مالي فوق سجن الأبناء

03 أكتوبر 2023
نفذت حملة اعتقالات ضد مئات الشباب على خلفية هبّة الكرامة (Getty)
+ الخط -

يُعاني ذوو معتقلي هبّة الكرامة تحدّيات اقتصادية وضغوطاً مالية كبيرة، جراء الغرامات المالية التي تفرضها المحاكم وسفريات السجن ومصاريفه، واضطرارهم إلى دفع مبلغ شهري (مصاريف السجن "الكنتينا") يُقدّر بـ1600 شيكل، إضافة إلى تغطية تكاليف المحامين الباهظة التي يستمرون في تقسيطها لعدة سنوات.

"العربي الجديد" رصد نماذج لهذه العوائل التي تتخبط في واقع صعب لا تكفيه مرارة فقدان فلذات أكبادهم في السجون الإسرائيلية والتداعيات النفسية والاجتماعية المختلفة، بل يزيد الإكراه المادي والعجز عن تأمين مبالغ الغرامات في تعميق المأساة، في ظل غياب أحزاب وأطر ومؤسسات ترعاهم.

سهاري حتحوت، شقيقة الأسير ساهر (29 عاماً)، المعتقل على خلفية هبّة الكرامة بسجن النقب، قالت لـ"العربي الجديد": "نحن أربعة إخوة، وشقيقي معتقل لمدة سبع سنوات منذ يونيو/ حزيران 2021، لدي شقيقة متزوجة، ووالدي فقط من يعمل لتأمين المصاريف"، وتابعت: "عند إصدار الحكم في شهر مارس/ آذار من عام 2022، كان على شقيقي مبلغ غرامة يُقدّر بـ26 ألف شيكل، واليوم أصبح 30 ألف شيكل... نأمل من أهل الخير مساعدتنا على دفعها".

أما والدة المعتقل كرم القاضي (20 عاماً) من قرية شقيب السلام بالنقب، المعتقل لمدة 5 سنوات، فأكدت أن عليه غرامة 15 ألف شيكل، في حين أن والده أُبعد إلى غزة.

وتحدثت عن الصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها، خصوصاً أنها تضطر إلى الغياب عن عملها يوم زيارته: "لا يعرفون أن ابني معتقل، وهناك مشقة السفر إلى سجن ريمون البعيد، والمصروف باهظ، أصبحت أزوره مرة كل أربعة أشهر للتوفير، هناك مصاريف الكنتينا (بقالة السجن) والدخان، والآن هو بحاجة إلى ملابس شتوية أنا عاجزة عن تأمينها".

وأضافت الأم المكلومة: "على ابني غرامة 15 ألف شيكل، ومعي مهلة ستة أشهر لدفعها، ولا أعلم كيف سأتصرف. توجهت إلى كثيرين للمساعدة، والردّ يكون "إن شاء لله"".

من جهتها، تقول نجوان، والدة الأسير مصطفى مصري (28 عاماً) المعتقل في سجن رامون بالجنوب منذ 2021 دون إصدار حكم بحقه، إن ابنها فقد كليته خلال الاعتقال، و"بعد دخوله إلى السجن أصبحت الحياة صعبة مادياً، فأنا منفصلة عن زوجي وأعيش مع أبنائي الثلاثة في بيت للإيجار، الظروف صعبة والتكاليف كثيرة، حتى المحامي لم أتمكن من سداد كل المبلغ له، "الكنتينا" الشهرية مكلفة، إضافة إلى مصاريف الدخان".

وتضيف: "لا أستطيع الذهاب لزيارة مصطفى وحدي، بل بمرافقة ذوي معتقلين، فأنا مريضة ولا أعمل، كذلك فإني عاجزة عن سداد ثمن السفر بسيارة الأجرة، ابني قبل دخوله السجن كان يعمل ويخطط للزواج، لكن الحمد لله على كل حال".

إزاء هذا الواقع الصعب، تقام بين الفينة والأخرى مبادرات وحملات تبرع لفائدة عوائل معتقلي هبّة الكرامة، من قبل نشطاء سياسيين واجتماعيين، لمساعدتهم في تغطية رسوم الغرامات الباهظة التي تفرضها المؤسسة الإسرائيلية عليهم. ومن بين هذه المبادرات ما قام به نشطاء أخيراً، من خلال عرض فيلم "120 كيلومتر" للمخرج وسيم خير في صالة مجدلاني بحيفا، بهدف تخصيص ريعه لدعم عوائل معتقلي هبّة الكرامة، وسيُعرَض في عدة بلدات بهدف جمع التبرعات.

فداء شحادة ناشطة اجتماعية قالت لـ"العربي الجديد": "منذ هبّة الكرامة في مايو/أيار 2021 إلى اليوم، نقوم كل أسبوعين بتنظيم حملات تبرع من أهل الخير، لدفع الغرامات التي تفرضها المحاكم على المعتقلين".

وأوضحت: "من خلال اطلاعي على واقع عدة عائلات، فإن كثيرين يقفون أمام صعوبات مالية ووضع صعب يتسم بالعجز عن دفع الغرامات وتكاليف المحامين التي تُقسَّط لسنوات"، وأشارت المتحدثة: "أعرف والدة لا تزور ابنها بالسجن لأنها لا تملك أجرة سيارة الأجرة".

وتابعت شحادة: "للأسف منذ هبّة الكرامة هناك عوائل منسيّة، تركوا أمام جشع مؤسسة إسرائيلية تقمعهم وتجعلهم يدفعون ثمن الخروج للمظاهرات، تعاقب الشباب بالسجن والعائلات بالغرامات المالية وتغرقهم بالديون، ولا يوجد حقوقيون يتطوعون بمثل هذه القضايا، ولا مؤسسات تحمل هذا الهم عنهم قضائياً أو مادياً".

وأكملت: "نتطلع إلى جمع 200 ألف شيكل من خلال عروض الأفلام، وهي مبرمجة في كل من أم الفحم وعكا ورام الله ومدن أخرى، كما جرى التبرع أيضاً بريع فيلم "أمور شخصية" للمخرجة مها الحاج، للهدف نفسه".

ولفتت شحادة إلى أن الفكرة تتمحور حول رفع الوعي بقضية معتقلي هبّة الكرامة في المجتمع، وأيضاً للمساهمة في دعم العوائل العاجزة، التي تتراكم أمامها فوائد مالية على المبلغ الأصلي للغرامات.

يُذكر أن مئات الشبّان من فلسطينيي الداخل اعتُقلوا على خلفية "هبّة الكرامة" في مايو/ أيار 2021، عندما خرجوا في تظاهرات تضامناً مع القدس والمسجد الأقصى وقطاع غزة، ورفضاً لعمليات التطهير العرقي في حيّ الشيخ الجرّاح، وتنديداً باعتداءات المستوطنين على المواطنين العرب بحماية الشرطة الإسرائيلية.

المساهمون