الكويت تدرس تقليل "العون الخارجي"

الكويت تدرس تقليل "العون الخارجي"

23 أكتوبر 2021
هبات كويتية ليمنيين في الحديدة (خالد زياد/ فرانس برس)
+ الخط -

تستهدف وزارة الشؤون الاجتماعية والتنمية المجتمعية في الكويت التي تشرف على الجمعيات الخيرية تحويل التبرعات الخارجية إلى بلدان في المنطقة والعالم، وتحديداً إلى شرق آسيا وأفريقيا وسورية وفلسطين ولبنان، إلى تبرعات داخلية للمحتاجين من الفقراء الوافدين أو "البدون".  
وكشفت مصادر لـ"العربي الجديد" أنّ لجنة خاصة شكلتها الوزارة قدمت عدداً من الاقتراحات لتقليل تدفق التبرعات الخارجية وتحويل مسارها إلى داخل الكويت، وأبرزها وضع سقف معين للتحويل الخارجي لكل جمعية خيرية أو منظمة، أو تحديد كمية التبرعات لكل بقعة جغرافية، إضافة إلى فرض قيود أكثر على التحويل في شكل عام.  
وتعمل جمعيات خيرية كويتية كثيرة في الخارج ساهمت في إكساب الكويت سمعة دولية باعتبارها إحدى الدول الأكثر تقديماً للمنح الخيرية في العالم، علماً أن هذه الجمعيات تتولى الإشراف على مشاريع ضخمة وصغيرة في قطاعات التعليم والصحة والمياه في أفريقيا وشرق آسيا وجنوبها وسورية، وفي مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان وتركيا، إضافة إلى أخرى في فلسطين، وتحديداً في قطاع غزة المحاصر من الاحتلال الإسرائيلي.
ومن أبرز الجمعيات الخيرية الكويتية العاملة في الخارج جمعية "العون المباشر" التي تعمل في أفريقيا تحديداً. وقد أسسها الطبيب الراحل عبد الرحمن السميط، الذي يعتبر أحد أشهر جامعي التبرعات في الكويت. وتحظى هذه الجمعية بدعم حكومي وشعبي غير محدود، على غرار لجنة مسلمي آسيا، والهيئة الخيرية الإسلامية العالمية.  

قضايا وناس
التحديثات الحية

يقول الناشط في القطاع الخيري عبد الله الشمري لـ "العربي الجديد": "نسمع شائعات كثيرة عن إمكان تقليل وزارة الشؤون الاجتماعية والتنمية المجتمعية حجم التبرعات التي تخرج من البلاد تمهيداً لتحويل مسارها إلى الداخل، لكن هذا أمر مستحيل وغير معقول، لأن جمعيات محددة أنشئت لغرض واحد يتمثل في التبرع لمنطقة جغرافية محددة، علماً أنّ متبرعين كُثراً يفضلون التبرع لوجهات معينة وليس لمشاريع خارجية يجهلونها، فكيف يتم تقويض شروطهم، خصوصاً أن الشريعة الإسلامية والأعراف تقول إنّ شرط المتبرع ضروري في عملية التبرع، ولا تجوز مخالفته". يضيف: "لا نعلم سبب وجود هذه الاقتراحات، لكنني أعتقد بأن هناك جهات تلقي مسؤولية غياب العدالة في بعض جوانب المجتمع الكويتي على التبرعات الخارجية التي تهدف إلى انتشال شعوب كاملة من الفقر والجوع والأمراض وانعدام الفرص".  
ويعلّق مصدر في وزارة الشؤون الاجتماعية والتنمية المجتمعية فضل عدم كشف اسمه لـ "العربي الجديد" قائلاً: "عقدت اجتماعات بناءً على توصيات من جهات عليا من أجل بحث موضوع التبرعات الخارجية التي لا نعاديها لكننا نسعى إلى أن يكون عمل الخير في الكويت أولاً، عملاً بقاعدة أن الأقربين أولى بالمعروف. ونحن نرى أن حجم التبرعات الخارجية لا يتناسب مع ضعف العمل الخيري داخل الكويت، لذا لا بدّ من إخضاعها لتقييم دقيق وضبطها، خصوصاً أن هناك جهات رسمية تنفذ عمليات تمويل خارجية عبر قروض أو منح، مثل الصندوق الكويتي للتنمية العربية".  

الصورة
سمعة "إنسانية" طيبة للكويت في العالم (ياسر الزيات/ فرانس برس)
سمعة إنسانية طيبة للكويت في العالم (ياسر الزيات/ فرانس برس)

وتفرض وزارة الشؤون الاجتماعية والتنمية المجتمعية شروطاً قاسية على العمل الخيري في الكويت أصلاً، في مقدمها تقديم المشروع المزمع إنشاؤه في الخارج إليها من أجل تقييمه ودرسه ومنح موافقتها عليه. ويعقب ذلك مراقبة كل التحويلات المالية من المتبرعين إلى الجهة الخيرية. وفي حال الرغبة بإرسال تحويل إلى الخارج لإنشاء المشروع وتدشينه، فيجب أن يحصل ذلك عبر الحسابات المصرفية للوزارة. أما في حال لم يتوفر نظام مصرفي يمكن التعامل معه في الدولة التي يجري التحويل إليها، فتتدخل وزارة الخارجية، وتجري التحويل بنفسها إلى سفاراتها أو قنصلياتها.
يقول راشد العنزي الذي يعمل في جمعية إحياء التراث الإسلامي لـ "العربي الجديد": "بدأ التضييق على العمل الخيري الخارجي منذ سنوات بحجة التخوف من تسرّب بعض الأموال إلى جماعات مسلحة متطرفة. واليوم تراقب جهات في الدولة كل مبلغ مالي يدخل ويخرج من وإلى الجهات الخيرية. لكن الحديث عن قرارات جديدة لوقف التبرعات الخارجية أو تقليلها غير مقبول". يضيف: "يجب النظر إلى الأمر من زاوية صحيحة، فكم طالب يعتمد على هذه التبرعات في الخارج، وكم بيت يحصل على مياه نظيفة من خلال هذه التبرعات، وكم مشروع صغير جرى تمويله عبرها. الحقيقة أنّ التبرعات الخارجية الآتية من الكويت انتشلت ملايين من الفقراء في أفريقيا تحديداً، فلماذا تحرص أطراف لا نعرفها على وقفها؟".
ونهاية العام الماضي، أحالت الحكومة في إطار مساعيها لمحاربة الفساد التي استندت إلى ضبط عدد من المخالفات المالية، 9 شركات تجمع تبرعات غير قانونية إلى النيابة العامة.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وحدد مسؤول حكومي حينها إجمالي التبرعات التي جمعت تحت غطاء إنساني وديني في ظل تدهور الأوضاع المعيشية بسبب جائحة كورونا، بنحو 650 مليون دولار، وأكد أنّ "الحكومة لن تتهاون في قضية جمع التبرعات بالأساليب غير الشرعية التي قد تستخدم في عمليات غسل أموال وارتكاب جرائم مختلفة".

المساهمون