القمة الأفريقية الأوروبية... الملف الأمني يحدّد سقف التوقعات

حكيم عنكر

avata
حكيم عنكر
30 نوفمبر 2017
123E3048-1695-4CC0-B3FE-8BEC5CD55D5D
+ الخط -
ترتفع رهانات القادة الأفارقة في القمة الأفريقية الأوروبية التي افتُتحت أمس، وتُختتم اليوم في أبيدجان (ساحل العاج)، وحضرها زعيما أبرز مكونين في الاتحاد الأوروبي، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، إضافة إلى 14 رئيس دولة من الاتحاد، الذي يضم 28 دولة، وعدد كبير من الزعماء الأفارقة، يتقدّمهم ملك المغرب محمد السادس والرئيس السنغالي، ماكي سال، ورئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما والرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، والرئيس الكاميروني، بول بيا، ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية فائز السراج، إضافة إلى رؤساء مالي والكونغو برازافيل وتشاد والغابون ورواندا وبنين وأنغولا وممثلين عن الدول الأفريقية المشاركة في القمة.

ويبرز موضوع التصدي للإرهاب ومحاربة التطرف والأمن كأولوية في القمة، لتنفيذ كل الأجندات الأخرى وعلى رأسها الهجرة والاستثمار في الثروة المادية والبشرية ودعم الخيارات الديمقراطية للشعوب الأفريقية وترشيد الحكم. وحرص ماكرون على أن يكون حضوره القمة الأفريقية الأوروبية، ضمن جولة ثلاثية، قادته إلى بوركينا فاسو، وأبيدجان، مكان انعقاد القمة، واليوم الخميس يحل في غانا. وهي جولة ثلاثية تكتسي أهمية خاصة بالنسبة للسياسة الفرنسية في أفريقيا. فعلاوة على خطاب ماكرون في واغادوغو حول الهجرة والتصدي لظاهرة الاتجار بالبشر والعبودية التي تنخر أفريقيا، فإنه أعطى إشارة عن جدية السياسة الفرنسية بقصه أمس، شريط افتتاح ميترو العاصمة أبيدجان، الممول من باريس.

من جهة أخرى، يكتسي حضور العاهل المغربي القمة، أهمية خاصة، ذلك أنه منذ عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي في يناير/كانون الثاني الماضي، يعلن بشكل قاطع عن تجاوزه عقدة وجود البوليساريو في المنظمة الأفريقية. وتؤكد تقارير أن الملك محمد السادس، ومنذ الأحد الماضي، يتصرف في أبيدجان كما لو أنه في بيته الثاني، في تعزيز للسياسة الخارجية المغربية القائمة على التركيز الاستثماري في أفريقيا ونهج سياسة رابح-رابح مع الشركاء الأفارقة. ودشن الملك المغربي، ورئيس جمهورية ساحل العاج، الحسن واتارا، المحطة المجهزة لتفريغ السمك "محمد السادس" بتكلفة تبلغ حوالى 3 ملايين دولار.

في سياق آخر، فإن أغلب اللقاءات، ستجري خارج الأضواء، عدا الجلسة الافتتاحية الرسمية، التي ألقى فيها واتارا كلمة الافتتاح، إضافة إلى كلمة الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، ألفا كوندي، والتقاط الصورة الجماعية التقليدية. وعدا عن الذي ستتناقله الكاميرات، فإن مناقشات القمة ستجري وراء الأبواب المغلقة، وسيتصدر جدول أعمالها قضية إصلاح الاتحاد الأفريقي وتفعيل قوانينه وتشريعاته بما يستجيب للتحديات المطروحة على القارة الأفريقية في علاقتها التاريخية مع أوروبا، وأيضاً في ظل ظهور شركاء آخرين منافسين مثل الصين وتركيا ودول الخليج.


وتفيد المصادر الإعلامية المتابعة للقمة، أن أغلب القرارات ستتخذ في الكواليس، وفي اجتماعات ثنائية في الغالب، خارج الجلسات العامة الرسمية، سواء لناحية الفرص الاقتصادية للشباب والهجرة والعبور، أو لجهة التعاون بين الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي في القضايا الأمنية على وجه الخصوص. في حين ستكون الجلسة الختامية التي تُعقد، اليوم الخميس، أكثر أهمية، لأنها ستركز على أوجه دعم الاتحاد الأوروبي لأنظمة الحكم في أفريقيا والحث على التداول الديمقراطي للسلطة باللجوء لصناديق الاقتراع وتحييد الجيوش الوطنية والخروج من كوارث الانقلابات العسكرية التي أنهكت القارة الأفريقية وتسببت في مآسٍ إنسانية وإبادات جماعية واستعباد للبشر كما كشف عنه في ليبيا.

