ماكرون إلى كاليدونيا الجديدة في محاولة لتهدئة التوترات

22 مايو 2024
أزمة جديدة على طاولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، 19 أكتوبر 2023 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يزور كاليدونيا الجديدة وسط توترات عنيفة بسبب خلافات حول تعديل دستوري، مع هدف تشكيل بعثة لاحتواء الوضع.
- أعمال العنف تتسبب في تضرر حوالي 400 شركة ومتجر، مع استمرار الاحتجاجات ضد التعديل الدستوري الذي يُعتبر تهميشًا للسكان الأصليين.
- كاليدونيا الجديدة ذات أهمية استراتيجية لفرنسا لكنها تعاني من استقرار سياسي ضعيف وانقسامات حادة حول الاستقلال، مما يعكس التحديات في إدارة العلاقة بين الإقليم وفرنسا.

توجّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء، إلى كاليدونيا الجديدة، مع مرور أكثر من أسبوع على بدء أعمال عنف لم يشهدها الأرخبيل الفرنسي الواقع في جنوب المحيط الهادئ منذ أربعين عاما. وأُعلن عن الزيارة الثلاثاء فقط خلال اجتماع مجلس الوزراء الفرنسي، في وقت تكثر الدعوات إلى تأجيل تعديل دستوري لمن يحق له الاقتراع في الانتخابات، أثار أعمال شغب استمرت أسبوعا في هذا الأرخبيل الذي استعمرته فرنسا في القرن التاسع عشر. وتهدف زيارة ماكرون إلى تشكيل "بعثة" على ما أوضحت الناطقة باسم الحكومة، بريسكا تيفنو، من دون أن تحدد تشكيلتها أو أهدافها.

وفي منطقة العاصمة نوميا كانت ليلة الثلاثاء-الأربعاء "أكثر هدوءا من الليلة السابقة رغم اندلاع حريقين" على ما جاء في بيان للمفوضية السامية للجمهورية. وأعلن المفوض السامي الفرنسي في الأرخبيل، لوي لوفران، إرسال قوات إضافية للجم أعمال العنف التي تهزّ المنطقة احتجاجا على مشروع تعديل دستوري يعارضه المنادون بالاستقلال. وأعلنت أجهزته عبر منصة إكس توقيف 22 شخصا، الثلاثاء، ونشر تعزيزات دائمة في ثلاثة أحياء في منطقة نوميا. وفي حي راق في نوميا لم تطله أعمال الشغب، يتناوب جان البالغ 57 عاما مع جيرانه لحراسة حاجز يهدف إلى منع عمليات توغل محتملة. ورأى أن مجيء الرئيس الفرنسي "نبأ سار. الوضع معطل تماما. نأمل بأن يسمح ذلك بتهدئة الخواطر وبإيجاد مخرج" من الأزمة.

الوضع هش في كاليدونيا الجديدة

وبعد تسعة أيام على بدء أخطر أعمال العنف التي يشهدها الأرخبيل منذ قرابة الأربعين عاما، يبقى الوضع هشا، ولا تزال أحياء كاملة تشهد أعمال شغب ولا يمكن الوصول إليها بسهولة. وصباح الأربعاء، كانت حرائق ما زالت مندلعة في بعض أحياء منطقة نوميا البالغ عدد سكانها 170 ألفا، من بينها منطقة دوكوس الصناعية.

ولحقت أضرار بحوالي 400 شركة ومتجر في منطقة نوميا والمدن المجاورة لها منذ بدء أعمال الشغب. وعند الحواجز المنصوبة، تبقى التعبئة قوية رغم الانتشار الكثيف للقوى الأمنية. من جهتها، دعت الشخصيات الرئيسية غير المنادية بالاستقلال في الأرخبيل، في مؤتمر صحافي عقدته في نوميا الثلاثاء، إلى مواصلة النظر في التعديل الدستوري الذي يثير جدلا ويفترض أن يقر قبل نهاية يونيو/حزيران.

وأكد النائب عن كاليدونيا الجديدة نيكولا متزيدورف أن سحب مشروع التعديل "سيكون خطأ فادحا"، وسيدعم موقف "المخربين ومثيري الشغب". إلا أن الدعوات كثرت من كل الأطياف السياسية وحتى من رئيسة بلدية نوميا غير المنادية بالاستقلال للمطالبة بتأجيل هذا التعديل الذي من شأنه تهميش أصوات السكان الأصليين الكاناك على ما يؤكد المنادون بالاستقلال. وتشكل كاليدونيا الجديدة منطقة استراتيجية لفرنسا في جنوب المحيط الهادئ، لأنها تسعى إلى تعزيز نفوذها في منطقة آسيا المحيط الهادئ وبسبب غناها بالموارد الطبيعية، لا سيما النيكل، وهو مادة أساسية في صنع الآليات العسكرية.

وتولي فرنسا كاليدونيا الجديدة اهتماماً كبيراً من النواحي العسكرية والجيوسياسية وكذلك الاقتصادية؛ فإقليم يمتلك مخزوناً كبيراً من معدن النيكل يقدّر بنحو 25 في المائة من الاحتياطي العالمي من المعدن. وعلى الرغم من ذلك، كانت كاليدونيا الجديدة تعيش استقراراً سياسياً ضعيفاً، حيث تعاقبت على حكم الأرخبيل 17 حكومة منذ عام 1999، وسط حالة سخط عام تجاه تقاعس السياسيين المسؤولين عن إيجاد حلول للمشكلات السياسية والاقتصادية. وجرى التعويل على الاستفتاء الأخير في نهاية 2021، الذي قاطعته جبهتا الكاناك والتحرير الوطني الاشتراكي، لكنه لم ينجح في إيجاد حلول جذرية لأزمة كاليدونيا الجديدة ومشكلات الإقليم. وعلى المستوى السياسي، لا تزال الساحة منقسمة بين القوى المؤيدة والمعارضة للاستقلال. وانتُخب رئيس كاليدونيا الحالي لويس مابو في عام 2021، وهو أول زعيم من السكّان الأصليين، ولكنه مؤيد للاستقلال عن فرنسا. وما عقّد أزمة كاليدونيا الجديدة أكثر تأجيل انتخابات المجالس والبرلمان، التي كان من المقرر إجراؤها في مايو الحالي، حتى نهاية العام.

(فرانس بس، العربي الجديد)