هل التقى محمد دحلان بقيادة حزب "آفاق تونس"؟

21 ديسمبر 2017
تفرّد رئيس الحزب بالقرارات (محمد مدالا/الأناضول)
+ الخط -
شقّ الصراع والانقسام، الركن الأخير في البيت الداخلي لحزب "آفاق تونس"، مع اقتراب نهاية مهلة طرد وزرائه المتمسكين بحكومة الوحدة الوطنية، ليجد هذا الحزب الفتيّ نفسه قاب قوسين أو أدنى من الانشطار الذي يسبق الانهيار، وسط الحديث عن تدخلات خارجية تحدد أجنداته الداخلية، خصوصا مع تأكيدات بلقاء الحزب مع القيادي الفتحاوي المفصول محمد دحلان، وهو الأمر الذي نفاه بيان "آفاق تونس".

ويتخبط حزب "آفاق تونس" في بحر من صراع هزّ قيادته المركزية وقسّم صفوفه إلى شقين، فريق الوزراء تصطف خلفهم قيادات وقواعد متمسكة بالبقاء في صف منظومة الحكم، وفريق ثانٍ يقوده رئيس الحزب، ياسين إبراهيم، اختار صف المعارضة والانسلاخ عنها.

وكان البيان الأخير لحزب "آفاق تونس" الصادر عن رئيس مكتبه السياسي، أمس الأربعاء، والذي توعد خلاله باتخاذ إجراءات لفرض الانضباط داخل الحزب وخارجه؛ بمثابة القشة التي قصمت ما بقي من ود مع ممثلي الحزب في الحكومة ومن يقف وراءهم. كما زاد الأمر تعقيداً موجة التصعيد التي انتهجها رئيس الحزب، الذي أمهل القيادات "المترددة والمتذبذة" يومين قبل الطرد نهائياً من جميع هياكل الحزب، في خطوة تصعيدية لم تترك خيارات كثيرة أمام أعضاء حكومة الوحدة الوطنية من قيادات آفاق الأربعة (وزير البيئة والتنمية المحلية، رياض الموخر، ووزير التكوين المهني والتشغيل فوزي عبد الرحمان، وكاتبي الدولة عبد القدوس السعداوي وهشام بن أحمد).




وكان المكتب السياسي لحركة "آفاق تونس" قرر إمهال ممثليه في الحكومة 48 ساعة للخروج منها، وفي حال بقائهم في الحكومة فسيتم اعتبارهم مستقيلين ولا يمثلون الحزب.

وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "العربي الجديد"، فإن أصواتاً من داخل المكتب السياسي، إلى جانب عدد من المجالس الجهوية، تعارض هذا القرار، كما باتت تحذّر من هذا السعي المحموم لتفكيك الحزب.

ويبدو أن دائرة الغاضبين من انفراد ياسين إبراهيم بالقرار، تدعمها قيادات كثيرة، أخذت تتوسع بعد خيار الانخراط في جبهة برلمانية وسطية، أعلنت معارضتها لائتلاف الحكم وخياراته، وقدمت نفسها كقوة تعديل برلماني ضد ائتلاف "نداء تونس" و"النهضة" صاحبي الأغلبية البرلمانية والضلعين الأكبرين في ائتلاف الحكم.

ويؤكد رافضو قرار رئيس "آفاق تونس"، أنّه دفع الجميع إلى التصويت خلال مجلس وطني لم يتضمن جدول أعماله الخروج من الحكومة. ويرأى هؤلاء أنّ موقع هذا الحزب الليبرالي داخل ائتلاف الحكم وداخل الحكومة، وليس في دكة المعارضة، معتبرين أن اتجاه رئيس الحزب تغيير الوجهة استعداداً لخوض غمار الانتخابات البلدية، والاستعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية 2019، قضى على ما بقي من تماسك داخل مركزية الحزب".

ويرى مراقبون أن إبراهيم انتهج سياسة الأرض المحروقة في علاقته بمعارضيه من قيادة الحزب ورموزه، في نية لإبعادهم، كي يخلو له الطريق أمام الترشح منفرداً بدون منازع في انتخابات الرئاسة من دون اعتراض، ومباركة حزب يسيطر عليه بشكل نهائي.

