العراق: أكثر من 100 يوم مغبر في العام بسبب تغير المناخ

العراق: أكثر من 100 يوم مغبر في العام بسبب تغير المناخ

10 مايو 2022
أحد الأيام المغبرة التي شهدتها البلاد أخيراً (قاسم الكعبي/ فرانس برس)
+ الخط -

خلال الشهرين الماضيين، شهد العراق هبوب عواصف ترابية بشكل غير مسبوق، من جرّاء التغير المناخي وقلة تساقط الأمطار والتصحر. وأدّت معظم هذه العواصف إلى وفاة أكثر من 10 عراقيين وإصابة آلاف آخرين بحالات اختناق، عدا عن الخسائر المادية وتعطل حركة الملاحة الجوية في عدد من مطارات البلاد.
ويعدّ العراق من الدول الخمس الأكثر عرضة لتغير المناخ والتصحر في العالم، في ظل ارتفاع نسبة الجفاف ودرجات الحرارة التي تتجاوز الخمسين درجة مئوية في فصل الصيف على مدى أسابيع، بحسب تقارير دولية. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حذّر البنك الدولي من انخفاض بنسبة 20 في المائة في الموارد المائية للعراق بحلول عام 2050 بسبب التغير المناخي. ويشهد نهرا دجلة والفرات شحاً في المياه، تزامناً مع ارتفاع نسبة جفاف الأنهر. 
وأعلنت وزارة البيئة العراقية أن الأيام المغبرة في البلاد سترتفع إلى 272 يوماً في العام خلال العقدين المقبلين، لتصل إلى 300 يوم مغبر عام 2050، وهو ما يصفه وزير البيئة جاسم الفلاحي في حديثه لـ "العربي الجديد"، بـ"المؤشر الخطير"، ويقول إن "تواتر وزيادة شدة العواصف الرملية يرتبط بازدياد معدلات التصحر وتقلص الأراضي الزراعية وشح المياه والاعتداءات الجائرة على المناطق الخضراء في البلاد"، موضحاً أن هذه العواصف سببتها عوامل الجفاف والتراجع الكبير في كميات هطول الأمطار وقلة الإيرادات المائية (القادمة من نهري دجلة والفرات) في ظل تغير المناخ"، يضيف: "قبل نحو سبع سنوات، حذرنا من أن العراق سيكون من الدول المتأثرة بالتغيرات المناخية".
ويقول الفلاحي إن "تغير المناخ الذي يعتبره بعض المسؤولين والوزراء كذبة، هو حقيقة تؤثر بشكل كبير على العراق والعالم"، مؤكداً أن بلاده "من أكثر دول العالم تأثراً بهذه التغيرات"، يضيف أن "تناقص إيرادات العراق المائية بسبب السياسات المتبعة من دول المنبع لنهري دجلة والفرات، وهي تركيا وإيران، كان لها تأثير سلبي على البيئة في البلاد، وأدت إلى تدهور التربة وزيادة مطلقة في معدلات التصحر".

يتابع أن "البيئة العراقية معرضة إلى مخاطر حقيقية، وهذه حقيقة تستدعي الاهتمام والنظر من قبل الحكومة العراقية"، مشيراً إلى أن السنوات المقبلة قد تشهد 106 أيام مغبرة في العام الواحد"، ويوضح أن "العواصف الرملية قد تأتي من مناطق متفرقة، منها دير الزور السورية، والمناطق الصحراوية، على غرار صحراء الربع الخالي في السعودية، بالإضافة إلى أفريقيا، ناهيك عن الصحراء الغربية في العراق". 
ويتهم الفلاحي "مافيات" بقيامها بـ"اعتداءاتٍ جائرة" على الأحزمة الخضراء في المدن، منها الحزام الأخضر في العاصمة بغداد، وتحديداً في حي الدورة، مؤكداً أن "الأحزمة الخضراء في المدن تراجعت وبعضها اختفى بسبب تلك المافيات التي تعمد إلى قطع الأشجار والاعتداء على البساتين وتحويل الأراضي الزراعية والأحزمة الخضراء إلى أحياء سكنية بعدما كانت تمثل رئة مهمة للمدينة، وتعد عاملاً أساسياً في تنقية الهواء والحد من العواصف".

العراق (أسعد نيازي/ فرانس برس)
أدت العواصف الرملية إلى إصابة كثيرين بحالات اختناق (أسعد نيازي/ فرانس برس)

ويوضح أن "المواطن العادي لا يستطيع قطع آلاف أشجار النخيل في مدينة عراقية، كما لا يمكنه الاعتداء على البساتين، لكن ما يحصل حالياً من تجاوزات على الأراضي الزراعية تقوم بها عصابات منظمة تعتمد على تجريف البساتين، وتستغل هذه الأراضي لبناء المجمعات التجارية. وفي وقت سابق، زار وفد من وزارة البيئة إحدى المناطق الزراعية، إلا أن القوة المغتصبة للأرض والخارجة عن القانون اعتقلت الموظفين. لذلك، نحتاج إلى وقفة جادة عند استمرار التجاوزات".
ويقول إنّ الحل لأزمة التصحر يكمن في التشجير وإعادة الحياة للأحزمة الخضراء حول المدن العراقية التي تساهم بشكل كبير في منع العواصف والتقليل من مخاطر التلوث والتأثيرات الصحية السلبية"، مشيراً إلى أن "وزارة البيئة وزارة رقابية، وتعمل على مراقبة الاتفاقيات الدولية البيئية والمناخية مع العراق، بالإضافة إلى تحديد مواطن الخلل والضعف والتصحر وتدهور الأراضي الزراعية. لكن في الواقع، فإن دائرة الغابات والتصحر التابعة لوزارة الزراعة هي المسؤولة، لكن هذه الدائرة ضعيفة بسبب قيادة الوزارة نفسها".

يضيف أن "وزارة البيئة كانت قد عممت خطتها على جميع الوزارات للمشاركة في إنهاء أزمة التصحر في البلاد، ومنها استغلال خمسة ملايين متر مكعب من المياه التي يمكن أن توجه نحو التشجير في البلاد"، مشيراً إلى أنه "يتوجب على الوزارات والبلديات المشاركة في هذا الجهد تحت إشراف وزارة الزراعة. والاستدامة هي الأهم من أجل إنجاح المشروع وزيادة الغطاء النباتي وزراعة الغابات بالأشجار للحد من نسبة العواصف الرملية".
ولدى سؤاله عن أزمة شح المياه في البلاد، يقول الفلاحي، وهو أحد أعضاء الوفد التفاوضي مع تركيا وإيران، إنه لدى العراق وفد تفاوضي ممتاز، والتفاوض مع البلدين الجارين يحتوي على شقين: الأول سياسي ودبلوماسي والآخر فني، ويتطلب عملاً مستمراً على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، ويرى أن "المفاوضات الدبلوماسية الهادئة هي التي ستصل إلى نتائج في ما يتعلق بتوزيع الحصص المائية".

المساهمون