6 قتلى في كاليدونيا الجديدة والأمن الفرنسي يحاول إعادة الهدوء

6 قتلى في كاليدونيا الجديدة والأمن الفرنسي يحاول إعادة الهدوء

18 مايو 2024
دورية للشرطة الفرنسية في نوميا، 18 مايو 2024 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- ارتفعت حصيلة القتلى إلى ستة في أرخبيل كاليدونيا الجديدة بسبب أعمال شغب ونهب استمرت لخمس ليالٍ، مما استدعى تدخل مئات من عناصر الأمن الفرنسيين لاستعادة الهدوء، وذلك على خلفية إصلاح انتخابي مثير للجدل.
- المعارضة للإصلاح الدستوري، الذي يهدف إلى توسيع نطاق المشاركة في الانتخابات المحلية، أثارت قلق المنادين بالاستقلال وتخوفات من تقليل نفوذ شعب كاناك الأصلي، مما أدى إلى إرسال ألف عنصر إضافي من قوات الأمن الفرنسية.
- الاضطرابات ألحقت أضرارًا اقتصادية كبيرة بالأرخبيل، خاصة في نوميا بقيمة 217 مليون دولار، وأثرت سلبًا على السياحة بتقطع سبل نحو 3200 سائح، بالإضافة إلى مواجهة حملة تضليل إعلامي ضد الشرطة الفرنسية.

ارتفعت إلى ستة قتلى حصيلة التوتر في أرخبيل كاليدونيا الجديدة في المحيط الهادئ، حيث يحاول مئات من عناصر الأمن الفرنسيين، اليوم السبت، إعادة الهدوء، بعد ليلة خامسة من أعمال الشغب والنهب والاضطرابات التي اندلعت على خلفية إصلاح انتخابي مثير للجدل.

وأكد قائد قوات الدرك في كاليدونيا الجديدة الجنرال نيكولا ماتيوس، اليوم السبت، "سقوط قتيل وإصابة شخصين في منطقة كالا-غومين" بشمال الإقليم الفرنسي. ولفت مصدر مطلع على الملف إلى أن الحادث وقع عند الساعة 14:30 بالتوقيت المحلي (03:30 بتوقيت غرينتش فجر السبت)، وأن القتيل وأحد الجرحى كانا أباً وابنه يحاولان عبور حاجز أقامه منفذو أعمال الشغب.

وبذلك، ترتفع إلى ستة حصيلة القتلى جراء أعمال الشغب، بينهم اثنان من عناصر الدرك، قتل أحدهما بإطلاق نار عرضي من زميل له أثناء مهمة أمنية. وتسعى القوات الفرنسية إلى إعادة الهدوء للأرخبيل الواقع في جنوب المحيط الهادئ. وقامت فرق من مشاة البحرية والشرطة المدججة بالسلاح بدوريات في العاصمة نوميا حيث تغطي الشوارع آثار أعمال العنف الليلية.

وشاهد مراسلو وكالة فرانس برس في حيّ ماجينتا مركبات ومبانٍ تحترق، بينما انتشرت وحدة من شرطة مكافحة الشغب في محاولة لفرض السيطرة على المنطقة. وأبلغ سكّان ليلاً عن سماع دوي إطلاق نار وتحليق مروحيات و"انفجارات كبيرة" لما يبدو أنها عبوات من الغاز انفجرت داخل مبنى أُضرمت فيه النار.

ولجأ بعض السكان إلى إقامة إجراءات حماية خاصة في انتظار عودة الهدوء. وتقف إيلين (42 عاماً) منذ أيام عند حواجز مؤقتة مع جيرانها وتقوم بمناوبات مدتها ساعتان إلى ثلاث ساعات. وقالت لوكالة فرانس برس: "في الليل نسمع إطلاق نار وأصوات انفجارات (...) وهبوط مروحيات وطائرات للجيش".

وفرضت حالة الطوارئ في كاليدونيا الجديدة، بعدما تصاعدت المعارضة ضدّ إصلاح دستوري يهدف إلى توسيع عدد من يُسمح لهم بالمشاركة في الانتخابات المحلية، ليشمل كلّ المولودين في كاليدونيا الجديدة والمقيمين فيها منذ ما لا يقل عن عشر سنوات. ويرى المنادون بالاستقلال أنّ ذلك "سيجعل شعب كاناك الأصلي أقلية بشكل أكبر".

ووصل ألف عنصر إضافي من قوات الشرطة والدرك الفرنسية إلى الأرخبيل ليل الخميس الجمعة، للانضمام إلى 1700 من زملائهم المنتشرين أساساً. ومن المقرر أن يساهم هؤلاء العناصر الجدد في إعادة الاستقرار إلى مناطق التوتر الثلاث في نوميا الكبرى التي يقطنها سكان أصليون بشكل رئيسي.

