ليبيا: تبادل الاتهامات بالتصعيد العسكري وجلسة لمجلس النواب في غدامس

ليبيا: تبادل الاتهامات بالتصعيد العسكري وجلسة لمجلس النواب في غدامس

07 ديسمبر 2020
التصعيد يهدد مسارات الحوار السياسي الليبي (Getty)
+ الخط -

في وقت يستعد مجلس النواب الليبي لعقد جلسة رسمية في مدينة غدامس، اليوم الإثنين، شهدت الساعات الماضية تبادلا للاتهامات بخرق اتفاق وقف إطلاق النار من جانبي قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وقوات حكومة الوفاق. 
وظهرت بوادر توتر عسكري جنوبي ليبيا، صباح أمس الأحد، بعدما أعلنت غرفة "عمليات تحرير سرت – الجفرة" التابعة لحكومة الوفاق عن محاصرة مليشيا "سحبان" التابعة لحفتر بمدينة أوباري، لساعات إثر محاولة المليشيا السيطرة على مقر المنطقة العسكرية الجنوبية قبل أن تنسحب ظهر أمس إلى مقراتها بمنطقة الجفرة.

هذا التطور دفع المجلس الأعلى للدولة إلى مطالبة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بدعم قوات المنطقة الجنوبية العسكرية. 
وأكد المجلس، في بيان له منتصف ليل البارحة، أن ما حدث في مقر المنطقة الجنوبية العسكرية "خرق لاتفاق وقف إطلاق النار" من جانب مليشيات حفتر، مشددا على عدم جدية حفتر في الالتزام بأي اتفاق يتم توقيعه. 


وبينما تجاهلت قيادة مليشيات حفتر الحديث عن تحرك مليشياتها باتجاه منطقة أوباري، اتهمت حكومة الوفاق بـ"التحشيد" ونقل الأسلحة والمعدات العسكرية بـ"اتجاه خطوط التماس في غرب سرت والجفرة". 
وأضافت، في بيان لها في أولى ساعات صباح اليوم: "أصدرنا تعليمات وأوامر إلى كافة وحدات القوات المسلحة أن تكون على درجة عالية من الحيطة والحذر، وعدم الانجرار وراء الاستفزازات، التي يمكن أن تؤدي إلى تصعيد الموقف العسكري". 

من جانبه، عبّر وزير الدفاع بحكومة الوفاق، صلاح الدين النمروش، عن استغرابه صمت "البعثة الأممية والمجتمع الدولي الداعي والداعم للسلام في ليبيا على تحركات مليشيات حفتر وتهديدها اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب". 
وأضاف النمروش في تصريحات نشرتها عملية "بركان الغضب" التابعة لحكومة الوفاق اليوم الإثنين، على حسابها بموقع "تويتر": "هل كانت البعثة الأممية المنسقة للحوار الليبي ستكتفي بالمراقبة والصمت في حال صدر تصريح فقط عن أي من أعضاء أو مسؤولي حكومة الوفاق؟"، متابعا: "ربما ستعتبر التصريح مهدداً للحوار ووقف إطلاق النار". 

ولفت النمروش إلى أن تحرك مليشيات حفتر في أوباري أمس لم يكن الأول، "فقد سبقه قبل أسبوع اقتحام عصابات حفتر لأحياء المدينة وهدم المنازل على رؤوس ساكنيها وغيرها من الأعمال الإجرامية التي تضاف إلى سجل مجرم الحرب حفتر". 
وأضاف النمروش: "نحذّر الأمم المتحدة والدول الداعمة للسلام والحوار في ليبيا إن لم تكبح مجرم الحرب حفتر وتوقف تهوّره فسننسحب من اتفاق 5+5 العسكري وسنعتبر اتفاق وقف إطلاق النار (كأنه) لم يكن إن أقدم حفتر على أي عمل عسكري". 
وفي الأثناء، تناقلت وسائل إعلام مقربة من حفتر، طيلة الساعات الماضية، نص برقية موجهة لـ"آمر غرفة عمليات تحرير غرب سرت" اللواء أحمد سالم، لـ "رفع درجة الاستعداد الكامل لكافة القوات مع أخذ الحيطة والحذر والتبليغ عن أي تحركات مشبوهة ووقف الإجازات وأوامر التحرك للآليات المغادرة حتى إشعار آخر".
وفي ظل اتهامات من جانب قيادة حفتر لحكومة الوفاق بنقل أسلحة وجنود إلى مناطق التماس في سرت والجفرة، مقابل تحرك مليشيات حفتر لمحاصرة مقر المنطقة العسكرية الجنوبية، تبدو بنود الاتفاق العسكري الموقع بين الطرفين في 23 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي "مهددة" بحسب الباحث السياسي الليبي سعيد الجواشي. 
وأوضح الجواشي في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "مطالبة الموقعين على الاتفاق بضرورة تحصينه بقرار من مجلس الأمن لم تلق استجابة، وقد يمكن توجيه تهديدات مباشرة للطرفين من قبل قوى عظمى لكن الاتفاق لا يزال هشا ومهددا بالانهيار في أي لحظة". 
وحدد الجواشي مكامن الضعف في أن اللجنة العسكرية المشتركة ولجانها الفرعية التي أعلن عن تشكلها في السابق برعاية البعثة الأممية "لم تتمكن حتى الآن من تنفيذ أهم البنود المتعلقة بإخلاء مناطق التماس في سرت والجفرة من السلاح وإبعاد الطرفين إلى مسافات آمنة". وأشار إلى أن كلمة رئيسة البعثة الأممية بالإنابة، ستيفاني وليامز، في افتتاح جلسة الحوار السياسي الماضية كانت لمست عمق الأزمة وحذرت من التوتر الحالي الذي قد يتحول إلى تصعيد حقيقي، ما يؤشر، وفق الجواشي، إلى أنها كانت على علم مسبق بالتوتر الحالي.

