عالم نيجيري متخصص في مكافحة كورونا مهدد بالترحيل من بريطانيا

عالم نيجيري متخصص في مكافحة كورونا مهدد بالترحيل من بريطانيا

21 مارس 2021
عُرض عليه منصب رفيع في خدمة الصحة الوطنية في بريطانيا (تويتر)
+ الخط -

يواجه العالم النيجيري تشارلز أوتي، المتخصص في مكافحة فيروس كورونا الجديد، والذي عُرض عليه منصب رفيع في خدمة الصحة الوطنية في بريطانيا، كواحد من كبار علماء الطب الحيوي فيها، للمساعدة في معالجة الأزمة الصحية الراهنة، الترحيل من قبل وزارة الداخلية. وهو الأمر الذي دفع إلى رفع الصوت من أجل مقاربة شؤون المهاجرين المهرة بطريقة أكثر إنسانية في البلاد.

وكانت الحكومة البريطانية قد رفضت، بحسب ما أفادت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، منح أوتي البالغ من العمر 46 عاماً حق البقاء في المملكة المتحدة، على الرغم من أنّ الوظيفة التي عُرضت عليه هي من بين أكثر الوظائف، التي تتطلب مهارات، المطلوبة من قبل الحكومة. وبحسب القائمة الرسمية الحالية لتأشيرات العمال المهرة التي تعاني نقصاً من جرّاء عدم توفّر مرشّحين كافين لملء الشواغر، فإنّ وظائف "علماء الأحياء والكيمياء الحيوية" تأتي في المرتبة الثانية نتيجة  النقص الحاد المسجّل في كلّ أنحاء المملكة المتحدة. وعلى الرغم من ذلك، فإنّ وزارة الداخلية، التي سلّمت بأنّ أوتي عانى تجارب شبيهة بالتعذيب في أثناء هجوم عنصري في نورثهامبتون (شرق الوسط الإنكليزي)، تشير إلى أنّه يواجه الترحيل لأنّه لم يكن يملك الوثائق المناسبة.

وأجبر قرار الحكومة أوتي، الذي تربطه علاقة بعامل بريطاني في خدمة الصحة الوطنية، على التوقف عن العمل. وقد نقلت "ذا غارديان" عن أوتي قوله إنّ "عملي يقتضي مساعدة الناس، وكان من المحبط جداً عدم السماح لي بالمساهمة في خلال هذه الفترة الحيوية الملحة، إذ كان ينبغي أن أشارك في مكافحة الفيروس كعالم في الطب الحيوي وجزء من فريق محاربة كورونا". وفي هذا الإطار، رأى ناشطون أنّ القضية تكشف عن مخاوف مستمرة بشأن قواعد الهجرة الخاصة بوزارة الداخلية البريطانية.

وكُشف عن تفاصيل قضية أوتي في الوقت الذي توجَّه فيه دعوات لمنح العمال المهاجرين في خدمة الصحة الوطنية الإذن للبقاء إلى أجل غير مسمّى، تقديراً لجهودهم في أثناء جائحة كورونا، وذلك في خدمة تعتمد على 170 ألف موظف مولودين في الخارج، والذين تعود أصولهم إلى أكثر من 200 بلد. وقد بيّن تقرير حديث في السياق أنّ عشرات من المهاجرين ذوي المهارات العالية من دول الكومنولث يواجهون الترحيل منذ نحو عامَين من حكم أصدرته محكمة الاستئناف، يقول إنّ وزارة الداخلية البريطانية كانت تتصرّف بطريقة غير قانونية عندما رفضت بقائهم في البلاد.

وتعليقاً على قضية أوتي، قال ساتبير سينغ، الرئيس التنفيذي للمجلس المشترك لرعاية المهاجرين، إنّه "من الواضح أنّنا بحاجة إلى قواعد هجرة أكثر عدالة وإنسانية تسمح للناس بالاستقرار وبناء حياتهم هنا، بدلاً من إخضاعهم إلى مجموعة لا تنتهي من الرسوم والنماذج وقواعد الهجرة المعادية التي تجعل حياتهم غير قابلة للعيش". أضاف سينغ أنّ "الأشخاص الذين يختارون العيش والعمل في المملكة المتحدة يستحقون أن يعامَلوا بكرامة واحترام. لكن كما تظهر تجربة أوتي، فإنّ وزارة الداخلية تجعل الحياة حقل ألغام لعدد من العمال المهاجرين".

يُذكر أنّ أوتي، الذي أجبر على ترك عمله في خدمة الصحة الوطنية، طوّر عمليات تدقيق لمكافحة العدوى أنقذت، بحسب ما يقول، خدمة الصحة بشكل غير مباشر، وساعدتها على توفير أكثر من 300 ألف جنيه إسترليني (أكثر من 415 ألف دولار أميركي) في خلال فترة عمله، التي امتدت لأربع سنوات ما بين 2015 و2019.

من جهتهم، يرى محامو أوتي أنّ وزارة الداخلية لم تأخذ في الحسبان عرض وظيفة خدمة الصحة الوطنية، ويقولون إنّ واقع تعرّضه إلى هجوم عنصري خطير كان لا بدّ من أن يؤثّر على مقاربة القضية من قبل الوزارة". وبعد فحص طبي خاص، تبيّن أنّ أوتي "ربما كان ضحية للتعذيب"، وقد أُطلق سراحه من مركز كولنبروك لنقل المهاجرين بالقرب من هيثرو في 20 يناير/ كانون الثاني من هذا العام.

وفي جريمة الكراهية التي وقعت في عام 2014، استدرج أوتي - الذي لا يملك سجلاً إجرامياً وقد التزم بكل قواعد وزارة الداخلية منذ وصوله إلى المملكة المتحدة قبل تسع سنوات - إلى قبو في نورثهامبتون من قبل ثلاثة رجال بيض. وبحسب ملفات وزارة الداخلية، فإنّ الرجال "هاجموا أوتي بآلة حادة، ثم ضربوه وقيّدوه على كرسي وجرّدوه من ملابسه، إلى أن أغمي عليه. بعد ذلك ألقي أوتي في الشارع، ليعثر عليه أحد المارة ويُنقل إلى المستشفى، لكنّه ما زال يعاني بسبب ذكريات الماضي واضطراب ما بعد الصدمة". وبحسب أوتي، فإنّ "أسوأ ما حصل لي هو عدم القدرة على العمل. لقد كان الأمر صعباً من الناحية النفسية، وكنت بحاجة إلى علاج. شعرت بانهيار  وكنت غير قادر على النهوض من السرير أو  إطعام نفسي".

تجدر الإشارة إلى أنّ أوتي، وهو كذلك متخصص في علم الأحياء الدقيقة، قد وصل إلى المملكة المتحدة قبل تسع سنوات، وذلك بعد مغادرته بلاده والعمل عدداً من السنوات في الصين. بالنسبة إليه "المملكة المتحدة هي موطني وقد صار لدي عدد من الأصدقاء المقرّبين، ونسجت علاقات شخصية مع أناس أعدّهم أفراداً من الأسرة".

المساهمون