محاكمة علاء والباقر و"أكسجين": إحالة أمام "الطوارئ" لتقنين الحبس

محاكمة علاء والباقر و"أكسجين": إحالة أمام "الطوارئ" لتقنين الحبس خارج إطار الدستور

18 أكتوبر 2021
لم يكمل علاء عبد الفتاح 6 أشهر خارج السجن في 2019 (Getty)
+ الخط -

بتهم "إذاعة أخبار وبيانات كاذبة عمداً داخل البلاد وخارجها"، يحاكم اليوم الإثنين أمام محكمة جنح أمن الدولة طوارئ، التي تصدر أحكاماً غير قابلة للطعن، الناشط السياسي البارز علاء عبد الفتاح، والمحامي الحقوقي محمد الباقر والمدون محمد إبراهيم، صاحب مدونة "أكسجين مصر"، بموجب المادتين 80 د، و102 مكرر1/1 من قانون العقوبات المصري. وهذه التهم هي نفسها التي يحاكم بها البرلماني زياد العليمي، والصحافيان هشام فؤاد وحسام مؤنس، والباحث باتريك جورج. وسبق أن تمت محاكمة الباحث أحمد سنطاوي بها، وصدر عليه حكم بالحبس 4 سنوات.
وبعد ساعات من حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس الأول، عن قبوله الرأي الآخر بشرط أن "يكون صاحبه فاهم القضية"، يمثل المتهمون أمام المحكمة، على خلفية القضية التي كانت تحمل رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة طوارئ، والتي ما زال علاء محبوساً على ذمتها منذ عامين. لكن تم نسخ الجنح من هذه القضية بشأن منشور شاركه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، منذ عدة سنوات. وتحدد للجنحة رقم 1228 لسنة 2021 جنح أمن دولة طوارئ التجمع الخامس، برقم حصر 1986 لسنة 2020 حصر أمن دولة.

كان من المفروض مغادرة عبد الفتاح ومحمد الباقر محبسهما

وقبل ساعات، تم إبلاغ المحامين بقرار مماثل بإحالة الخبير الاقتصادي يحيى حسين عبد الهادي، الذي كان قد أكمل عامين في الحبس الاحتياطي على ذمة القضية الأصلية المتهم فيها بحلول مارس/آذار الماضي. وفي الأسابيع الأخيرة، فوجئ بتوجيه اتهامات جديدة له في القضية 1356 لسنة 2019، المتهم فيها مجموعة من النشطاء السياسيين الذين لا يجمعهم شيء إلا معارضة النظام.
وتركز هذه الظاهرة على الإحالة السريعة للمعتقلين السياسيين، تحديداً الذين يبرز اهتمام غربي بوضعهم ومطالبات بالإفراج عنهم، إلى محاكمات في قضايا وهمية جديدة، أو في القضايا التي اعتقلوا بسببها، لتقنين استمرار اعتقالهم، دون الدخول في حسابات قانونية معقدة، ارتباطاً بانتهاء فترة الحبس الاحتياطي، المقرر حدها الأقصى بعامين في قانون الإجراءات الجنائية.
وتنظر هذه القضايا جميعاً أمام محاكم أمن الدولة طوارئ لتصدر فيها أحكام نهائية غير قابلة للطعن أو الاستئناف، ما يكفل تقنين إبقائهم في محبسهم لفترة غير معروفة، مع رفض الوساطات التي تبذلها شخصيات سياسية وإعلامية للإفراج عنهم، وذلك بعد ترويج وعود عدة في الشهور الماضية لإخلاء سبيلهم.

