أطفال المغرب... لقاء مع أشهر أبطال "مارفل"

أطفال المغرب... لقاء مع أشهر أبطال "مارفل"

25 نوفمبر 2023
ورشة قصص الجيب المصورة مع يوسف رحالي (العربي الجديد)
+ الخط -

"لم أكن لأفوّت فُرصة زيارة الدورة الأولى للمعرض الدولي للطفل والشباب، للقاء رسامي مارفل الأشهر الذين تركوا بصمة في عالم القصص المصورة، إلى جانب متعة المشاركة في عدة ورشات للكتابة والسرد والرسم، فأنا أحبّ الرسم كثيراً، وأريد أن أصبح رسّامة قصص أطفال". هذا ما تقوله ياسمين فنان (11 عاماً) لـ "العربي الجديد"، معربة عن سعادتها وهي تتنقل برفقة والدتها بخفّة ونشاط فراشة من جناح إلى آخرٍ بحثاً عن لائحة عناوين كتب جهزتها سلفاً، بالتزامن مع توافد العشرات من طلاب المدارس إلى المعرض الذي جرت فعالياته بفضاء أنفا-بارك بمدينة الدار البيضاء المغربية بين 15 و22 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.

ياسمين التي تتابع دراستها في المستوى السادس ابتدائي، لم تصدق أنها تمكنت من لقاء الفنان الأرجنتيني أرييل أليفيتي، الذي أبدع في رسم قصص مثل: المنتقمون، كابل كازادور، مجلة حرب المعاقب، شبح الفضاء. تقول لـ "العربي الجديد" إنها "سعيدة أيضا بمشاركتها للمرة الأولى في استكشاف عوالم جديدة من خلال بوابة العالم السحري للحكايات التي حملتني على جناح الخيال والإبداع إلى تجربة غير مسبوقة".

أما التلميذ زياد المطلب فيتوقف بين أقرانه في صفوف طويلة تحت أعين الأساتذة والمشرفين التربويين، لالتقاط صورة تذكارية بالمناسبة. هذا الطفل الذي يتابع دراسته في السنة الثالثة ابتدائي قدم إلى المعرض ضمن زيارة مدرسية نظمتها مؤسسته التعليمية.
أبدى زياد إعجابه بورشة "قصة الجيب المصورة" التي أطّرها الفنان المغربي يوسف رحالي وتقاسم فيها مهارات وخطوات تمكّن الأطفال من إطلاق العنان لخيالهم عبر ابتكار قصص مصورة صغيرة خاصة بهم، إلى جانب ورشة "الفنون الإبداعية البيئية" وما تمنحه من فرصة اكتشاف عالم الفخار الغني وابتكار أعمال متنوعة باستخدام الطين، بالإضافة إلى الاطلاع على عالم الدمى المصممة بمواد معاد تدويرها. يضيف لـ "العربي الجديد": "شاركت في ورشات تعلمت من خلالها مهارات مختلفة، وكانت هذه أول مرة أشكّل فيها الطين بإرشاد المؤطّرة، كما أنني اقتنيت بعض القصص وأعجبني كثيراً حسن تنظيم المعرض". يتابع الطفل خطواته بين مجموعات الطلاب، يتوقفون عند دور النشر المختلفة، ويتصفحون أغلفة كتب ومؤلفات وروايات خيالية وبوليسية بالعربية والفرنسية والإنكليزية، ويسألون عن عناوين بعينها، ويقتنون ما يناسبهم، وهم يتبادلون نقاشات عفوية بعيداً عن روتين الصفوف.

الصورة
زيارات مدرسية للمعرض (العربي الجديد)
زيارات مدرسية للمعرض (العربي الجديد)

توطيد العلاقة بالقراءة

يُجمع أساتذة ومشرفون تربويون في حديثهم لـ "العربي الجديد"، على أهمية المعرض للطلبة. ويقول عبد الهادي مطاع، وهو مسؤول تربوي لدى مجموعة مدارس خاصة، إن مثل هذه الزيارات تكتسي أهمية كبرى، إذ تساهم في توطيد علاقة الأطفال بالقراءة وكسر نمطية روتينهم اليومي، إلى جانب اكتشاف عوالم الثقافة والوقوف على أحدث الإصدارات في مجال أدب الطفل، بعيداً عن المقررات الدراسية، مشيراً إلى أن الدورة الأولى من المعرض كانت موفقة إلى حد كبير، ووفرت مؤلفات  تلبي احتياجات الزوار من مختلف الفئات العمرية.
فاطمة الورياغلي التي تدرس اللغة العربية توافقه الرأي، وترى أن الزيارات المدرسية للمعرض إيجابية جداً لأجيال الغد، فهي تشجعهم على الاطلاع والمعرفة من خلال جلسات القراءة والكلام وغيرها من الأنشطة المرافقة التي تنصب في إطار تعزيز علاقتهم بالكتاب، وخلق جسر التواصل لدى الطفل منذ صغره في ظل الإدمان الإلكتروني على الهواتف والألعاب.

