الإعلان عن آلية اختيار السلطة التنفيذية في ليبيا خلال ساعات

الإعلان عن آلية اختيار السلطة التنفيذية في ليبيا خلال ساعات

05 ديسمبر 2020
انخفضت حظوظ بعض الأسماء المطروحة لتولي مناصب السلطة الجديدة (إتيان لوران/فرانس برس)
+ الخط -

يُنتظر، خلال الساعات المقبلة، أن تعلن البعثة الأممية في ليبيا عن نتائج التصويت على مقترحات آليات اختيار شاغلي السلطة التنفيذية الجديدة، في وقت لا تزال فيه مدينة غدامس تستقبل النواب لعقد جلسة موحدة، الاثنين المقبل، على الرغم من محاولات قطع الطريق أمام عقد الجلسة.

وكشفت مصادر ليبية مقربة من أعضاء ملتقى الحوار السياسي عن أن البعثة الأممية ستعلن، اليوم السبت، عن نتائج التصويت على مقترحات آليات اختيار شاغلي السلطة التنفيذية الجديدة، التي بدأت الخميس الماضي عبر جلستين متتاليتين.

ووصلت إلى أعضاء الملتقى أربعة مقترحات انتهوا من اختيارها، في الجولة الثالثة من الملتقى التي انتهت مساء الخميس الماضي، من أصل ثمانية كان قد تقدم بها أعضاء الملتقى خلال اللقاءات الماضية التي لا تزال تنعقد عبر تقنية الفيديو.

وبحسب المصادر نفسها التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن المقترح المرجح ما زال ذلك الذي يقضي باختيار رئيس المجلس الرئاسي الجديد من أحد أقاليم ليبيا الثلاثة، ورئيس الحكومة من إقليم آخر مختلف، بعد أن يختار كل إقليم، عبر مجمع انتخابي، مرشحين لكلّ من المجلس الرئاسي والحكومة، ويقوم أعضاء ملتقى الحوار بالتصويت المباشر عليهما خلال جولتين من التصويت.

لكن المصادر أكدت، في الوقت نفسه، أن جلسة اختيار شاغلي السلطة الجديدة بناء على الآلية التي ستعلن عنها البعثة "لم تحدَّد بعد"، فيما رجحت أن تنعقد بشكل مباشر بين الأعضاء نهاية الاسبوع الجاري أو مطلع الأسبوع المقبل.

وفيما كشفت المصادر عن أن حظوظ بعض الأسماء المطروحة لتولي مناصب السلطة الجديدة انخفضت، أكدت أن التنافس على رئاسة المجلس الرئاسي كبيرة بين رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، والقنصل الليبي الحالي في المغرب عبد المجيد سيف النصر، فيما ينحصر التنافس في رئاسة الحكومة بين محمد المنتصر، رجل الأعمال المنحدر من مصراته، ومحمد معين الكيخيا السياسي الليبي، ومحمد البرغثي السفير الليبي في الأردن، فيما تراجعت حظوظ وزير الداخلية في حكومة "الوفاق" فتحي باشاغا نسبياً.

وفي الأثناء، أكد عضو مجلس النواب محمد عبد الحفيظ، وصول 121 نائباً إلى مدينة غدامس وإمكانية وصول 12 آخرين خلال الساعات المقبلة، لكنه أكد انسحاب 8 نواب ومغادرتهم غدامس باتجاه بنغازي بناء على دعوة من رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح.

وكان صالح قد وجّه، الخميس الماضي، دعوة لعقد جلسة "في المقر الدستوري للمجلس في بنغازي" يوم الاثنين المقبل، لمناقشة "التطورات الراهنة لأوضاع البلاد"، وفق نص الدعوة، في خطوة اعتبرها الناشط السياسي الليبي مالك هراسة محاولة لقطع الطريق أمام توحيد المجلس.

