"ليكوديون" يصوتون للمعارضة.. كيف سيتأثر الائتلاف الحاكم بإسرائيل؟

نواب من "الليكود" يصوتون للمعارضة... كيف سيتأثر الائتلاف الحاكم في إسرائيل؟

15 يونيو 2023
رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو (جيل كوهين ماجن/فرانس برس)
+ الخط -

تهدد الدراما التي شهدها الكنيست الإسرائيلي، مساء أمس الأربعاء، في جلسة التصويت على اختيار ممثلي البرلمان في لجنة اختيار القضاة، والتي انتهت بانتخاب ممثلة المعارضة كارين الهرار وإسقاط ممثلة الائتلاف الحاكم الليكودية تالي جوتليت، فرص التوصل إلى تفاهمات بين المعارضة والحكومة الإسرائيلية بشأن التعديلات القضائية، فضلاً عن أنها أفضت إلى تبادل الاتهامات بين الأحزاب المشاركة في الحكومة.

وعلى الرغم من اختيار ممثلة المعارضة كعضو في لجنة اختيار القضاة، أعلن قادة أكبر حزبين في المعارضة، يئير لبيد زعيم حزب "ييش عتيد" وبيني غانتس زعيم حزب "المعسكر الرسمي"، رفضهما استئناف المحادثات مع الحكومة، التي يرعاها ديوان الرئاسة، رداً على قرار الائتلاف الحاكم تأجيل اختيار ممثلي الكنيست في اللجنة إلى الشهر القادم.

واتخذت المعارضة هذا القرار على الرغم من أن ستة نواب من الائتلاف الحاكم، يرجح أنهم من الليكود، صوتوا لصالح مرشحة المعارضة ولم يصوتوا لصالح زميلتهم جوتليب، وعلى الرغم من أن بعض ممثلي المعارضة يؤكدون أن تصويت نواب الليكود لصالح الهرار جاء بضغط من نتنياهو، كما قالت النائب ميراف بن آريي، القيادية في حزب "ييش عتيد".

في المقابل، رد عدد من قادة الأحزاب في الحكومة بأنه في حال أوقفت المعارضة مشاركتها في المحادثات فيتوجب الشروع فوراً في تمرير التشريعات المتعلقة بالتعديلات القضائية بشكل أحادي الجانب وبدون توافق، وهذا ما دعا إليه وزير القضاء الليكودي يريف ليفين، الذي صاغ خطة التعديلات القضائية، وكل من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، زعيم حركة "الصهيونية الدينية"، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، زعيم حركة "القوة اليهودية".

ولوحظ بشكل خاص ميل بعض الوزراء والنواب في الليكود لتبني موقف متشدد من مبدأ التوافق مع المعارضة على التعديلات القضائية، حيث أبلغ وزير الثقافة الليكودي، ميكي زوهر، الإذاعة العبرية الرسمية بأن "فرصة أن نتوصل لاتفاقات مع المعارضة في ديوان الرئيس هي صفر، لقد أدركنا أن هذه ليست مفاوضات بحسن نية أو رغبة حقيقية للتوصل إلى اتفاقات".

وقادت أحداث الليلة الماضية الدرامية إلى مزيد من التصدعات داخل الائتلاف الحاكم، حيث اتهمت الأحزاب الحريدية المشاركة فيها نتنياهو بالمسؤولية عن الإحراج الذي لحق بالحكومة في أعقاب اختيار ممثلة المعارضة وسقوط ممثلة الائتلاف.

وتبدو معضلة نتنياهو كبيرة، فهو من ناحية يخشى من أن يفضي فشل التوصل لتوافق مع المعارضة إلى استفحال مظاهر الاحتجاج الجماهيري على التعديلات القضائية، بشكل يفضي إلى المس بالأوضاع الاقتصادية والأمنية لإسرائيل مما سيجعله مسؤولاً عن ذلك أمام الرأي العام.

ومن ناحية أخرى يدرك نتنياهو أنه بدون الأحزاب الدينية، بشقيها الحريدي والقومي المتطرف، فإن حكومته ستسقط فوراً. مع الإشارة إلى أن نتنياهو يراهن على نجاح الحكومة في تمرير بعض التعديلات التي تمنحه فرصة للنجاة من المحاكمة في قضايا الفساد الخطيرة المتهم بها.

وفي ما يتعلق بمستقبل التعديلات القضائية، فإن ما جرى بالكنيست الليلة الماضية يمكن أن يقود إلى أحد السيناريوهات الثلاثة التالية:

أولاً: قرار ليفين، بصفته وزيراً للقضاء، عدم التئام جلسة اختيار القضاة طالما لم يضمن حصول الحكومة على أغلبية تمكنها من اختيار القضاة "المحافظين" الذين ينسجمون مع توجهات اليمين، حيث جاهر ليفين كثيراً بأنه معني بأغلبية من القضاة "المحافظين"، تحديداً في المحكمة العليا. وفي الوقت ذاته تشرع الحكومة في تمرير التعديلات القضائية، وتحديد سن قانون يسمح بتغيير تشكيلة اللجنة المكلفة باختيار القضاة بحيث يضمن منح الحكومة أغلبية تلقائية فيها.

لكن توجه الحكومة إلى هذا السيناريو، الذي يطالب به سموتريتش وبن غفير وليفين وآخرون، سيقود إلى تفجر الاحتجاجات الجماهيرية والتصدع المجتمعي مع كل ما يرافقه من حدوث تدهور في الأوضاع الاقتصادية واستئناف الدعوات لرفض الخدمة العسكرية.

ثانياً: تبادر الحكومة بشكل منفرد إلى سن تعديلات قضائية لا تمثل نقاط خلاف كبيرة مع المعارضة، مثل القانون الذي يقلص من "حجة المعقولية"، وهي الحجة التي تستند إليها المحكمة العليا في إلغاء قرارات صادرة عن الحكومة، فضلاً عن سن قانون المستشارين القانونيين للحكومة ووزاراتها المختلفة، حيث دلت المحادثات التي جرت حتى الآن في ديوان الرئاسة على أنه لا يوجد ثمة فروق كبيرة في المواقف إزاءها بين الحكومة والمعارضة.

ثالثاً: أن يتمكن الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هيرتزوغ، من إقناع قادة المعارضة بالعودة إلى المحادثات التي يرعاها، حيث إنه يمكن أن يحاجج بأن المعارضة نجحت بالفعل في اختيار ممثلتها في لجنة اختيار القضاة بدعم من ممثلي الحكومة، وأن عليها أن تقدر حقيقة أن نتنياهو شخصياً معني بالتوصل لتفاهمات مع المعارضة وتتوجب مساعدته على مواجهة الضغوط التي يتعرض لها داخل ائتلافه الحاكم.

ومع تراجع مكانة نتنياهو في الائتلاف الحاكم وعجزه عن إملاء توجهاته على هذا الائتلاف يبدو من الصعب ترجيح أي من هذه السيناريوهات على الآخر.

المساهمون