اتفقت الجزائر وفرنسا على تشكيل لجنة جديدة تعمل على معالجة قضايا الأرشيف والذاكرة، بعد فشل اللجنة السابقة، التي لم تنجز ما هو مطلوب منها سياسياً، وغلب ملف الماضي الاستعماري الفرنسي في الجزائر وقضايا الذاكرة على جانب من النقاشات بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون، والجزائري عبد المجيد تبون، وعلى المؤتمر الصحافي المشترك.
وأعلن ماكرون عن قرار مشترك مع نظيره الجزائري لتشكيل لجنة مشتركة من المؤرخين لمعالجة ملفات الأرشيف والذاكرة، وقال في مؤتمر صحافي مشترك "قررنا مع بعضنا أن نطلب من وزرائنا تعيين لجنة مشتركة من المؤرخين لفتح الأرشيف، بمسؤولية ودون عقدة"، مضيفاً أن "ما نريد القيام به هو المضي إلى المستقبل، الماضي لم نختره ولكن لدينا مسؤولية اتجاه بناء مستقبل أفضل للأجيال الصاعدة".
ويأتي تشكيل هذه اللجنة المشتركة، بعد أن وصلت أعمال اللجنة السابقة التي كانت تضم المؤرخ بن يامين ستورا عن الجانب الفرنسي ومدير الأرشيف الجزائري عبد المجيد شيخي، إلى طريق مسدود، حيث فشل التعاون بين الطرفين بسبب رفض الجزائر للمقاربة الفرنسية حول آليات وخطوات معالجة ملفات وقضايا التاريخ العالقة.
يأتي تشكيل هذه اللجنة المشتركة، بعد أن وصلت أعمال اللجنة السابقة إلى طريق مسدود
وأكد الرئيس الفرنسي ماكرون في مؤتمر صحافي مع الرئيس الجزائري القول إنه " لدينا ماض مشترك مؤلم ومعقد، منعنا في السابق من النظر إلى المستقبل"، مضيفاً "لا نريد أن نتخلص من الماضي ولكن لا يجب أن يمنعنا من المضي إلى الأمام"، وقال "الحوارات بيننا تؤكد أننا نعيش في لحظة فريدة من نوعها تمكننا من العمل معاً وننظر إلى الماضي بتواضع".
وبشأن ملف تنقل الأشخاص والتأشيرات، والذي كان النقطة الأساس التي أدت إلى أزمة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قال ماكرون "اتخذنا قراراً وحددنا خطوات بشأن ملف تنقل الأشخاص بين الجزائر وفرنسا، من أجل أن نسمح للجامعيين والعلماء والرياضيين والفنانين بالتنقل، وللشباب باللقاء حول المتوسط"، مشيراً إلى وجود رغبة في دعم التعاون في مجال الثقافة والسينما والأبحاث العلمية.
وفي سياق القضايا الدولية، ثمن ماكرون دعم الجزائر لاتفاقيات السلام في مالي والتعاون في مكافحة الإرهاب، وأكد أنه ناقش مع الرئيس تبون الوضع في أوكرانيا، وقال "أوكرانيا انتهكت سيادتها من قبل دولة محتلة إمبريالية" في إشارة إلى روسيا.
من جهته، قال الرئيس الجزائري إن هناك سعياً من قبل الجزائر وفرنسا "لإرساء علاقات تكون في مستوى القدرات وتطلعات شعبينا"، مشيراً إلى أنه تم الاتفاق "على تفعيل خطوات التنسيق ضمن برنامج اللجنة الحكومية رفيعة المستوى واللجنة الاقتصادية والحوار الاستراتيجي"، ومناقشة الأوضاع والقضايا ذات الاهتمام المشترك، خصوصاً في ليبيا ومالي والساحل والصحراء وقضايا تهم منطقة المتوسط.
وكان الرئيس الفرنسي ماكرون قد وصل اليوم إلى الجزائر في زيارة رسمية، هي الأولى منذ عام 2017، وبعد أزمة سياسية حادة طرأت على العلاقات بين البلدين، ويرافقه وزير الداخلية جيرار درامان، ووزيرة الخارجية كاترين كولونا، ووزير الاقتصاد برونو لومار، ووزير الدفاع سيباستيان لوكورني، وقائد أركان الجيش الجنرال تيري بوركارد، ووزيرة الثقافة ريما عبد المالك، إضافة إلى عدد من مدراء المؤسسات الاقتصادية ورجال الأعمال والبرلمانيين والكتاب والمثقفين، فيما تم استبعاد الحاخام الأكبر للجالية اليهودية حاييم كورسيا من الوفد بسبب تحفظ جزائري
ويلتقي ماكرون يوم غد بمجموعة من الشباب من أصحاب المشاريع والمؤسسات الناشئة، قبل أن يتحول إلى المقبرة المسيحية في حي بولوغين في الضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية، ويلتقي بعدها وفداً من الجالية الفرنسية المقيمة في الجزائر، قبل أن يزور مدينة وهران غربي الجزائر.