محافظ نينوى لـ"العربي الجديد": لست مرتاحاً لوضع سنجار

محافظ نينوى لـ"العربي الجديد": لست مرتاحاً لوضع سنجار

20 يونيو 2023
مدينة الموصل المدمّرة، يناير 2019 (زيد العبيدي/فرانس برس)
+ الخط -

تشهد مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى في شمال العراق، حركة إعمار واضحة، مقارنة بباقي المدن العراقية التي احتلها تنظيم "داعش" ثلاث سنوات (2014 ـ 2017)، وأسهم بتدميرها، غير أنه لا يزال الحديث مبكراً عن تلاشي الخراب والدمار اللذين حلّا فيها، خصوصاً في الساحل الأيمن من المدينة، الذي يمثل الجزء التاريخي فيها فضلاً عن كونه الأكثر سكاناً ونشاطاً.

وسقطت مدينة الموصل، ثاني كبرى المدن العراقية، في 10 يونيو/ حزيران عام 2014، بعد انسحاب مشبوه للقوات العراقية، لا يزال مثار جدل وتشكيك لدى المواطنين والسياسيين، فيما أدت معارك تحرير المدينة، التي استغرقت 196 يوماً، إلى تدمير عشرات آلاف المنازل، على وقع القصف العشوائي من كل الأطراف المشاركة في تحرير المدينة، من بينها طيران التحالف الدولي.

وحول ذلك، أفاد محافظ نينوى نجم الجبوري بأن "المدينة كانت مدمرة فعلياً حين حررت من تنظيم داعش، وبلا جسور ومستشفيات، حتى إن بعض الأحياء القديمة في الجانب الأيمن لم تكن سوى أنقاض وأطلال، لكن جهود الإعمار مستمرة ولن تتوقف، إلى حين جعل الموصل بمصاف المدن المتقدمة".

وعن سبب عدم حصول تقدم في إعمار المدينة القديمة، أوضح الجبوري في حديثٍ مع "العربي الجديد" أن "المدينة القديمة حالة خاصة، لأنها تتميز بطراز معين في البناء، إضافة إلى أزقتها الضيقة، والأبنية التاريخية والتراثية فيها، ناهيك عن كون القتال الذي حصل فيها، خلال فترة تحريرها من سيطرة تنظيم داعش، كان شرساً".

والجبوري، الذي قاد الجيش العراقي في معركة تحرير الموصل، كشف أن "أي خطوة باتجاه بناء أو تعمير المدينة القديمة وحتى إزالة الأنقاض والمخلفات، تحتاج إلى وجود مديريات ودوائر التراث والآثار، نظراً لوجود معالم تحمل طابعاً تراثياً وتاريخياً".


الحل الوحيد حالياً هو تطبيق اتفاقية سنجار في سبيل تطبيع الأوضاع

ولفت الجبوري، الذي عُيّن محافظاً لنينوى في عام 2019، إلى أن "هناك منازل مهدمة في المدينة القديمة وهي مملوكة لأهالي من الموصل، ولا نستطيع التصرف فيها، وبعضهم خارج المدينة منذ سنوات، ونفكر في المستقبل بإيجاد صيغ قانونية للتعامل معها".

وأوضح أن "منظمة يونسكو تعمل في مناطق من الموصل، ولدينا مشاريع مقبلة في المدينة، من بينها الواجهة النهرية التي تشمل 273 منزلاً، لبنائها على الطراز التراثي ضمن دراسة نناقشها منذ ستة أشهر، إضافة إلى مشروع يتعلق ببناء آلاف الوحدات السكنية بطريقة البناء العمودي في الجانب الأيمن وبعضها سيكون في الأيسر".

دور الفصائل في الاستثمار بالموصل

وفي ما يتعلق بدخول فصائل مسلحة على خط الاستثمار والمشاريع في بعض مناطق مدينة الموصل، أكد الجبوري "عدم وجود استثمارات للفصائل المسلحة بعناوينها الصريحة"، لكنه بيّن أن "بعض المقالع (مواقع استخراج) في المحافظة يجرى استخراج الرمال والحصى منها، ويجرى بيعها، وهذا الاستثمار قد يكون للفصائل، لكن ليس بعناوين الفصائل الصريحة، لأن المستثمر حين يأتي إلى المحافظة، حتى وإن كان ضمن فصيل مسلح، لكنه لا يستخدم عنوان الفصيل في الحصول على الفرص الاستثمارية".

ونفى الجبوري أن "تكون في محافظة نينوى ومدينة الموصل أي مشاريع متأخرة". وبالنسبة لمشروع مطار الموصل، لفت إلى أن "الحكومة المحلية اجتمعت نحو 14 مرة مع رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي للحديث عن المشروع، وأن المطار في مراحله الأخيرة حالياً، ولأننا نفكر بأن تكون مواصفاته أميركية أو أوروبية، فإن ذلك يحتاج إلى بعض الوقت".

