العراق: وعي متزايد بشأن الأزمتين المناخية والبيئية

العراق: وعي متزايد بشأن الأزمتين المناخية والبيئية

06 مارس 2024
أهالي البصرة بين الأكثر تضرراً من التلوث (يونس محمد/ فرانس برس)
+ الخط -

أطلقت الحكومة العراقية خلال الأشهر الماضية، مبادرات متنوعة لمواجهة التغير المناخي، شملت مبادرة لتعزيز أمان المياه وتقليل المفقود، وأخرى تتعلق بزراعة 5 مليون شجرة، ومبادرة لدعم برامج التكيف مع الأزمة البيئية في مناطق الشرق والجنوب، لكنها ما زالت مترددة في الالتزام الكامل بالتخلص من الوقود الأحفوري الذي وقعت على خطة الاستغناء عنه تدريجاً في مؤتمر المناخ "كوب28"، كون البلاد تعتمد بشكلٍ شبه شامل على الهيدروكربونات.
ويرى ناشطون في مجالات البيئة والمناخ أن الحكومة الحالية تعمل على أنشطة وإجراءات تتوافق مع مقررات قمة المناخ الأخيرة، كما أن المشاريع العمرانية التي تعمل الحكومة على إنشائها تراعي تقليل التلوث، وتقليص الانبعاثات الضارة بالبيئة.
وأطلق "المجلس الأعلى للشباب" التابع لمكتب رئاسة الوزراء استمارة للمشاركة في "الفريق الوطني الشبابي للتغيير المناخي"، وهو برنامج تطوعي يفترض أن يضم نحو ألف شاب وشابة من المتخصصين والمهتمين بقضايا البيئة والتغير المناخي، ضمن مبادرة تهدف إلى إشراك الشباب في مكافحة التصحر والجفاف وما يؤديان إليه من نزوح.
يقول عضو جمعية "المناخ العراقي"، منذر البياتي، لـ"العربي الجديد"، إن "العراق يتقدم بسرعة في بعض الملفات البيئية، لكنه بطيء في معالجة ملفات أخرى، لكنه يمضي في الاتجاه الصحيح من خلال دعم وزارة البيئة التي ظلت مهملة لسنوات، وكذا تقليل استخدام البلاستيك، وزيادة معامل تدويره، وزيادة استخدام الطاقة المتجددة رغم عقبات التخلص من الوقود الأحفوري، لكن بعض المشاكل البيئية لا تزال تحتاج إلى مزيدٍ من الجهود، ، ومنها قلة الإيرادات المائية التي تتطلب استمرار المفاوض العراقي في الضغط على إيران وتركيا، وحتى سورية باعتبارها دول المنبع".

ما زالت الحكومة العراقية مترددة في إقرار التخلص من الوقود الأحفوري

وكشف رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني، في وقت سابق، عن تضرر سبعة ملايين عراقي بسبب التغير المناخي، مؤكداً أن حكومته ماضية في برنامجها الذي يولي معالجة تأثيرات التغيرات المناخية أهمية خاصة، وقد وضعت معالجات عدة لتخفيف الآثار الاقتصادية والبيئية والاجتماعية التي تمثلت بارتفاع درجات الحرارة، وشح الأمطار، وزيادة عواصف الغبار، وتقلص المساحات الخضراء، وبعضها تهدد الأمن الغذائي والصحي والبيئي، كما تهدد الأمن المجتمعي.
ولفت السوداني إلى أن "الأولوية الوطنية للحد من التغير المناخي تمثلت بتقديم المساهمة المحددة لخفض الانبعاثات، وإعداد الاستراتيجيات الوطنية للبيئة والتنوع البيولوجي ومكافحة التلوث، ونعمل على إعداد رؤية العمل المناخي حتى عام 2030، وندعو الدول ومنظمات الأمم المتحدة إلى دعم العراق في مواجهة آثار التغيرات المناخية".

الصورة
عواصف الغبار أحد تداعيات التغير المناخي (أحمد الربيعي/فرانس برس)
عواصف الغبار أحد تداعيات التغير المناخي (أحمد الربيعي/فرانس برس)

من جانبه، بيَّن مستشار رئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، أن العراق من أكثر البلدان المرشحة لاستخدام الطاقة المتجددة، لا سيما الطاقة الشمسية"، مضيفاً في تصريحات لصحيفة "الصباح" الرسمية، أنه "لا بد من تنويع مصادر إنتاج الطاقة، ودخول قطاع الطاقة النظيفة، فنحن بحاجة إلى إنتاج ضعف الطاقة الحالية".
بدوره، يشير الوكيل الفني لوزارة البيئة، جاسم الفلاحي، إلى أن الحكومة تنظر باهتمام بالغ لقضايا التغير المناخي وتأثيراته على البيئة العراقية، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "العراق مصنف على أنه أحد الدول الخمس الأكثر تضرراً في العالم من التغير المناخي، ومحلياً تعد محافظة البصرة الأكثر تضرراً، وهي عرضة للجفاف والتصحر وزيادة معدلات التلوث. تتواصل الحكومة مع المجتمع الدولي الذي يقدر اهتمامها بملف التغيرات المناخية، وتقليل الانبعاثات الضارة لحماية صحة البشر".
ويقول المتخصص في الشؤون البيئية والمناخية، حميد العراقي، إن "العراق لن يستطيع وحده التكيّف مع الأزمة المناخية والبيئية، فهو بحاجة إلى دعمٍ متواصل من قبل الدول الموقعة على الاتفاقيات الدولية البيئية"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة الحالية كما الحكومات السابقة، عانت من تعنت الدول المجاورة في عدم تقاسم الضرر البيئي، وتحديداً مسألة منح العراق حقوقه المائية، وهذا الأمر زاد من هشاشة الوضع البيئي في البلاد".
ويعاني العراق من مخاطر التصحّر نتيجة عمليات جرف الغطاء الأخضر، إضافة إلى سوء إدارة أزمة المياه التي تسبّبت في موجة جفاف حادة، فضلاً عن التدمير البيئي الذي نتج عن الحملات العسكرية التي استدعت جرف آلاف الهكتارات من البساتين والأراضي الزراعية في مناطق عدّة، ما حوّلها إلى أراضٍ قاحلة.

وفي وقت سابق، حذّر البنك الدولي من انخفاض بنسبة 20 في المائة في الموارد المائية للعراق بحلول عام 2050 بسبب التغيّر المناخي، علماً أنّ نهري دجلة والفرات يشهدان شحّاً في المياه بالتزامن مع ارتفاع نسبة جفاف الأنهار الأخرى، وأدّت الأزمات البيئية خلال الأعوام الخمسة الماضية إلى تغيّرات اجتماعية، من بينها الهجرة الكبيرة لسكان مناطق الأهوار (جنوب)، وتراجع منسوب المياه إلى حدّ جفاف بعض الأنهار، وأبرزها نهر ديالى، إلى جانب العواصف الترابية التي باتت تهبّ بشكل متكرر.
وقالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو" وبرنامج الأغذية العالمي، في وقت سابق، إن العراق من أكثر دول العالم تأثّراً بالتغيّر المناخي، ما يعني أنّ الزراعة في البلاد قد تكون عرضة لأجواء متطرّفة صيفاً وشتاءً، ما يستدعي العمل على مواجهة تبعات الأزمة المناخية.

المساهمون