ورغم لفت الجواشي إلى أن كلمة ويليامز "أكدت وجود 10 قواعد أجنبية وآلاف المرتزقة. وهي عمق أزمة السلاح ومحرك الميدان الحقيقي من خلال استمرار الدعم الخارجي"، إلا أنه اتهم البعثة بتسييس ملف السلاح واستخدامه "فقط لدعم جهودها لإنتاج حل سياسي يضاف لمنجزاتها في سيرتها الذاتية". وتساءل "لماذا توقفت الدبلوماسية الأميركية ويليامز عن دفع مسيرة اللجنة العسكرية المشتركة لتحويل الاتفاق إلى حقيقة على الأرض، بعدما تمكنت من إقناعهم بالتوقيع عليه في وقت أكثر حساسية وصعوبة من الوقت الحالي". 
وفي غدامس 
إلى ذلك، تجري في غدامس آخر الاستعدادات لعقد جلسة رسمية لمجلس النواب يشارك فيها قرابة 120 نائباً، وتعتبر أولى جلسات المجلس موحدا، بشقيه في طبرق وطرابلس، لمناقشة جدول الأعمال الذي اتفقوا عليه في جلسة تشاورية عقدت مساء أمس الأحد. 
وبحسب عضو مجلس النواب، جاب الله الشيباني، فإن النواب فضلوا عقد جلسة تشاورية، مساء الأمس، برئاسة عضو مجلس النواب سالم قنيدي، أكبر الأعضاء سنا، واتفقوا على وضع بنود لأعمال جلسة اليوم. 
وأضاف الشيباني في حديثه لـ"العربي الجديد": "جلسة اليوم ستناقش خارطة طريق المجلس وتعديل اللائحة الداخلية للمجلس كخطوة في اتجاه إعادة هيكلة رئاسة المجلس"، مشيرا إلى أن من بين المقترحات اعتماد شكل الدورة البرلمانية بحيث تتجدد رئاسة المجلس كل ستة أشهر. 
وبالتزامن، يرجح أن تعلن رئاسة مجلس نواب طبرق عن عقد جلسة في بنغازي، اليوم الإثنين، دون أن تتحصل على نصاب قانوني لعقد الجلسة، ولذا فقد وصف المتحدث الرسمي باسم مجلس نواب طبرق، عبد الله بليحق، جلسة بنغازي بـ"التشاورية". 
وأضاف بليحق في تصريحات صحافية، ليل البارحة الأحد، أن الجلسة تناقش "توجه عدد من النواب إلى مدينة غدامس لحضور الجلسة التي تم الاتفاق عليها خلال اجتماعات نواب مجلسي طبرق وطرابلس في المغرب"، مشيرا الى أن الجلسة غير دستورية لأن الدعوة لها "لم تتم عبر رئاسة المجلس". 

وعن العدد المتوقع للنواب الذين سيحضرون جلسة بنغازي اليوم، قال: "لست أدري، غدا سوف يتضح الأمر، لكن في ما يخص قانونية عقد الجلسة، فالجلسة معلقة من الجلسة السابقة وبالتالي لا يحتاج المجلس لنصاب قانوني من أجل أن يعقد جلسة وستكون تشاورية". 
ويعلق الناشط السياسي الليبي مالك هراسة، على تصريحات بليحق وخطوة رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح لدعوة المجلس لجلسة في بنغازي في اليوم ذاته، بالقول إن "عقيلة صالح يسعى لخط الأوراق بوضع الجلسة الموحدة في غدامس في مأزق دستوري كخطوة مقدمة لضرب أي مخرجات". 
وأكد هراسة في حديثه لـ"العربي الجديد" أن هدف عقيلة صالح ضرب أي توافق بشأن إطاحته من منصبه، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن "التجاوزات الدستورية كثيرة جدا في مشهد ليبيا، وإمكانية تجاوزها وفرض نتائج جلسة غدامس مرجحة جدا لأن المرحلة المقبلة تستدعي توحد المجلس لدعم مخرجات أي توافق سياسي يصل إليه ملتقى الحوار السياسي المدعوم من مختلف القوى الدولية والأمم المتحدة".