لكن عبد الحفيظ أكد، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إصرار النواب على انعقاد الجلسة يوم الاثنين المقبل، مشيراً إلى أن عدد من وصل إلى غدامس يوفر النصاب القانوني لعقد الجلسة واتخاذ أي قرارات، على رأسها تعديل اللائحة الداخلية كأساس للنظر في تغيير رئاسة المجلس.

وفي جانب حكومة "الوفاق"، انتقدت وزارة الخارجية كلمة رئيسة البعثة الأممية بالإنابة، ستيفاني ويليامز، أثناء افتتاحها للجولة الثالثة لملتقى الحوار السياسي الأربعاء الماضي، التي أكدت فيها أن "ليبيا تضم حالياً عشر قواعد عسكرية في جميع أنحاء البلاد، وليس في منطقة بعينها تشغلها بشكل جزئي أو كلي قوات أجنبية"، مضيفة أن البلاد "تضم حالياً 20 ألفاً من القوات الأجنبية أو المرتزقة، وهذا انتهاك مروّع للسيادة الليبية".

وخلال كلمة خاطبت الليبيين بالقول: "قد ترون أن هؤلاء الأجانب موجودون هنا كضيوف، لكنهم الآن يحتلون منازلكم. وهذا انتهاك صارخ لحظر الأسلحة"، وأضافت "هم من يتسببون في تدفق السلاح إلى بلادكم، وبلادكم ليست بحاجة إلى مزيد من الأسلحة".

وقالت خارجية حكومة "الوفاق" إنها "لا تشكك في أهمية جهود البعثة ومبادراتها التي حققت نجاحات ملموسة على طريق حل الأزمة"، لكنها طالبت المبعوثة الأممية بـ"تسمية الأسماء بمسمياتها وألا تترك الأمور للتخمين والتفسير".

ولفتت الوزارة، في بيان لها ليل الجمعة، إلى أن الحديث عن تدفّق السلاح وتواجد قوات أجنبية ومرتزقة يوجب الإشارة إلى من اعتدى في حضرة الأمين العام للأمم المتحدة، ومن بدأ بعملية تدفق السلاح وأسماء المنتهكين لقرار حظر الأسلحة والمعرقلين لكافة قرارات مجلس الأمن، في إشارة إلى اعتداء اللواء المتقاعد خليفة حفتر العسكري على طرابلس في إبريل/نيسان من العام الماضي أثناء زيارة الأمين العام للأمم المتحدة إلى طرابلس.

وفيما أكدت الوزارة احترام حكومة الوفاق لـ"مخرجات ملتقى الحوار وتسخير كافة الإمكانات المتاحة لذلك، بما فيها الترتيبات اللازمة لإنجاح إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية"، أكدت أيضاً أن اتفاقيات الحكومة ومذكرات التفاهم التي تعقدها مع الدول الصديقة جاءت "من منطلق حقها الشرعي وواجبها المشروع في الدفاع عن مواطنيها وسيادة دولتها، وهي متوافقة مع القانون الدولي".

وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة لحكومة "الوفاق" بشأن استمرارها في عقد اتفاقات أمنية وعسكرية على غرار الاتفاق الموقع مع الحكومتين التركية والقطرية، إلا أن وزارة الدفاع أعلنت عن عقد اتفاق أمني جديد مع الجانب الإيطالي، حيث نقلت الصفحة الرسمية لعملية "بركان الغضب" التابعة للحكومة، مساء أمس الجمعة، تصريحات لوزير الدفاع صلاح الدين النمروش، أكد فيها أن الاتفاق يقضي بـ"إنشاء لجنة مشتركة للتعاون العسكري في مختلف مجالات الدفاع" في مجالات التدريب والتعليم العسكري وتبادل الخبرات والدعم والتطوير والصيانة والاستشارات والتعاون في مجال الهجرة غير الشرعية.

#عملية_بركان_الغضب: ‏⁧‫ ابرز تصريحات وزير الدفاع الدكتور صلاح الدين النمروش خلال توقيعه اتفاقية التعاون العسكري مع دولة...