علاء عبد الفتاح، في آخر زيارة له، والتي تزامنت مع يوم قرار الإحالة للمحاكمة، طلب من شقيقته منى سيف، أن توصل دعاءه على سجانيه للعالم الخارجي. دعا عليهم بالحرمان من أبنائهم على حرمانه من ابنه خالد، ومن الابتلاء في أبنائهم، كما حرموه من أبسط حقوقه المنصوص عليها في القانون المصري. علاء أكمل عامين كاملين في الحبس الاحتياطي، في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، برفقة المحامي الحقوقي، محمد الباقر. وكان من المفروض، دستورياً وقانونياً، أن يغادر الاثنان محبسهما بعد اكتمال عامين من الحبس الاحتياطي، وهي المدة القصوى المقررة في قانون الإجراءات الجنائية، طالما لم يحالا إلى المحاكمة طوال تلك المدة.
وكان علاء قد أكمل قضاء فترة سجن لمدة خمس سنوات، في القضية رقم 1343 لسنة 2013 والمعروفة إعلامياً بأحداث مجلس الشورى، حيث كان يقضي عقوبة تكميلية بالمراقبة الشرطية داخل قسم شرطة الدقي، لمدة 12 ساعة يومياً، بعد خروجه في 29 مارس/آذار 2019. ولم يكمل علاء 6 أشهر خارج السجن، حيث فوجئت أسرته في 29 سبتمبر 2019، وأثناء انتظاره خارج القسم بعدم خروجه عقب انتهاء المراقبة الشرطية، بالقبض عليه. لم يخالف مواعيد المراقبة الشرطية، ولم يتخلف عنها، ولم يهرب، بل كان بالفعل في حوزة الشرطة لحظة القبض عليه. ثم نُقل علاء عبد الفتاح إلى "سجن طرة شديد الحراسة 2"، وهو سجن سيئ السمعة في مصر، ويُعرف أيضاً باسم "سجن العقرب 2". وخلال دفاعه عن علاء، فوجئ الباقر، أنه أدرج مع موكله على ذمة القضية 1356 لسنة 2019، وتم حبسهما 15 يوماً على ذمة التحقيقات.

الأجهزة الأمنية لم تنفذ قرار إخلاء سبيل "أكسجين"

أما المدون محمد إبراهيم، صاحب مدونة "أكسجين مصر"، فقد ألقي القبض عليه أثناء تواجده بديوان قسم شرطة البساتين لتنفيذ التدبير الاحترازي على ذمة القضية 621 لسنة 2018 حصر تحقيق أمن الدولة، وتم إخلاء سبيله حتى ظهر مساء الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2019 بسراي نيابة أمن الدولة، بتهمة مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أغراضها ونشر أخبار وبيانات كاذبة، في القضية 1356 لسنة 2019 حصر تحقيق. واستمر حبسه الاحتياطي حتى 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، حيث قررت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بمنطقة سجون طرة، إخلاء سبيله بتدبير احترازي. لكن الأجهزة الأمنية لم تنفذ القرار وتحفظت عليه، ليفاجأ محاموه بعرضه مساء 10 نوفمبر 2020 على نيابة أمن الدولة العليا، متهماً مرة ثالثة بذات اتهام الانضمام لجماعة إرهابية على ذمة القضية 855 لسنة 2020 حصر تحقيق نيابة أمن الدولة العليا، وهي القضية التي بدأت وقائعها، إن صحت، خلال تواجد "أكسجين" خلف جدران السجن شديد الحراسة، وفي حوزة الأجهزة الأمنية وبعلم النيابة العامة. ليعاد تدويره مجدداً في نفس قضية الباقر وعلاء.
وتهدف ظاهرة التوسع في الإحالة للمحاكمة إلى تخفيف الضغوط الحقوقية الغربية عن النيابة العامة تحديداً، بحيث يتم الادعاء رسمياً بأن مصير هؤلاء المعتقلين بات في يد القضاء "المستقل"، فضلاً عن إعلان الاتهامات المزعومة الموجهة إليهم في وسائل الإعلام كحقائق أثبتتها التحقيقات التي أجرتها النيابة. كما تهدف إلى التهرب المبكر من التعهدات التي قطعها النظام على نفسه من خلال الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي أطلقها السيسي الشهر الماضي، بإعادة النظر تشريعياً وتنفيذياً في نظام الحبس الاحتياطي، بحيث يتم وضع عدد من القيود على إطلاق المدد في قضايا ووقائع مختلفة، والتوسع في استبدال الحبس بعدد من التدابير الاحترازية الجديدة، بما في ذلك التفكير في استيراد نظام الإسوارة الإلكترونية التي يمكن من خلالها تتبع حركة المتهم ومنعه من مغادرة منطقة معينة.

تقارير عربية
التحديثات الحية