ليبيا: سيناريوهات ما بعد دخول السراج طرابلس
يضع دخول حكومة الوفاق الوطني الليبية برئاسة فائز السراج، إلى العاصمة طرابلس، منذ أول من أمس الأربعاء، الأوضاع في ليبيا أم سيناريوهات متعددة، مع سعي السراج إلى فرض وجود حكومته كسلطة أمر واقع على الأرض، عبر تسلّم المقرات الرسمية في العاصمة، الأمر الذي لا يزال يلقى رفضاً من حكومة الإنقاذ برئاسة خليفة الغويل، ما ينذر بعودة الاشتباكات التي ترافقت مع دخول الحكومة إلى طرابلس، قبل أن يسود هدوء حذر أمس الخميس. ولم يتأخر التدخّل الأوروبي دعماً للسراج، إذ فرض الاتحاد الأوروبي أمس عقوبات على أبرز ثلاثة مسؤولين ليبيين في طبرق وطرابلس بذريهة "عرقلتهم" عمل حكومة السراج، وفق ما أفاد به مصدران أوروبيان لوكالة "فرانس برس". وبدا واضحاً من الأسماء المستهدفة، والتي ضمت رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح، والذي التزم الصمت في الأيام الماضية، ورئيس المؤتمر الوطني العام نوري ابو سهمين ورئيس حكومة طرابلس خليفة الغويل، أن الاتحاد الأوروبي قرر التصعيد ضد المعترضين على حكومة السراج. وأوضح أحد المصدرين لـ"فرانس برس" أن العقوبات تقضي بـ"حظر السفر إلى الاتحاد الاوروبي وتجميد أصول داخل الاتحاد، وهو أمر ممكن لأنه يبدو أن (من شملتهم العقوبات) لديهم أصول في مالطا"، على حد قوله.
وتأتي هذه التطورات بعدما كانت قوات تابعة لحكومة الوفاق قد أغلقت قناة "النبأ" القريبة من حكومة الغويل، وجردتها بالتالي من منصة إعلامية توصل صوتها إلى الليبيين، كما أقدمت مجموعة أخرى على إبعاد المحتجين على حكومة الوفاق من وسط العاصمة، بالإضافة إلى أن حكومة السراج دخلت العاصمة بحراً بمساندة قوات بحرية، وسيطرت على القاعدة البحرية وما جاورها في المنطقة، من دون أيّ مواجهة مسلحة. ويعكس كل هذا، من وجهة نظر البعض، قصوراً في سيطرة حكومة الغويل على العاصمة، وعدم تمكنها من كل الخيوط السياسية والعسكرية في العاصمة. غير أنه يطرح في الوقت نفسه أسئلة عن تحركات السراج في الفترة المقبلة، وشكل تعامله مع الوضع السياسي والأمني مع حكومة الغويل أولاً، ومع باقي ليبيا ثانياً. فحكومة الغويل تبدو في مأزق سياسي واضح، فإما القبول بالأمر الواقع الجديد، وهو ما يعني إبرام صفقة مع السراج لتفادي التهديدات الدولية، وإما المواجهة كما تم إعلانه من قبل. وبدا أن الغويل لم يعد يجد مساندة من كل "أصدقاء الأمس"، إذ يساند رئيس حزب "العدالة والبناء" محمد الصوان، حكومة السراج. كما أن عضو الأمانة العامة بالاتحاد العالمي للعلماء المسلمين علي الصلابي، دعا المجلس الرئاسي للحوار الجاد مع معارضيه، مشدّداً على أهمية هذا الحوار الذي يهدف إلى حقن الدماء. من جهتها، أعلنت قوات "فجر ليبيا" أنها تنتظر رأي رئيس المجلس الأعلى للإفتاء، المفتي صادق الغرياني، الذي دعا حزب "العدالة والبناء" وجماعة "الإخوان المسلمين" ومشايخهم "لأن يرجعوا إلى رشدهم وأن لا يدعموا حكومة ظالمة مسلطة، وأن يطالبوا بتضمين الملاحظات الخمس في المسوَّدة (الاتفاق السياسي) من أجل القبول بالتوافق على الحكومة". كما طالب الغرياني المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بالخروج من العاصمة طرابلس والعودة من حيث أتى. لكن حزب "العدالة والبناء" رد على الغرياني، مطالباً إياه بمراجعة موقفه بشأن هجومه على موقف الحزب الداعم لحكومة الوفاق.