وإضافة إلى ماكرون، حضر 15 رئيس دولة من الاتحاد الأوروبي الذي يضم 28 بلداً على رأسهم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، التي تتهدد الأخطار مستقبلها السياسي بعد فشلها في تشكيل ائتلاف حكومي جديد، والتي ستدافع في القمة عن منظورها في معالجتها قضايا اللاجئين والهجرة غير الشرعية.

ومنذ مؤتمر مالطا المنعقد في 2015، لم تتحقق وعود الاتحاد الأوروبي للقارة الأفريقية، وبالأخص في مجال دعم الاستثمارات ومحاربة التطرف والحد من الهجرة، حيث كان الأوروبيون قد وعدوا بمساعدات مالية تقدر بنحو 1.8 مليار يورو شرط قبول الدول الأفريقية بإعادة استقبال وتوطين المرحّلين المرفوضين من أنظمة وقوانين الهجرة الأوروبية. وقد تكون القمة فرصة جديدة، لبلورة تصوّر جديد حول القضايا التي كانت مطروحة في قمة مالطا، غير أن عدداً من الدبلوماسيين الأفارقة عبّروا عن يأسهم من وعود الأوروبيين التي تخلّفوا عنها، والذين يريدون قبل كل شيء انتزاع ضمانات من الدول الأفريقية بتنفيذ سياسات العودة ومراجعة اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين.
في حين يجري صرف النظر عن القضايا الحقيقية التي تواجه الأفارقة ومحفزات الهجرة، والتي تتمثل في ثالوث البؤس والحرب وتدهور المناخ، مما يؤدي إلى فقدان الأمل في أي سياسة محلية في البلدان الأفريقية ويهدد التداول السلمي على السلطة، ويسهم في إضعاف كل محاولات إرساء مسارات الحكم الرشيد في القارة.

وعلى الرغم من أن ماكرون في خطابه في واغادوغو، أول أمس، رفض الحديث عن السياسة الأفريقية لفرنسا باعتبارها توجهاً مصلحياً من جانب واحد، إلا أنه ركّز على ما أسماه سياسة فرنسية تدفع في اتجاه توثيق الصداقة مع الأفارقة بكافة لغاتهم وأعراقهم، لبناء مستقبل مشترك خالٍ من الأخطار المحدقة.
وبينما يعبّر الأفارقة عن تطلّعاتهم في الجلسات الثنائية التي ستجمعهم مع الأطراف الأوروبية من رؤساء دول وشركات، فإن أعينهم ستكون متوجّهة نحو العروض الاستثمارية التي ستفضي إليها القمة، كما الحال، حين أبرمت فرنسا اتفاقاً مع بوركينا فاسو لإقامة أكبر محطة للطاقة الشمسية في غرب أفريقيا، وافتتاح ماكرون لميترو أبيدجان، أمس. مما يعني أن فرنسا ومعها دول الاتحاد الأوروبي، تقدّم مؤشرات جادة في عرضها الاقتصادي، القائم على شراكات واسعة كفيلة بالتصدي لظاهرة الهجرة ودفع الأفارقة للبقاء في بلدانهم.
لكن، تلك الوعود، لطالما تبدّدت بسبب تدخّل "دول الاستعمار" التقليدية، بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، في الشؤون الداخلية لدول الصحراء والساحل، والتي تجد اليوم صعوبة كبيرة في الخروج من وضع الدول الفاشلة إلى مساحات أخرى تتيح لشعوبها طي الصفحات الدموية من تاريخها والتوجه نحو بناء مستقبل آمن للجميع.

ذات صلة

الصورة
امرأة في منطقة الصحراء، 3 فبراير 2017 (Getty)

سياسة

دخلت العلاقات بين فرنسا والجزائر في أزمة بعد إعلان فرنسا دعمها مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب بشأن الصحراء وهو ما قد لا يساعد في حل القضية.
الصورة
ماكرون يلقي خطابًا متلفزًا يعلن فيه حل البرلمان، 9 يونيو 2024 (فرانس برس)

سياسة

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الأحد، حلّ الجمعية الوطنية وتنظيم انتخابات تشريعية جديدة، بعد فوز اليمين المتطرف الفرنسي في الانتخابات الأوروبية.
الصورة
ماكرون وفيروز /تويتر

منوعات

هل ستغني فيروز في السعودية؟ لن تغني فيروز في المملكة؟ أسئلة تطرح منذ أكثر من عامين من دون جواب شاف، قبل ايام استعاد البعض الأسطوانة نفسها عبر المواقع البديلة.
الصورة
تظاهرة تضامنية مع فلسطين وغزة في كتالونيا 26/11/2023 (روبرت بونيت/Getty)

سياسة

منذ صباح 7 أكتوبر الماضي بدا الاتّحاد الأوروبي، أو القوى الكبرى والرئيسية فيه، موحدًا في الاصطفاف إلى جانب إسرائيل، ورفض عملية طوفان الأقصى ووصمها بالإرهاب