عشائر الأنبار تتسلّح من غنائم "داعش"

عشائر الأنبار تتسلّح من غنائم "داعش"

29 نوفمبر 2015
مطالبات للحكومة بتسليح العشائر لقتال "داعش" (أزهر شلال/فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من الدور الكبير الذي أدته العشائر المتصدّية لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في قتالها بمحافظة الأنبار، فإنّها لم تحصل من الحكومة سوى على الوعود بالتسليح من دون تنفيذ، ما خلق حالة يأس لديها من تغيّر الموقف الحكومي تجاهها مستقبلاً، الأمر الذي دفعها إلى البحث على طرق بديلة للحصول على السلاح لمقاومة الموت المحتّم. ولم يكن طريق العشائر في الحصول على السلاح سهلاً أبداً، بل هو طريق يحتاج إلى تقديم العديد من أبنائها كثمن لديمومة بقاء الآخرين، لذا لجأت تلك العشائر إلى الاعتماد على نفسها في ذلك.

ويقول شيخ عشيرة البونمر، نعيم الكعود، لـ"العربي الجديد"، إنّ "عشائر محافظة الأنبار لم تحظَ بأيّ دعم من قبل الحكومة، لا في السابق ولا اليوم، على الرغم من خطورة المرحلة التي تمرّ بها المحافظة والاستعدادات لشنّ معركة التحرير". ويشير إلى أن "تجاهل الحكومة لهذا الملف الحساس، ولّد فقدان ثقة بينها وبين العشائر التي أحسّت باليأس من تغيير الموقف الحكومي، والاهتمام بتسليحها، الأمر الذي دفعها إلى الاعتماد على نفسها بالتمويل والتسليح"، موضحاً أنّ "العشائر بإمكاناتها المتوفرة استطاعت أن تؤمن لنفسها بعض السلاح الذي تشنّ به هجماتها على داعش، وتتصدى لهجماته عليها".

ويضيف الكعود أن العشائر "أحسّت بخطورة الموقف، وخطورة بقائها في مناطقها ومقاتلة داعش والتصدّي له وتوفير الحماية لعوائلها، لذا لجأت إلى الاعتماد على واجبات قتاليّة وهجمات سريعة تنفّذها على مواقع داعش وتغنم سلاحه وعتاده"، مبيّناً أنّ "الأمر ليس بالسهولة المتوقعة، إذ إنّ العشائر بهذه الخطة بدأت تقايض الرجال بالسلاح".

اقرأ أيضاً: فتور معارك الأنبار ضد "داعش": الحكومة تلعب دوراً سلبيّاً

ويوضح أنّ "كل هجوم تشنّه العشائر على داعش لتحصل على بعض قطع الأسلحة والمعدّات منه، يكلّفها تقديم عدد من أبنائها بين قتيل وجريح، وهذه المقايضة باهظة الثمن"، مبيناً أنّ "أغلب هذه الهجمات شنّتها وتشنّها العشائر في قاطع الثرثار وبروانة، وحصلت على كميّات من السلاح والعتاد والمعدّات، استطاعت من خلالها أنّ تستمر بمعاركها والتصدّي للتنظيم والدفاع عن مناطقها، بعد أن دفعت العديد من أبنائها ثمناً لذلك السلاح".

ويشير الكعود إلى أنّ "البنادق والسلاح الذي نحصل عليه لا يساوي شيئاً أمام قطرة من دماء أبنائنا، لكنّ هذه الدماء تراق لأجل الحفاظ على دماء الأطفال والنساء والشيوخ، فحياتنا في الأنبار تحتاج إلى تقديم قرابين ودماء زكيّة بسبب الإهمال الحكومي".

من جهته، يؤكد القيادي في تحالف القوى العراقيّة، أحمد سلمان، أنّ "محافظة الأنبار لديها الإمكانيّة والقدرة على توفير أعداد كبيرة من المقاتلين من ذوي الخبرة والكفاءة، وهذا واجبهم تجاه محافظتهم، ويبقى على الحكومة القيام بواجبها في التسليح".

ويقول سلمان، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "مسؤولي المحافظة وشيوخها يئسوا من الحوار مع الحكومة بشأن التسليح، فالحكومة ماطلت كثيراً وما زالت تماطل في هذا الملف المهم"، مشيراً إلى أنّ "العشائر اضطرّت إلى الاعتماد على نفسها بالتسليح مجبرة، وهذا الأمر كلّفها الكثير". ويشير إلى أنّ "ما يثير الاستغراب هو تسليح الحكومة لمليشيات الحشد الشعبي وتخصيص موازنة خاصة لها، على اعتبار أنّها تقاتل داعش، في وقت تعلم فيه الحكومة علم اليقين أهميّة دور العشائر الكبير في المعارك ولم تقدّم لها شيئاً"، داعياً الحكومة إلى "القيام بمسؤوليّتها لحماية أبناء الأنبار من خلال توفير السلاح لهم للدفاع عن أنفسهم وعوائلهم".

أما رئيسة منظمة الحياة لحقوق الإنسان العراقية (وهي منظمة مجتمع مدني)، ابتهال الزيدي، فتعتبر لجوء العشائر إلى مقايضة الرجال بالسلاح، "حالة تعكس مدى تفريط الحكومة بشعبها وأبنائها".

وتقول الزيدي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "قضية حقوق الإنسان في العراق لم تعد اليوم تحظى بأي اهتمام من الحكومة، بل على العكس تماماً، نرى أنّ الحكومة هي من تحارب حقوق الإنسان، وهي من تضطهدها، وتفرّط بحياة الناس"، مؤكّدة أنّ "قضيّة داعش أصبحت قضيّة تفرض على المحافظات التي احتُلت من قبله، اللجوء إلى الدفاع عن نفسها، وهي بحاجة لدعم مادي وتسليح لأجل ذلك، ومسؤولية توفير كل ذلك يقع على عاتق الحكومة". وتؤكد أن "الإهمال الحكومي لهذا الملف، هو إهمال لحقوق الإنسان ولحياته، وتفريط به"، داعية الحكومة إلى "تحمّل مسؤوليتها تجاه ذلك".

يشار إلى أنّ عشائر محافظة الأنبار كان لها الدور الكبير في حماية المحافظة من "داعش"، من خلال صدّ هجماته خلال عام ونصف مضت، بينما تجاهلت الحكومة كافة المناشدات والمطالبات بتقديم السلاح لتلك العشائر.

اقرأ أيضاً: رئيس البرلمان العراقي يدعو لتسليح أبناء المناطق الخاضعة لـ"داعش"