قلق من تصعيد أميركي في العراق وسورية بعد هجوم "البرج 22"

قلق من تصعيد أميركي في العراق وسورية بعد هجوم "البرج 22" الدامي

29 يناير 2024
أميركا توعدت بالرد على هجوم البرج 22 (جون مور/ Getty)
+ الخط -

عبّرت الحكومة العراقية، اليوم الاثنين، عن قلقها من انعكاسات جديدة على الأمن في المنطقة، بعد مقتل ثلاثة جنود أميركيين في هجوم بطائرة مسيرة على موقع عسكري بالأردن يحمل اسم "البرج 22"، وسط توقعات برد أميركي يختلف عن السابق ضد الفصائل المسلحة المتورطة في الهجوم، سواء بسورية أو العراق.

وقال المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي، في بيان، إن "الحكومة العراقية، تستنكر التصعيد المستمرّ، خصوصاً الهجوم الأخير الذي وقع على الحدود السورية - الأردنية، كما تتابع بقلق بالغ التطورات الأمنية الخطرة في المنطقة".

وأضاف البيان: "في الوقت الذي يدعو فيه العراق إلى وقف دوامة العنف، فإنه يؤكد استعداده للعمل على رسم قواعد تعامل أساسية تجنب المنطقة المزيد من التداعيات، والحيلولة دون اتساع دائرة الصراع".

وأشار المتحدث باسم الحكومة العراقية إلى أن "انعكاس هذه التطورات يهدد السلم والأمن الإقليميين والدوليين، ويقوض جهود مكافحة الإرهاب والمخدرات، وكذلك يعرض التجارة والاقتصاد وإمدادات الطاقة للخطر".

وأعلن وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، مساء أمس الأحد، أنه والرئيس جو بايدن، لن يتسامحا هذه المرة مع الهجوم الذي استهدف موقع "البرج 22" الذي يقع قرب قاعدة التنف في المثلث الحدودي العراقي الأردني السوري.

ونشرت جماعة "المقاومة الإسلامية في العراق"، التي تضم عدداً من الفصائل المسلحة القريبة من إيران، ساعات قبل إعلان واشنطن مقتل جنودها، بياناً أعلنت فيه استهداف 4 قواعد أميركية في العراق وسورية، بالطائرات المسيّرة، وذكرت أنها استهدفت قواعد الشدادي، والركبان، والتنف في سورية وأخرى رابعة قرب مطار أربيل شمالي العراق.

واختارت فصائل "كتائب حزب الله"، و"النجباء"، و"سيد الشهداء"، والأوفياء"، و"الإمام علي"، الانضواء في جبهة واحدة، أطلقت عليها يوم 12 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، "المقاومة الإسلامية في العراق"، تبنت إلى غاية الآن أكثر من 135 عملية ضد الوجود الأميركي في العراق والأراضي السورية المجاورة.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر أمنية عراقية قولها إن هجوم "البرج 22" نفذته الفصائل العراقية عبر طائرة مسيرة، انطلاقا من منطقة الحمدان في ريف دير الزور التي تنشط فيها الفصائل العراقية المدعومة من طهران، وهي "النجباء" و"كتائب حزب الله".

وقال مصدر مسؤول في رئاسة الوزراء بالعراق لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة متخوفة من رد جوي أميركي داخل العراق، قد يكون الأوسع منذ بدء العدوان على غزة، ويستهدف فصائل محددة.

وأضاف، شريطة عدم ذكر اسمه، "هناك مساع للتواصل مع الجانب الأميركي، بتجنيب العراق أي تصعيد آخر، واعتبار ذلك مهددا رئيسا لاستقرار العراق ككل، وقد يدفع إلى تفجر صراع أكبر، خاصة في حال تم استهداف أي قيادي أو مسؤول بالفصائل"، مشيرا إلى أن "كتائب حزب الله المتهم الأول بالنسبة للأميركيين في هذا الهجوم، ما يعني أن الرد الأميركي سيكون داخل العراق على الغالب، وهو ما تحاول حكومة محمد شياع السوداني إيقافه".

إلى ذلك قال المحلل السياسي والأمني المقيم في واشنطن نزار حيدر، لـ"العربي الجديد"، إن "مقتل جنود أميركيين وإصابة آخرين، لن يمر بدون رد عسكري أميركي، وقد يكون مختلفاً عن كل الردود السابقة، وقد يشمل اغتيال شخصيات بارزة من الفصائل المتورطة بالهجوم".

وبين حيدر أن "اتهام واشنطن لكتائب حزب الله بمقتل الجنود الأميركيين لم يأت من فراغ، بل هو من خلال معلومات استخباراتية دقيقة تمتلكها القوات الأميركية، فهي ترصد كل تحركات تلك الفصائل وعناصرها وقيادتها، وهذه المعلومات تسلم واشنطن جزءاً منها الى الجانب العراقي، لكنه لا يفعل أي شيء فالحكومة تخشى الدخول بأي مواجهة مع الفصائل، التي هي بالأساس مشكلة للحكومة الحالية".

مليشيات إيران تُخلي مواقعها بعد هجوم "البرج 22"

وأفادت مصادر أمنية في بغداد، في وقت سابق من اليوم الاثنين، لـ"العربي الجديد"، بأن فصائل عراقية مسلحة حليفة لإيران أخلت معظم مقارها تحسباً لضربات أميركية متوقعة رداً على هجوم الأردن الذي أدى لمقتل ثلاثة جنود أميركيين.

وتزامن ذلك مع إخلاء المليشيات التابعة لإيران في شرقي سورية مواقع لها تحسبا من رد أميركي.

وذكرت شبكات إخبارية محلية اليوم أن المليشيات الإيرانية أخلت معظم مواقعها قرب قلعة الرحبة في بادية مدينة الميادين شرقي دير الزور، ومن المربع الأمني، ونشرت العناصر في منازل للمدنيين، خوفاً من الاستهداف من الطيران الأميركي.

بدوره، أشار "المرصد السوري لحقوق الإنسان" إلى أن المليشيات الموالية لإيران تعيد تموضعها، على شريط نهر الفرات من مدينة البوكمال إلى مدينة الميادين في ريف دير الزور الشرقي، مضيفا أن تلك المليشيات أخلت نحو 12 موقعاً في مدينتي البوكمال والميادين والمناطق المحيطة بهمها، وانتقلت إلى مواقع بديلة خوفاً من الرد الأميركي.

وتوقع المحلل العسكري رشيد حوراني، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن يكون الرد الأميركي على هجمات المليشيات الإيرانية "إما باستهداف مواقع انتشار تلك المليشيات في سورية كالتي تعمل المليشيات حاليا على إخلائها، أو توجيه ضربة موجعة لأحد الأذرع الإيرانية في المنطقة كالحوثيين في اليمن، أو حزب الله في لبنان".

من جانبه، رجح مدير مركز "الشرق نيوز" فراس علاوي، في حديث مع "العربي الجديد" أن يكون الرد الأميركي على الهجمات الإيرانية في سورية أكثر من العراق، مضيفا: "على الحدود السورية العراقية هناك وجود إيراني مكثف، لذا ربما ستكون هدفا، ولا سيما أن واشنطن تريد التخلص من مصادر الخطر على قواعدها في سورية".

وأشار إلى أن الطيران المسيّر التابع للتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن حلق الأحد فوق منطقة البوكمال، مضيفا: "يبدو أن التحالف بصدد تحديد الأهداف".