Posted by ‎عملية بركان الغضب‎ on Friday, December 4, 2020

ولم تتوقف الانتقادات الليبية لكلمة ويليامز، من بينها انتقادات أعضاء مجلسي الدولة والنواب، حيث اعتبر عضو مجلس النواب علي التكبالي أن ويليامز "تبحث عن إنجاز شخصي"، متسائلاً "لماذا صمتت كل هذا الوقت عن الفساد وتدهور الأوضاع المعيشية؟ وما الذي أعاق تدخلها لفرض عقوبات على الفاسدين أو على الأقل فضحهم في الإعلام؟".

وأضاف، في تصريحات صحافية، أن "تحذيرات أو مكاشفة ويليامز جاءت متأخرة جداً، ولا هدف لها سوى تحقيق إنجاز يحسب لها".

تقارير عربية
التحديثات الحية

ومن جانب المجلس الأعلى للدولة، فقد اعتبر العضو بالمجلس عبد القادر حويلي أن الأوضاع التي أعلنت عنها المبعوثة الأممية "ليست جديدة، وهي موجودة منذ الفترة الأخيرة خلال عهد المبعوث المستقيل غسان سلامة، بل إن الوضع الآن أفضل نظراً إلى انتهاء العمليات العسكرية"، ويرى هو الآخر أن ويليامز "تسعى لتحقيق إنجاز ما قبل مغادرتها، ولو على حساب ليبيا وأهلها".

وأضاف حويلي، في تصريحات صحافية، أن ويليامز "دأبت على إطلاق كثير من التهديدات للأطراف السياسية الليبية في الفترة الأخيرة، لكن ليست لديها الحجة على أحد، وأيضاً ليست لديها القدرة على تنفيذ تهديداتها". وانتقد بشكل واسع الطريقة التي تسيّر بها البعثة أعمال ملتقى الحوار السياسي من خلال التواصل مع أعضائه بـ"شكل شخصي"، معتبراً أنها طريقة أفقدت "عملية التصويت السرية الواجب توافرها، وتفتح التساؤلات حول مدى وجود رقابة محكمة لعملية التصويت".

ويعلق هراسة في حديثه لـ"العربي الجديد" على المستجدات، بالقول إن محاولات عقيلة صالح لقطع الطريق أمام توحد المجلس "لن تتوقف إلا إذا ضمن كرسيه في رئاسة المجلس الرئاسي الجديد، وطمأنته البعثة حول أن منصبه لن يكون نائباً بل يكون رئيساً"، مشيراً إلى قناعة صالح بأن عدد النواب الواصلين إلى غدامس سيوفر النصاب لإعادة النظر في اللائحة الداخلية، وبالتالي فإنه سيفقد ورقته الوحيدة.

ويتابع هراسة حديثه بالقول إن "توصيف بعض النواب لكلمة ويليامز بأنها تبحث عن مجدٍ شخصي في لحظات وجودها الأخير في البعثة صحيح، وأن حديثها عن وجود قواعد ومرتزقة ليس بجديد هو الآخر صحيح"، لكنه في ذات الوقت يرى أن كلمتها لا تكشف إلا عن حدة الخلافات بين المسار الدولي الراغب في تغيير الطبقة الحاكمة الحالية، وإصرار الآخرين على البقاء في مشهد الحكم.

ويلفت هراسة إلى أن مسارات الحلّ السياسي لا تزال تواجه كمّاً من الخلافات الحادة والمتراكمة بين أعضائه، وتصطدم أيضاً بالتوجهات السياسية والأيديولوجية التي لا تزال تتصارع في الكواليس والغموض الذي يشبه بشكل كبير ما حدث أيام إنتاج اتفاق الصخيرات. لكنه يرى في ذات الوقت أن الرهان ينعقد على قدرة مجلس النواب على عقد جلسة موحدة في غدامس، ليتمكن من النأي بنفسه بعيداً عن التجاذبات، توازياً مع قدرة أعضاء الملتقى على اختيار آلية تتوفر على أكثر الضمانات لنقل السلطة ليد طبقة جديدة تقطع الطريق أمام العودة لمشهد الحرب.