وبخصوص بقية المشاريع، فقد أفاد بأن "حكومته المحلية تمكنت من بناء سلسلة من المستشفيات، ومنها الألمانية والطوارئ والثلاسيميا ومجمع طبي كامل في ربيعة، إضافة إلى مشاريع خاصة بمجاري الصرف الصحي"، معتبراً أن "النجاحات في الموصل وبقية مناطق المحافظة عرّضتنا لهجمات سياسية عديدة من قبل أطراف غير مرغوب بها في المدينة، وضمنهم المحافظ الأسبق المتورط في سقوط المدينة في يد تنظيم داعش أثيل النجيفي. وتحصل هذه الهجمات بسبب الإعمار والتقدم، لأنها كشفت سوء الإدارة المحلية في السابق".

ورأى الجبوري أن "أسباب سقوط الموصل وسيطرة الإرهابيين عليها تعود إلى أسباب سوء علاقة الحكومة المحلية بالمركزية (بغداد)، وسوء علاقة الحكومة المحلية بالقوات الأمنية، وسوء العلاقة بين الأهالي في نينوى مع القوات الأمنية، لكننا حالياً نفتخر بأن علاقة نينوى ببغداد جيدة، كما أن العلاقة مرضية بين الأهالي والقوات الأمنية، بالتالي، فإن التغلب على أسباب سقوط الموصل أدى بالنتيجة إلى أن تتطور المدينة لتكون الأكثر تقدماً في العراق".

وعن الدعم العربي والدولي للموصل، لفت الجبوري إلى أنه "لم نتلق أي عروض من دول الخليج وبقية الدول العربية، حتى إن الإمارات لم تقدم لنا شيء، لكنها قدمت 50 مليون دولار لمنظمة يونسكو لإعمار بعض المناطق وضمنها جامع النوري الكبير. أما زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (في أغسطس/آب 2021) فكانت لأجل تفقّد بعض الآثار الفرنسية في المدينة، ومبنى القنصلية الفرنسية القديمة وكنيسة الساعة، ولم تكن في إطار الدعم، لكن زيارة بابا الفاتيكان فرنسيس (في مارس/آذار 2021) انعكست بشكل إيجابي على المدينة من ناحية جذب الانتباه لها".


لا وجود لاستثمارات للفصائل المسلحة بعناوينها الصريحة

وبخصوص الحدود مع سورية، اعترف الجبوري بأنها "لم تصل حالة الكمال والسيطرة التامة، لكنها أفضل بكثير من حالها في السنوات السابقة، كما أن الجزء الأكبر منها يحتوي على خنادق وأسلاك شائكة وكاميرات حرارية. وتتوفر أيضاً شبكة من المواصلات في مناطق غرب المحافظة تحتاجها القوات الأمنية والمواطنين في الحركة، ونعتقد أن الركيزة الأساسية لتثبيت الأمن والاستقرار هي العلاقة الجيدة مع المواطنين، وهي متحققة حالياً".

وضع سنجار

وتحدث الجبوري عن مدينة سنجار في غرب نينوى قائلاً إن "ملف سنجار خارج إرادة الحكومة المحلية، لأنها مسألة متعلقة ببغداد وأربيل، إضافة إلى أطراف خارجية ودولية". وقال: "لست مرتاحاً لوضع سنجار، واستمرار وجود الفصائل والمظاهر المسلحة، مع وجود الصراع السياسي وعدم وتطبيق الاتفاق بين بغداد وأربيل، يعيق تقديم الخدمات بالشكل الصحيح".

وأردف أن "سنجار لها خصوصية، إذ إن 80 في المائة من سكانها من العرب والتركمان و20 في المائة فقط من الإيزيديين، لكن العرب والتركمان لا يستطيعون العودة من مناطق نزوحهم إلى سنجار، بسبب الفصائل المسلحة التي أقدمت على نقل الإيزيديين من مناطق القحطانية والعدنانية وسنوني وغيرها من بلدات تقع في أطراف سنجار، إلى وسط المدينة، وأسكنتهم في منازل العرب والتركمان".

وأكد الجبوري أن "الحل الوحيد حالياً هو تطبيق اتفاقية سنجار (الموقعة في عام 2020) في سبيل تطبيع الأوضاع، وإخراج المسلحين والجيش والحشد الشعبي من المدينة وتسليم الملف الأمني للشرطة المحلية".

وبشأن طموحه السياسي، أوضح الجبور أن لديه قائمة انتخابية "ستشارك في الانتخابات المحلية المقبلة (مجالس المحافظات في 6 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل)، من أجل الاستمرار بإصلاح الوضع وخلق صورة محترمة تليق بالموصل نحو الأفضل، وهذه القائمة ليست لها أي علاقة بحزب تقليدي، لكنها قد تكون ضمن تحالفات سياسية معينة".