ووُضع عشرة من "قادة" خلية تنسيق العمل الميداني، وهي المجموعة الأكثر تطرّفاً في "جبهة تحرير شعب الكاناك الاشتراكية"، قيد الإقامة الجبرية بشبهة رعايتهم أعمال العنف، حسبما أكد وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وحذّر الوزير المحلي فايموا موليافا، السبت، من أن الإقليم أصبح "على مسار تدميري"، قائلاً لمنفذي أعمال الشغب: "أنتم تعاقبون أنفسكم فقط".

ودعت "خلية تنسيق العمل الميداني" الجمعة إلى "الهدوء لكسر حلقة العنف". ورغم هذه الدعوة، قالت آني (81 عاماً) المقيمة في نوميا إنها سمعت أصوات انفجارات كبيرة ليلاً، مشيرة إلى أن أعمال العنف التي شهدها الأرخبيل هذا الأسبوع أسوأ من تلك التي شهدها في الثمانينيات حين كثرت عمليات القتل السياسي واحتجاز الرهائن.

  •  باريس: الوضع في كاليدونيا الجديدة "أكثر هدوءاً"

وكاليدونيا الجديدة هي مستعمرة فرنسية منذ أواخر القرن التاسع عشر. ويدور الجدل السياسي في الأرخبيل حول ما إذا كان ينبغي أن يكون جزءاً من فرنسا أو يتمتع بحكم ذاتي أو استقلال، مع انقسام الآراء على أسس عرقية. واندلعت موجة العنف الأخيرة بسبب خطط باريس لفرض قواعد تصويت جديدة يمكن أن تمنح عشرات الآلاف من السكان غير الأصليين حقوق التصويت.

وترى مجموعات مؤيدة للاستقلال في كاليدونيا الجديدة أن من شأن فرض قواعد تصويت جديدة أن يضعف أصوات السكان الأصليين "الكاناك" الذين يشكّلون نحو 40% من السكان. ودعت السلطات الفرنسية إلى الحوار، مشيرة إلى أن الوضع أصبح "أكثر هدوءاً" وقد تمت السيطرة عليه.

وكان المفوض السامي للجمهورية الفرنسية في كاليدونيا الجديدة، لوي لو فران، قد قال إن التعزيزات الجديدة ستعمل للسيطرة "على المناطق التي أفلتت من أيدينا في الأيام الأخيرة والتي لم تعد السيطرة عليها مضمونة"، وخصّ بالذكر ثلاث مناطق في العاصمة يسكنها سكان أصليون بشكل رئيسي.

وواجه "استئناف الحوار السياسي" الذي يدعو إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عقبة مع إلغاء حوار عبر الفيديو كان مقرراً أن يعقده الخميس مع مسؤولين منتخبين محلياً. وأكد الإليزيه أن الإلغاء مرده أن "الأطراف المختلفة لا ترغب في الحوار مع بعضها حالياً".

  • أضرار اقتصادية

تزامناً في نوميا، اصطف مئات الأشخاص أمام المتاجر، على أمل التزوّد بمواد غذائية وإمدادات. وقال أحد موظفي السوبرماركت في ماجينتا: "تبضّعوا خلال عشر دقائق للسماح للجميع بالحصول على إمدادات". وأشارت إيلين إلى أن الوضع الاقتصادي أصبح أكثر هشاشة في السنوات الأخيرة وأن الاضطرابات التي حصلت هذا الأسبوع ستفاقم الوضع.

وقدّرت مجموعة أعمال محلية الأضرار المتركّزة بشكل خاص في نوميا بنحو 217 مليون دولار. إلا أن الضرر الذي يلحق بسمعة الأرخبيل قد يكون أكبر. وتُعدّ السياحة مصدر دخل أساسياً لكاليدونيا الجديدة، لكن نحو 3200 سائح ومسافر تقطّعت بهم السبل في الأرخبيل وخارجه بسبب إغلاق مطار نوميا الدولي جراء أعمال العنف.

وأمس الجمعة، قالت الهيئة الفرنسية لمكافحة التدخل الرقمي الأجنبي "فيجينوم" إنها رصدت حملة "ضخمة ومنسّقة" عبر الإنترنت تدفع بمزاعم بأن الشرطة الفرنسية أطلقت النار على متظاهرين مؤيدين للاستقلال. ومن دون ذكر صلة مباشرة بأعمال العنف، اتهم وزير الداخلية الفرنسي الخميس أذربيجان بالتدخّل في كاليدونيا الجديدة، وهو ما نفته باكو بشدة.

(فرانس برس)

المساهمون