من هو جهاد أزعور الذي تفضله المعارضة لرئاسة لبنان؟

من هو جهاد أزعور الذي تفضله المعارضة لرئاسة لبنان؟

31 مايو 2023
يعول على خبرة أزعور في المال والاقتصاد (كريم صاحب/ فرانس برس)
+ الخط -

التقت أكثرية الأطراف المعارضة في لبنان لانتخاب رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، مرشح حزب الله وحركة أمل (برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري)، لرئاسة الجمهورية، على دعم ترشيح وزير المال السابق جهاد أزعور، وذلك بعد حسم "التيار الوطني الحر" برئاسة النائب جبران باسيل، موقفه الداعم له.

وتتجه الأنظار الآن إلى موقف أزعور من الترشيح، بعدما كان أكد في أكثر من مناسبة أنه لا يريد أن يكون مرشح تحدّ أو مواجهة أو لحرقه، وكذلك إلى برنامجه الرئاسي، خصوصاً أنه ليس بوافد جديد إلى الساحة السياسية في لبنان، وهو من وجوه السلطة والمنظومة التقليدية.

ويشغل أزعور وهو من مواليد عام 1966 منصباً كبيراً في صندوق النقد الدولي، حيث يشرف على عمل الصندوق في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى والقوقاز.

أزعور وهو ابن شقيقة الراحل جان عبيد الذي كان اسمه أيضاً مطروحاً لرئاسة الجمهورية، وشغل منصب وزير المال من عام 2005 إلى 2008، في حكومة فؤاد السنيورة، الذي ارتبط اسمه بملف صرف الـ11 مليار دولار الشهير، وبسياسات مالية ضريبية تعدّ من أبرز الأسباب التي أوصلت لبنان إلى الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعاني منها اليوم.

كما فرضت في "عهده" الضرائب غير المباشرة التي تستهدف الفئات الفقيرة وذوي الدخل المحدود، ما أثار صرخة كبيرة حينها في الشارع اللبناني حول اعتمادها.

وفي الفترة السابقة لعمله وزيراً للمال ثم الفترة اللاحقة لها، تولى أزعور مناصب عدة في القطاع الخاص، منها عمله في شركة "ماكينزي وبوز آند كومباني" حيث كان نائباً للرئيس والمستشار التنفيذي الأول، وقبل انضمامه إلى صندوق النقد الدولي في شهر مارس/ آذار عام 2017، كان مديراً شريكاً في شركة "إنفنتيس بارتنرز" للاستشارات والاستثمار، كذلك شغل منصب مدير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في وزارة المال.

وتنقسم الآراء في الشارع اللبناني حول أزعور ومدى قدرته على التغيير خصوصاً أنه كان وزيراً سابقاً للمال ولم يسجل أي إنجازات تذكر على صعيد الإصلاحات لا بل ارتبط اسمه بسياسات ضريبية مجحفة، وبملفات دعم فيها مصالح السياسيين الخاصة.

وكذلك تنقسم الساحة السياسية ولا سيما على مقلبي "حزب الله" و"حركة أمل" والمعارضين للثنائي، في ظلّ نظرتين إلى مسيرته السياسية والمالية، الأولى تمثل مؤيديه الذين يعتبرون أنه الرجل الأنسب في هذه المرحلة التي تتطلب خبيراً في الاقتصاد والمال والنقد قادرا على انتشال لبنان من الانهيار الشامل، خصوصاً أنه مسؤول في صندوق النقد الدولي، الذي يعد عقد اتفاق نهائي معه، المتنفّس الأول والأساسي للخروج من الأزمة الاقتصادية.

ويتمسّك مؤيدوه بمروحة علاقاته الواسعة عربياً ودولياً وحتى فرنسياً رغم مزاعم تأييد باريس لفرنجية مرشح الثنائي "حزب الله" و"حركة أمل"، فهو شارك في الإعداد لمؤتمري باريس 1 و2 المتعلقين بلبنان، علماً أن السلطة عجزت عن القيام بأي إصلاحات تذكر، معتبرين أن المواصفات التي يشترطها الخارج ولا سيما الدول المعنية بالملف الرئاسي في لبنان، خصوصاً الولايات المتحدة والسعودية، تتوافر فيه، من ناحية كونه رجلا إصلاحيا، إنقاذيا، من شأنه أن يحافظ على علاقات لبنان الخارجية.

ولوّح البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظة يوم الأحد إلى تأييد أزعور خصوصاً بعد اتفاق القوى المعارضة عليه وبالدرجة الأولى أكبر كتلتين مسيحيتين في البرلمان، حزب "القوات اللبنانية" برئاسة سمير جعجع، و"التيار الوطني الحر"، برئاسة النائب جبران باسيل، متوقفاً عند مواصفاته التي يتمتع بها، على رأسها أنه يتمتع بشخصية توحي بالثقة الخارجية والداخلية.

في المقابل، يرفض "حزب الله" و"حركة أمل" بشدة تأييد أزعور، الذي يرتبط اسمه بمرحلة حكومة السنيورة المعارضة بشدّة لـ"حزب الله"، والسياسات المالية التي انتهجتها وخصوصاً الضريبية التي ارتدت سلباً على الشعب اللبناني، وتعدّ من أسباب وصول لبنان إلى الأزمة الراهنة، مع الإشارة إلى أن السنيورة كان طرح اسم أزعور أيضاً لحاكمية مصرف لبنان، عام 2011، لكن تم وقتها التجديد لرياض سلامة، الذي كان يحظى بدعم كبير من رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري.

كذلك، يرفض الثنائي أزعور من منطلق عمله في صندوق النقد الدولي، وتنفيذه سياساته التي عبّر "حزب الله" بالدرجة الأولى عن رفضه لها، مشدداً على أنه "لن يسلّم رقبة لبنان للصندوق".

وخرجت جملة مواقف سياسية عن ممثلي "حزب الله" و"حركة أمل" نيابياً وحزبياً، ترفض تأييد أزعور، بذريعة أنه مرشح تحدّ، واستفزازي، ويراد منه فقط إلغاء ترشيح فرنجية، وقطع الطريق على وصوله إلى سدّة الرئاسية، وهي الذريعة نفسها التي استند إليها في معارضته للنائب ميشال معوض، المرشح الأول عن المعارضين.

وكان الثنائي يتلطى وراء التباينات التي تحصل بين قوى المعارضة والانقسامات في صفوفهم لعدم أخذ ترشيح أزعور بجدية، لتبرير عدم دعوة رئيس مجلس النواب، نبيه بري لجلسة انتخاب رئيس، الذي ينتظر توافق الفريق الآخر على شخصية تتنافس في البرلمان بوجه فرنجية.

وتبعاً للتجارب السياسية في لبنان، فإن التوافق السياسي الذي يدخل في سياق التسوية أو الصفقة التي دائماً ما يكون أركانها خارجيين، مطلوب لانتخاب رئيس وسدّ الشغور المستمرّ منذ 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ولا سيما أن النصاب القانوني للانتخاب وهو 65 نائباً من أصل 128 لا يتوافر لأي فريق، والاعتماد يبقى على الأصوات الرمادية الضبابية التي تمثل بالدرجة الأولى الأطراف المستقلة.