تقرير الخارجية الأميركية... الدوحة وواشنطن شراكة ضد الإرهاب

20 يوليو 2017
التقرير الأميركي يسقط مبررات حصار قطر (بندر الجلود/الأناضول)
+ الخط -


هناك من حسب أن تغريدة من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، سوف تكون كافية لوضع مسطرة تصنيف جديدة لبلدان الخليج على سلم مكافحة تمويل الإرهاب، وأنها ستمهّد لقلب الوضع في المنطقة، وتمنح أبوظبي والرياض الضوء الأخضر لشن الحرب على قطر، تحت بند محاربة الإرهاب بوصفها البضاعة السحرية الرائجة في بازار تجار الزمن الإسرائيلي.

غاب عن هؤلاء أن المسألة ليست على هذا القدر من البساطة، لأن الحرب على الإرهاب تديرها أجهزة ودوائر متخصصة تتابع الشاردة والواردة، وتلاحق تفاصيل التفاصيل عبر العالم، ولا تتغيّر الطرق والأساليب مع تغيّر الإدارت الأميركية.

إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على تتبع إرهابي من "تنظيم القاعدة" يتنكر في زي راعي أغنام في جبال اليمن، وترسل له طائرة "درون" لتقتله، فهل يمكن أن تكون غافلة عن الدول التي تمول الإرهاب؟ وهل يعقل أنها كانت ساهية، طيلة هذا الوقت، عن دور قطري خفي، وجاءت أبوظبي لتكشف لها المستور، فثارت حمية ترامب وصادق على قرار إعلان الحرب على قطر؟

بعد 11 سبتمبر/ أيلول 2001، قصدت فرق من أجهزة الاستخبارات الأميركية سويسرا كمركز مالي يتمتع بالسرية المصرفية، وطلبت من المصارف تقديم كشوفات عن التحويلات المالية لعشرة آلاف دولار فما فوق التي تمت قبل عدة سنوات، وركزت في صورة أساسية على السعوديين والإماراتيين واليمنيين، وقامت بعد ذلك بمتابعة كل التحويلات المالية وحققت مع المعنيين، ودامت العملية أكثر من سنة، وكان هدفها تتبع خط تمويل عملية 11 سبتمبر، ومنذ ذلك الحين جرى وضع شبكة من الأنظمة المعقدة لمراقبة التحويلات المالية عبر العالم، حتى صار تحويل مبلغ مائة دولار عن طريق "ويسترن يونيون" يحتاج إلى إجراءات تعجيزية تستدعي أخذ موافقة أميركية.

الذين ظنوا أن تغريدة من ترامب يمكن أن تخلط الأوراق وتأسس لمعايير جديدة بخصوص تصنيفات الإرهاب، نسوا أن هناك تقارير دورية تصدر عن المؤسسات الأميركية الرسمية وغير الرسمية حول الإرهاب. ولأنه لا توجد أسرار في الولايات المتحدة، فإن المعلومات متاحة للجميع، ومن ذلك التقرير السنوي، الذي صدر أمس عن وزارة الخارجية الأميركية، وجاء بمثابة صفعة للحملة التي تقودها أبوظبي والرياض ضد قطر، لأنه يحمل خلاصة سنة عام 2016 في ما يخص التعاون في مجال الإرهاب، وهو يقول بالحرف الواحد إن "الدوحة وواشنطن حافظتا على شراكة قوية في الحرب على الإرهاب خلال عام 2016، وعملتا معاً من أجل تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في جهود مكافحة الإرهاب، وتعزيز إنفاذ القانون، ومحاصرة الأنشطة المحظورة". 

وأضاف أن "الوكالات الأمنية الأميركية والقطرية تربطها علاقات قوية وبنّاءة، وقامت بالتنسيق في ما بينها لتبادل المعلومات المتعلقة بالأنشطة الإرهابية وتقييمها". 

وأسهب التقرير، المكوّن من 455 صفحة، أن "قطر شريك وطرف نشيط ضمن التحالف الدولي للقضاء على تنظيم داعش"، لافتاً إلى أن الدوحة وفّرت دعماً مهماً في وجه تسهيل العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش الأميركي في المنطقة. 

واعترفت الخارجية الأميركية في تقريرها بأن قطر دعمت التحالف الإسلامي، الذي تقوده السعودية، لمواجهة الإرهاب، وذلك بعد موافقتها على الانضمام إلى التدريبات العسكرية الإقليمية التي تجريها الدول المشاركة في التحالف.

وفي ما يخصّ الدول المشاركة في الحصار على قطر، أوضح تقرير الخارجية الأميركية، الذي خصّ كل دولة على حدة بتقييم خاص، أن الجماعات الإرهابية استغلّت الإمارات كمركز مالي في تعاملاتها المالية.

وبالنسبة للسعودية، أورد التقرير أن أفراداً وكيانات في البلاد ربما استمرّوا في تمويل جماعات إرهابية، موضحاً أنه على الرغم من الجهود في مكافحة الإرهاب، فإن تمويل الجماعات الإرهابية ما زال يتم في السعودية، وكشف عن رقم كبير لأعداد السعوديين الذين يقاتلون في صفوف المنظمات الإرهابية في سورية يصل إلى 2093. 

وحسب خبراء سوريين وعراقيين، فإن هناك ما يفوق هذا العدد في تنظيم "داعش" العراقي، وقد تم فتح الحدود السعودية أمام هؤلاء منذ عدة سنوات، وبقرار من أعلى السلطات، وهناك المئات في السجون العراقية.

هناك استنتاجان أساسيان من تقرير الخارجية الأميركية. الأول أنه أسقط من يد الرياض وأبوظبي ورقة الإرهاب التي تشهرانها ضد قطر. والثاني أنه يضع الحملة ضد قطر في نصابها، بوصفها مفتعلة وقائمة على الوشاية، وتفتقر للأدلة، وأن التورط السعودي بالإرهاب هو الأساسي.