الصورة
ورشة الطين (العربي الجديد)
ورشة الطين (العربي الجديد)

نقاشات وندوات

يصل التلميذ طه إلى المعرض على كرسي متحرك عبر طريق مخصص للأشخاص ذوي الإعاقة، وتشع من عينيه الصغيرتين سعادة واضحة وهو يستقبل بحفاوة من قبل منظمي المعرض. يقول لـ "العربي الجديد" إنه جاء للمشاركة في ورشة تفاعلية مع أطفال من مختلف الأعمار حول موضوع الصحة العقلية والرفاهية. ويوضح أن الورشة تخللتها أنشطة تفاعلية لتبادل المعرفة كما في الورقة التعريفية لها، بالإضافة إلى تقديم نصائح تمكن من إطلاق العنان لمشاعرنا والاهتمام بالصحة النفسية، المحرك الأساس لكل توازن في الشخصية.
الشعور نفسه يظهر على وجه الطفلة نجمة (15 عاماً) وهي تغادر ورشة للأمن الإلكتروني دامت حوالي الساعة. تقول إن  أكثر ما علق في ذهنها أهمية التعرف إلى المخاطر الرقمية، موضحة أنها استفادت من خطوات اعتماد ممارسات آمنة ومسؤولة الإنترنت، وألا تثق في أي شخص غريب عنها أو دعاية مغرضة.

الصورة
وكالة بيت مال القدس (العربي الجديد)
وكالة بيت مال القدس (العربي الجديد)

وشاح فلسطين

من يزور المعرض لن تخطئ عيناه حضور وشاح الكوفية الفلسطينية، والذي تزين به عدد من الزوار لإظهار التضامن مع ضحايا الحرب على غزة، والاعتزاز بما تخططه المقاومة بفخر على أرض الميدان. يقف الشاب أحمد أمام رواق وكالة بيت مال القدس، وهو يتأمل صوراً ويشاهد فيديوهات تهم عدداً من البرامج والمشاريع الموجهة للطفولة والشباب في القدس. 
يتصفح كتاباً يتحدث عن علاقة المغاربة بالقدس والمسجد الأقصى، وصلات الفلسطينيين بالمملكة المغربية عبر محطات تاريخية لنصرة القضية الفلسطينية. يشتري أحمد بثمن رمزي بطاقة بريدية رسمت عليها قبة الصخرة، فيما يوقع على بطاقة أخرى تضمنت عبارات التضامن مع الأطفال الفلسطينيين ضحايا الحرب. ويوضح مسؤول عن جناح الوكالة بالمعرض، أن البطاقات الموقعة من قبل الأطفال المغاربة سترسل إلى فلسطين عبر القنوات الرسمية، لتسلم لاحقاً إلى مجموعات من الشباب والأطفال في عدد من مدارس القدس والضفة الغربية وغزة.

الصورة
فضاء مارفيل (العربي الجديد)
فضاء مارفل (العربي الجديد)

أسعار الكتب

تشكو بعض الأسر من ارتفاع أسعار كتب الأطفال بشكل مبالغ فيه، وخصوصاً القصص والروايات والمؤلفات العلمية. تقول خديجة وهي أم لأربعة أبناء، إنها لم تستطع تلبية طلباتهم جميعاً، لكنها أبدت إعجابها بتنوع العرض ووفرته. ويوضح مسؤول المبيعات في دار نشر واحة الحكايات محمد عنتر، أن الشكوى من ارتفاع السعر أمر متفهم، لكن يجب أن يعلم الجميع أن الكتب المخصصة للأطفال تقطع مساراً طويلاً ومكلفاً قبل أن تصل إلى يدي القارئ الصغير واليافع، فهي مصورة وملونة ونوعية الورق جيدة مشجعة على القراءة، ونحاول أن نجعل الثمن في المتناول إلى أقصى حد. يضيف أنه سجل إقبالاً واضحاً على الكتب التعليمية للمراحل الابتدائية الأولى وخصوصاً مؤلفات الحروف والكلمات والقصص المصورة.

33 دولة

شارك في المعرض حوالي 250 عارضاً يمثلون 33 دولة، توزّعوا على 7 صالات كبرى للعرض، إلى جانب فضاءات للأنشطة الثقافية والترفيهية. وسعى المعرض من خلال الورشات العلمية والإبداعية والفنية، وساعات الحكي والتشخيص والأداء إلى ربط للأطفال والشباب بعالم الكتاب والقراءة، وتحفيز مخيلاتهم وطاقاتهم الإبداعية، وتقريب المعارف الكبرى من إدراكهم، وتعزيز تمثلهم لمحددات الهوية المغربية والانفتاح على القيم الإنسانية المشتركة، وفقاً لتصريحات وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد. وأكد الوزير على أهمية تطوير مستوى القراءة، وتعزيز علاقة الناشئة بالألعاب التربوية، والتي لها صلة بالموروث الثقافي المغربي، والتعريف بالكتب الجديدة وطنيا ودوليا، مبرزا أن الاستثمار في الطفولة والشباب هو بالتأكيد استثمار في المستقبل، وبناء دعائم مجتمع سليم، مبدع وخلاق.

المساهمون