أمنيات 2022: المصريون يطلبون "هدنة من الأسوأ"

أمنيات 2022: المصريون يطلبون "هدنة من الأسوأ"

01 يناير 2022
المصريون متفائلون بعام واعد (سيمون بيرغاماشي/ Getty)
+ الخط -

يستهل المصريون أمنياتهم في عام 2022 الجديد بمقولة إن "دوام الحال من المحال"، ويعتبرون أن شعور بعضهم بالاطمئنان وآخرين باستقرار محدود أو بخوف قد يتغير في أي وقت. لكنهم يبدون أيضاً تفاؤلهم بأن العام الجديد لن يكون أقسى من العامين الأخيرين على صعيد مواجهة مخاطر وباء كورونا. تتوقع ربة المنزل إيناس التي تقطن منذ أعوام في الكويت عاماً جديداً "مريحاً" مع ظهور بشائر النتائج الجيدة للقاحات وأدوية كورونا، ونجاحها في احتواء تداعيات متحوّره المزعج "أوميكرون". وتقول لـ"العربي الجديد" بعدما كانت أجبرت على البقاء في الكويت أكثر من عام ونصف العام، تنفيذاً للشروط الصارمة التي طبقتها الكويت لمواجهة الفيروس: "لا أتوقع أن تلجأ الدول مجدداً إلى التدابير القاسية والصارمة كما حصل في عامي 2020 و2021"، حين سارعت أكثر من 150 دولة إلى إغلاق المدارس وأماكن العمل، واطلقت الدراسة الإلكترونية عن بعد، وألغت التجمعات والنشاطات التي تواكبها حشود من الجماهير وبينها الصلاة، وعطلت وسائل النقل العام، وفرضت قيوداً غير مسبوقة على السفر على نطاق واسع. وقد استمر العالم لأشهر على هذا الحال، ثم خففت الدول تدريجاً هذه الإجراءات الصارمة، مع انخفاض عدد الإصابات، وظهور لقاحات ضد الفيروس في الأشهر الأولى من عام 2021.
وتتمنى إيناس العودة إلى "عصر ما قبل كورونا"، خصوصاً في ما يتعلق بإجراءات السفر السهلة، بعدما اضطرت عام 2021 إلى انتظار تلقي جرعتي اللقاح قبل مغادرة الكويت، وأجرت مع زوجها وطفلها اختبارات عدة لتشخيص وضع الفيروس "بي سي آر" في كل محطات رحلات السفر التي أجروها ذهاباً وإياباً. وتقول: "سيكون هذا العام أحن وألطف بعدما عبر العالم من عنق الزجاجة".
في المقابل، تدخل الصحافية آية العام الجديد بجرح غائر وجناح مكسور ومخاوف أكبر، بعدما فقدت والدها قبل نحو ستة أشهر جراء إصابته بفيروس كورونا، والذي جعلها تواجه معه عناء البحث عن سرير في قسم العناية المركزة بأحد المستشفيات، وتنفق مع والدتها كل مدخراتهما لمحاولة علاجه وإنقاذه.

ومع رحيل والدها دخلت آية في دوامات عناء سيمتد طوال العام الجديد، باعتبار أن وفاة والدها الذي يملك مكتباً يتولى حسابات عدد من الشركات والأفراد والمؤسسات، أغرقها في بحر من الأرقام والأوراق والقضايا لا تدري كيف ستنجو منه. وهي باشرت أيضاً مواجهة مشقات إنهاء عشرات الإجراءات الروتينية في المصالح الحكومية من أجل إصدار شهادة الوفاة، وإنجاز إجراءات التوريث.
وحالياً، تنهي آية أيامها المليئة بالروتين والإجراءات والمراجعات في المصالح الرسمية التي قد تتعطل بسبب ختم غير واضح، ممددة على سريرها في المنزل الذي تعيش فيه مع والدتها، وتحاول معها أن يتصالحا مع فكرة الموت، ومواصلة الحياة بلا سند.

مخاوف كبيرة في سوق العمل (إسلام صفوت/ Getty)
مخاوف كبيرة في سوق العمل (إسلام صفوت/ Getty)

وهكذا تتحوّل أمنيات آية إلى مجرد هدنة من التعب والمجهود الجسدي والذهني، وأن يمد الله بعمر والدتها كي لا تبقى وحيدة تصارع الحياة والضغوط والمجتمع. كما تتمنى أن ينتهي فيروس كورونا، ويتوقف عن تدمير حياة الأسر.
وبعيداً عن هواجس الموت، ينشغل بال كُثر بتداعيات مساهمة فيروس كورونا في غلاء المعيشة وفقدان الوظائف ورفع الأسعار. ويوضح أحمد إبراهيم المهندس في فرع لشركة اتصالات بريطانية دولية في مصر، لـ"العربي الجديد" أن الشركة استغنت عن عدد كبير من الموظفين والإداريين والمهندسين خلال العامين الماضيين، لكن حظه كان جيداً حين شمله إجراء خفض نسبي لراتبه مقابل استمراره في العمل عن بعد. لكنه يخشى من عدم الاستقرار في هذا العمل وإمكان تسريحه، في وقت لا تتوفر فرص عمل متاحة ومناسبة كثيرة.

وكانت منظمة العمل الدولية رجحت أن يفرض استمرار أزمة كورونا ضغطاً هائلاً يؤدي إلى خفض الأجور في المستقبل القريب. وكشفت مديرته للمنطقة العربية ربا جرادات خلال مؤتمر العمل العربي الـ47 الذي عقد في سبتمبر/ أيلول الماضي، وتناول ديناميات سوق العمل واتجاهاته في العالم والمنطقة العربية، أن أزمة كورونا قلصت ساعات العمل نحو 9 في المائة عالمياً، ما عادل خسارة 255 مليون وظيفة بدوام كامل، وهو رقم أكبر بأربعة أضعاف خسائر ساعات العمل نتيجة الأزمة المالية العالمية عام 2008.
واللافت أن معدل البطالة في المنطقة العربية كان الأعلى في العالم قبل كورونا، لا سيّما بين النساء والشباب، إذ بلغ عدد العاطلين عن العمل 14.3 مليوناً عام 2019. ثم فاقمت أزمة كورونا مشاكل أسواق العمل العربية، حيث انخفضت ساعات العمل نحو 9.6 في المائة عام 2020، ما يعادل 11 مليون وظيفة بدوام كامل.
وأشارت جرادات إلى أن أكثر من 39 مليون فرد في المنطقة العربية عملوا في قطاعات "تضررت بشدّة" من الجائحة.
من هنا يتمنى إبراهيم فقط الحفاظ على وظيفته في العام الجديد، ويقول: "لا أريد زيادة في الراتب أو ترقية، بل أن تبقى الأوضاع على حالها، ولا تنجرف إلى الأسوأ".

المساهمون