غير أن خيار الخروج من منظومة الحكم، أزعج شركاء الأمس، كما أنه قد يقود الحزب إلى التفكك والانشطار بسبب سياسة الهروب إلى الأمام والتمسك بمعاقبة الرافضين، بحسب مراقبين.

وفي تعقيبٍ على قرار الحزب، حمّل وزير التشغيل والتكوين المهني فوزي عبد الرحمن، إبراهيم مسؤولية ما اعتبره "انقلاباً على شرعية مؤسسات الحزب".

ولوّح عبد الرحمن، الذي جمّد عضويته في حزب "آفاق تونس"، واستقال من خطة نائب رئيس الحزب، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية، باتخاذ "جميع الإجراءات التي يخولها القانون الداخلي للحزب والقوانين التونسية، على خلفية الإخلالات العديدة التي حصلت في المجلس الوطني لحزب افاق تونس"، داعياً "جميع مناضلي الحزب في مختلف هياكله إلى بعث لجنة تحقيق مستقلة للتثبت من الإخلالات والتحقيق في ظروف وملابسات ما يحدث داخل حزب آفاق تونس".

وأكد عبد الرحمن تمسّكه بقرار رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، ومواصلته العمل على رأس وزارة التشغيل، والتزامه بالشرعية التي يستمدها من مجلس نواب الشعب ومن أدائه القسم أمام رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي.

ويقول منتقدوه إن موقف إبراهيم لم يكن وليد عرض قانون الموازنة الأخير، بل انطلق خطاب المعارضة لديه منذ مغادرته شخصياً الحكومة، بعد أن كان وزيراً فيها، لينقلب على منظومة الحكم التي أصبح يراها غريبة عن برامج الحزب ومشروعه وأهدافه المستقبلية.

محمد دحلان يعبث بالأزمة

ويلعب إبراهيم آخر أوراقه في إحراج الحكومة ورئيسها والائتلاف الحكومي، وبالأخص الثلاثي حزب "نداء تونس" و"النهضة" و"الاتحاد الوطني الحر"، في محاولة جر وزرائه للاستقالة ولدفع الشاهد إلى الدخول في تعديل وزاري رابع، ليفتح فجوة جديدة في اتفاق قرطاج، ويزعزع ما بقي من توليفة حكومة الوحدة الوطنية التي غادرها الوطني الحر والجمهوري.

وزاد التصريح غير المسبوق لقيادي حزب "آفاق تونس"، مهدي الربعاوي، لجريدة "الصباح" المحلية، الطين بلة، وعزز الشكوك المحيطة بالانسلاخ المفاجئ للحزب من حكومة الوحدة الوطنية، إذ أكّد الربعاوي أن رئيس الحزب التقى القيادي الفتحاوي المطرود من الحركة محمد دحلان، القيادي الفلسطيني القريب من ولي العهد الإماراتي، محمد بن زايد آل نهيان.

وقال الربعاوي، في رد على سؤال حول حقيقة لقاء ياسين إبراهيم بدحلان، إنه كان "لقاء طبيعياً وعادياً، حيث التقيناه كما التقته أطراف سياسية أخرى، وهو يندرج في إطار دبلوماسية الحزب".

كما عزز تعليق قيادي آفاق تونس الذي بدا واثقاً من طبيعة اللقاء لمعرفته بمخرجاته أو ربما لتواجده بين الحاضرين، ما يشاع لدى الرأي العام الوطني من دخول أجندات خارجية على خط مصير بقاء الحزب في الحكومة، وبروز رائحة أياد خارجية، في الخروج المفاجئ، خاصة أمام غموض التوضيح الرسمي الصادر عن مكتب إعلام حزب "آفاق تونس"، الذي نشر، في وقت متأخر أمس، على موقع "فيسبوك"، جاء فيه "لم يلتق رئيس حزب آفاق تونس أو أي قيادي في الحزب، محمد دحلان، وإن هذا الخبر عار تماماً عن الصحة، وناتج عن سوء فهم السؤال من طرف المتحدث، خلافاً لما ورد في بعض وسائل الإعلام على لسان مهدي الرباعي".